ورد في العديد من الأحاديث النبوية أن أعلى درجات ومراتب الجنة هي درجة الفردوس الأعلى، وهذا ما ورد في عدة أحاديث نبوية لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، حيث شملت تلك الأحاديث أن هذه هي الدرجة العليا التي تعتبر من أعلى المنازل والدرجات التي يصل إليها المسلمون المتقون، وهذا يؤكد في ضوء قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: “ذرِ النَّاسَ يَعمَلونَ، فإنَّ الجنَّةَ مائةُ درجةٍ، ما بينَ كلِّ درجتينِ كما بينَ السَّماءِ والأرضِ، والفِردَوْسُ أعلاها درَجةً وأوسَطُها، وفَوقَها عرشُ الرَّحْمنِ، ومِنها تُفَجَّرُ أنْهارُ الجنَّةِ، فإذا سألتُمُ اللَّهَ فاسألوهُ الفِردَوسَ” (الجامع الصغير)
لذا فيجب على المسلم أن يسأل الله -عز وجل- دائماً أنه يبلغه لدرجة الفردوس الأعلى، حيث أن تلك الدرجة هي أعلى منزلة يصل إليها المسلمون المتقون الذين يعملون الأعمال الصالحة في حياتهم ويواظبون على تأدية صلواتهم والقيام بكافة الأمور التي أمرنا الله -عز وجل- بها من أجل أن ننال درجة الفردوس الأعلى التي تعتبر أعلى وأوسط الجنة كما ذكر في الحديث النبوي السابق، حيث أنها تنفجر منها أنهار الجنة ويكون فوقها عرش الرحمن، لذا فهي تعتبر أعلى الدرجات ولكنها يعلوها درجة واحدة فقط وهي درجة الوسيلة.
علماً بإن كلمة جنة ورد ذكرها في القرآن الكريم في مختلف السور القرآنية والآيات البيانات حوالي 139 مرة، كما ورد أيضاً العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أكدت على أن هناك عدة درجات مختلفة للجنة، الدرجة العليا من الجنة هي الوسيلة وتلك الدرجة لا يفوز بها إلا شخص واحد فقط.
ولقد تمنى سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- أن يفوز بتلك الدرجة، وهذا يتضح في الحديث التالي، عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سلوا اللهُ لي الوسيلةَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ! وما الوسيلةُ؟! قال: أعلى درجةٍ من الجنةِ، لا ينالها إلا رجلٌ واحدٌ، أرجو أن أكون أنا هوَ” (هداية الرواة)
وهذا هو السبب الرئيسي وراء الدعاء الذي يدعو به المسلمون بعد كل أذان، حيث يدعو المسلمون لرسولنا المصطفى عليه الصلاة والسلام:” اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد”
وذكر ابن القيم أن معنى درجة الوسيلة هي القريبة، وسميت تلك الدرجة بهذا الاسم؛ نظراً إلى أنها أقرب الدرجات إلى عرش الله سبحانه وتعالى، علماً بأن هناك العديد من علماء الدين الذين قاموا بالجمع بين الأحاديث النبوية التي ذكرت الفردوس الأعلى بأنها أعلى درجات الجنة وبين الأحاديث النبوية التي وضحت أن الوسيلة هي الدرجة العليا والقريبة من عرش الله عز وجل، وقالوا إن هذا يعني أن جنة الفردوس عبارة عن عدة درجات وأعلى درجة من درجات الفردوس هي الوسيلة التي اختصها الله -تبارك وتعالى- إلى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
والجدير بالذكر أن التفاوت الكامن في درجات الجنة يكون وفقا لتفاوت العباد في الأعمال الصالحة التي يقومون بفعلها خلال حياتهم، فكلما زادت الأعمال الصالحة التي يقوم بها الفرد كلما زادت درجته في الجنة.
أبواب الجنة الثمانية
أشار سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بإن هناك ثمانية أبواب مختلفة للجنة، لذا سوف نقوم بعرض أسماء تلك الأبواب في التالي:
الصلاة
الريان
الزكاة
الجهاد
الصدقة
الصلة
الحج والعمرة
ما هي أسماء الجنة
هناك عدة أسماء للجنة، والتنوع الكامن وراء تلك الأسماء يعود إلى تنوع ألوان النعيم فيها، علماً بأن جميعها جنات، ولكن المسميات المختلفة ترجع إلى المقام، لهذا ذكر الله -عز وجل- في الآيات القرآنية عدة أسماء للجنة على حسب ما بداخل كل مقام من نعيم، ويتضح الاختلاف الكامن وراء هذه الأسماء في التالي:
الجنة: هذا هو الاسم العام والمتداول الذي يرمز إلى النعيم الذي سوف يلقاه المسلم المؤمن في الدار الأخرى التي أعدها الله -تبارك وتعالى- إلى عباده، وكلمة الجنة هي كلمة تحمل معاني تشير إلى التغطية والستر، نسبةً على ما تحتويه من لذة وبهجة وسرور جزاءً للمؤمنين.
دار السلام: سميت الجنة بدار السلام؛ نظراً إلى أنها تُعد دار السلام والسلامة من كافة الآفات والابتلاءات المختلفة، فهي دار الله عز وجل، والله -تبارك وتعالى- هو السلام، كما أن أهل الجنية يسلمون على بعضهم البعض بالإضافة إلى أن الله تبارك وتعالى سلم الجنة إلى أهلها، جميع تلك الأسباب جعلت الجنة يُطلق عليها دار السلام.
دار الخلد: سُميت الجنة بهذا الاسم بسبب أن أهلها سوف يكونون دائمي الإقامة فيها، حيث إنهم لن يخرجوا منها نهائياً، وسوف يمدهم الله عز وجل فيها بجميع الخيرات والرزق بشكل مستمر دون انقطاع.
الفردوس: تًعني البستان، الذي يحوي على عدة خيرات ينالها العباد المؤمنون المتقون بإذن الله.
جنة المأوى:ورد أن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت أن جنة المأوى هي جنة من الجنان، وورد عن ابن عباس رضي الله عنه أنها هي التي يأوي إليها جبريل والملائكة عليهم السلام.
جنة النعيم: هذا الاسم هو الجامع لجميع الجنات، وهذا بسبب أن جميع الجنات تضمن العديد من الألوان والأشكال المختلفة من النعيم سواء كان هذا النعيم من طعام أو شراب أو مناظر أو روائح عطرة سينالهم المؤمنون كما قال الله تعالى:”إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ” (لقمان:8).
دار الإجلال: تُسمى الجنة بدار الإجلال أو الجلال بسبب أن كافة مدائنها من نور بالإضافة إلى أن قصورها وبيوتها وشرفها وأبوابها وأعاليها وأسافلها من نور، والجدير بالذكر أن تلك التسمية لم ترد في القرآن الكريم بل وردت عن ابن عباس رضي الله عنه.
دار المقامة: سميت الجنة بدار المقامة حيث أن أهلها المقيمين فيها لا يموتون ولا يتحولون عنها نهائياً ودار المقامة مصطلح يُعني الإقامة المستمرة.
أسئلة شائعة
هل الجنة درجات متفاوتة؟
هناك حديث لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وضح فيه بأن في الجنة هناك مئة درجة وما بين كل درجتين مسافة كالمسافة ما بين السماء والأرض، والسبب الأساسي وراء وجود درجات متفاوتة للجنة هو أن أعمال البشر في الحياة الدنيا لا تكون متساوية لذلك يوجد تفاضل في الدرجات تبعاً للاختلاف في أعمال الناس في الحياة الدنيا.
هل تتزوج الفتاة في الجنة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ما في الجَنَّةِ أَعْزَبُ” (صحيح مسلم) حيث إن كان هناك امرأة ماتت قبل أن تتزوج فسوف يزوجها الله تبارك وتعالى في الجنة من رجل صالح من أهل الدنيا، وهذا أيضا ما قاله الشيخ ابن عثيمين حيث إنه قال: إن توفت امرأة وهي غير متزوجة في الدنيا فإن الله سبحانه وتعالى سوف يزوجها ما تقر به عينها في الجنة.
لماذا وعد الله الرجال بحور العين في الجنة ولم يعد النساء؟
يٌقال من قبل بعض الفقهاء أن الحكمة من ذلك والله أعلم هي أن الرجال هم القوامون على النساء، وإنهم عندما يتم وعدهم بهذا الشيء، فذلك قد يجعلهم أكثر نشاطاً في القيام بالأعمال الصالح حتى يدخلوا الجنة، كما أن هذا يجعلهم يحرصون على طلب الأخرة، ويحرصون أيضاً على عدم ركونهم إلى الحياة الدنيا التي تحول بينهم وبين الجنة المليئة بالخيرات، أما فيما يخص لماذا هذا الوعد خاص بالرجال دون النساء، فذلك غالباً بسبب أن النساء تابعات للرجال.