عقيدة الإنسان هي أغلى ما يملك، وهي أصل وأساس ثابت في الدين، والعقيدة أو الإيمان يقصد بهم الإيمان بالله وكتبه وملائكته ورسله والقدر خيره وشره واليوم الآخر، ومن الواضح في عصرنا الحالي انحراف كثير من الشباب عن عقيدتهم وإيمانهم حتى دون أن يدركوا ذلك، فما هي الاسباب وراء الانحراف عن العقيدة؟
اسباب الانحراف الايماني كثيرة ومختلفة، ويرجع هذا الاختلاف فيها لعدة أمور هامة وتصنيفات مختلفة من أهم هذه التصنيفات الآتي:
عوامل خاصة بالبيئة المحيطة أو الأقاليم المتمركز فيها الناس.
عوامل راجعة للمجتمعات والعادات والتقاليد الخاصة بها، أو متعلقة بالأفراد والفروق الشخصية بينهم.
عوامل متعلقة بمدى تقدم الدولة أو تأخرها من الناحية الاقتصادية، فالتطور العلمي والاقتصادي والتكنولوجي من شأنه أن يزيد من مشكلات العقيدة وذلك لشدة التركيز على النجاح الدنيوي بكل الوسائل وللحد الذي يجعل من الدنيا غاية وليست وسيلة.
الانحراف عن العقيدة له تاريخ كبير وطويل يبدأ منذ اللحظات التي انشقت فيها فرق من المسلمين لعدة أشياع، ربما كانت هذه البداية والمنطلق الذي أسفر عن كل هذه التخلخلات العقائدية الموجودة بوضوح في عصرنا الحالي، والتي نشأ عنها أسبابًا مختلفة للانحراف منها الداخلية والخارجية.
من الأسباب الداخلية التي ادت إلى الانحراف في العقيدة
بالحديث عن العوامل التي أدت إلى ظاهرة الانحراف العقائدي، نذكر منها العوامل الداخلية التي تسببت فيه والتي من أهمها الآتي:
أصل الدين القرآن الذي أُوحي إلى النبي الأمين به، والحديث، لذلك تلقي الدين من مصادر أخرى غير التي نزل بها أو من غير المنوطين بتعليمه وشرحه وهم العلماء يعد من أهم أسباب الانحراف عن العقيدة.
الجهل من أهم مسببات الانحراف عن العقيدة، فهو يجعل من السهل التلاعب بالعقول والابتداع واستدراج النفوس نحو الالحاد والانحرافات المختلفة في العقيدة.
وجود خلل لدى بعض الناس في قدرتهم على تفسير النصوص القرآنية أو الدينية بشكل عام، فيقعون في مشكلة التفسير الخاطىء وبالتالي اصدار أحكام لا علاقة لها بالشريعة ولا العقيدة وهو ما يعد انحرافًا كذلك.
اتباع النفس الأمارة بالسوء والهوى، والسير في خطوات الشيطان واخضاع النفس له ولأوامره المضلة عن طريق الله وعن الهدى من أهم الأسباب الداخلية التي ينتج عنها الخروج والحيد عن العقيدة السليمة.
التشدد بكل أنواعه، أو التطرف بتعبير أدق، فبعض الفرق والجماعات تميل لتغليظ العقوبات التي نزلت من لدن الله بل ويحرمون ما أحله لعباده أحيانًا، أو يرقوا بالسنن لدرجة الفريضة وتكفير تاركها والتركيز على التهديد والوعيد لذلك تعد من أسباب الانحراف عن العقيدة حتى ولو بدا ذلك في بعض الأحيان تمسكًا بها.
ترك مساحة واسعة من إبداء الآراء في الدين، فالأحكام الشرعية ليست مجالًا لطرح الآراء فلا يجب السماح بالحديث فيها لغير العالمين بها، ومن أمثلة ذلك ما يحدث في بعض الدول من إبداء الآراء في بعض الأحكام الصارمة في الدين كالمواريث والاجهاض وغيرها والذي يعد إحدى صور الانحراف العقائدي.
من أسباب الانحراف الخارجية عن العقيدة الإسلامية
أما الأسباب الخارجية للانحراف العقائدي فهي عديدة، ومن الطبيعي أن يتأثر المرء بالبيئة التي حوله نتيجة للتفاعل المستمر بينهما ولكن ينبغي أن يتوقف حد هذا التأثر عند درجة عدم الإيذاء والتأثير السلبي على المرء، وأهم هذه الاسباب الآتي:
وقوع بعض البلاد المسلمة بجوار بعض البلاد التي لا تعمل باحكام الدين أو التي لا تضعه في المكانة المناسبة له، فيبدأ المسلمون المجاورون لهذه البلاد في آخذ العادات الغريبة منهم واتباع ثقافتهم بدون علم ولا فهم لمدى تعارضها مع عقيدتهم كاحتفال بعض المسلمين مثلًا بأعياد الديانات الأخرى.
العولمة والآثر الفج لها في عصرنا هذا، والتي جعلت لا داع للتواجد بجانب الدول الملحدة أو غير المؤمنة بوجود الله، وطرح هذه الأمور على كافة وسائل التواصل الاجتماعي التي تصل لشريحة كبيرة من الشباب والمراهقين وبالتالي يتأثروا بها.
ضعف وقلة تدريس وتعميق العقيدة في كثير من الدول وعدم اهتمامهم بالتربية الدينية للأطفال والشباب، الأمر الذي أدى بالتبعية إلى جهل كبير في الجيل الحالي بدينهم وأوامره ونواهيه، وبالتالي انحراف عن دون دراية في عقيدتهم وإيمانهم.
محاربة كثير من الملحدين وبعض أصحاب الديانات الأخرى للدين الإسلامي ومحاولة إثارة الشبهات حوله وطرح قضايا خاصة بالإسلام للنقاش على مستويات واسعة وبجهل واضح الأمر الذي يجعل البعض يتشكك في الإسلام وقناعاته وبالتالي الانحراف.
معنى البدع والانحراف عن العقيدة
البدع من الأمور التي نهانا عنها الدين الإسلامي بنصوص صريحة وواضحة، فما هي؟ وما علاقتها بالعقيدة؟ وما مدى تأثيرها عليها؟ يمكننا معرفة الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال الآتي:
من الناحية اللغوية البدعة هي الشيء المخترع الذي لا يوجد مثال عليه أو سابقة مثله، أما من الناحية الشرعية فهي كل محدثة في الدين سواء بالزيادة أو بالنقصان، ولا يشملها الأمور الدنيوية كالاختراعات والصناعات المختلفة.
البدع كلها مذمومة لأنه بنص الحديث فإن البدعة كلها ضلالة، فلا يوجد بدع حسنة أو مستحبة ولا يجب الابتداع في الدين بل اتباع السنن المحمودة منه.
“عن جابر بن عبد الله، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ أتتْكم الساعةُ بغتةً ، بُعِثتُ أنا والساعةُ هكذا ، صبحَتْكم الساعةُ ومستْكم ، أنا أولى بكلِّ مؤمنٍ من نفسِه ، من ترك مالًا فلأهلِه ، ومن ترك دَيْنا أو ضَياعًا فإليَّ وعليَّ ، وأنا وليُّ المؤمنين”.
صحيح الجامع، محدث الألباني.
البدعة لا يوجد لها أصل في الشرع أو الدين، أما ما وُجد له أثر في الشرع أو في قصص الأنبياء والصحابة والتابعين فلا يعد بدعة ولكن يدخل تحت مسمى القواعد.
علاج الانحراف عن العقيدة
لا شك أن لكل عرض سبل للوقاية والعلاج، والانحراف العقائدي شأنه كشأن كثير من الأمراض التي يمكن الشفاء منها أو اقتلاعها من جذورها، لذلك أهم طرق علاج الانحراف عن العقيدة تكون كالآتي:
نبذ التعصب والتشدد للرأي ومحاولة زحزحته جهة الشرع لإثباته في حين أن الحكم الشرعي يكون أكثر وسطية وتفهم للنفس البشرية والطبيعة الإنسانية، وبث معاني الرحمة والإخاء التي حثنا عليها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
زيادة الوعي الديني وعمل الندوات والدورات التوعوية الدينية بقيادة العلماء والفقهاء ورجال الدين، وتجديد الخطاب الديني لكي يتناسب مع طبيعة العصر وآفاته وكيفية وقاية الشباب منها وفتح مراكز التعليم الديني وزيادة الاهتمام بالعلوم الدينية في المراحل العمرية والدراسية المختلفة.
معرفة الله حق معرفته، وصفاته وصفات عباده والسعي لعمارة الأرض التي أمرنا بها، فمعرفة ماهية وجودنا وأسباب خلقنا من أهم الطرق التي تدفعنا نحو الإحسان ونبذ الكراهية ونشر تعاليم الدين السمحة بين الناس.
التفكير قبل التقليد، وعدم الآخذ من الثقافات الأخرى عن دون وعي وفهم، وإعمال العقل في كل الخطوات التي يتم اتخاذها، فالتقليد الأعمى من أهم الأسباب التي قادت أممًا كاملة نحو الانحراف وظلمات الجهل من جديد بعدما أنار الله طريقهم بالإسلام وتعاليمه.
الربط بين العقيدة والتربية، فالعقيدة ركن قوي من أركان التربية لا بد أن نزرعه بقوة في صغارنا وننشأهم عليه لكي يجدوا ما يحتموا به من جنون العصر ومشكلاته التي لا تنتهي.