إن الفيلسوف أرسطو قام بإطلاق لفظ محدد على الاستنتاج العقلي وهو لفظ البرهان، لأن هذا الاستنتاج يتطلب وجود نتيجة مبنية على المبادئ، فمن هنا عمل على تعريف البرهان المنطقي كالآتي:
البرهان المنطقي هو عبارة عن القياس الذي يتكوّن من يقينيات تهدف إلى الإنتاج اليقيني.
حيث إن اليقينيات تُنصف من الضروريات أو النظريات.
فهذا البرهان يسعى إلى جعل الحد الأوسط فيه بمثابة علة وفقًا للنسبة الأكبر إلى الأقل.
فإن كان هو السبب وراء وجود هذه النسبة في الخارج فهنا يكون البرهان المنطقي حجة عرجاء أي برهان “لمي”.
فمثلًا إن قلنا هذا الشيء يعد متعفن الأخلاط، فهذا يعني أن كل متعفن أخلاط يعتبر محموم.
فهذه علة واضحة تساهم في ثبوت الحمى بالذهن إلى جانب ثبوتها بالخارج.
وإن لم يكن الأمر كذلك فأيضًا يتمثل سبب العلة للنسبة في الذهن، وهو ما يُطلق عليه اسم برهان إِني، فإن قيل هذا محموم متعفن الأخلاط، فهذا يشير إلى أن الحمى علة تؤكد تعفن الأخلاط داخل الذهن، وهي ليست علة موجودة في الخارج.
خلاصة القول يطلق على البرهان من العلة إلى المعلول اسم برهان “لمي”، في حين أن البرهان من المعلول إلى العلة يعرف باسم “إِني”.
ما هي مناهج بناء البرهان المنطقي
هناك ثلاثة مناهج يعتمد عليها البرهان المنطقي في عملية تأكيد ونفي المعلومة، ففي السطور التالية سوف نوضحها لكم:
المنهج الاستدلالي
يُطلق عليه أيضًا اسم منهج الاستنتاج، وهو عبارة عن منهج علمي يتم استخدامه في البحث العلمي وكذلك في الأمور البحثية.
كما أنه من أبرز أساليب البرهنة، وذلك لقيامه بدراسة مشكلة ما بشكل كلي بدءًا من المُسلمات أو النظريات ونهايةً بالجزيئات.
أي أن المنهج الاستدلالي ينتقل بسهولة من الجزء للكل، إذ إنه يلعب دورًا كبيرًا في استنباط الحقائق بعد دراسة مشكلة ما في مجال محدد.
ومن مميزات هذا المنهج هو القدرة على توفير المعلومات الرقمية والمساهمة في تحليل المتغيرات والفرضيات البحثية التي يعمل الباحث على وضعها في المعلومات المبدئية.
إلى جانب أنه يعتمد على المنطق ويستخدمه في شتى الخطوات، ويستم بالتنظيم العلمي.
كما أنه يفيد في الأبحاث الإنسانية والعلوم التطبيقية وغيرها من الأمور التي تتطلب الوصول إلى النتائج المنطقية.
ويعتمد المنهج الاستدلالي على 3 قواعد أساسية وهم كالآتي:
المُسلمات: هي الأمور المعروفة والبديهية بالنسبة للجميع.
المُصادرات: هي الأمور الخفية وذات الكفاءة الأقل من المسلمات ولكنه مسلم يحقيقتها.
التعريفات المنطقية: هي أجزاء تتعلق بعلم ما وتقوم بشرح معانٍ ومصطلحات محددة فيه.
فضلًا عن ذلك فهو يستخدم عدة أدوات مثل القياس العلمي المسؤول عن التطلع لنظريات صحيحة في الماضي، والتجربة العقلية المساهمة في شرح وجهة النظر المطروحة باستفاضة، وكذلك التركيب بأسلوب منهجي للنتائج.
هناك ثلاثة أنواع من الاستنتاجات يتم التوصل إليها من المنهج الاستدلالي وهم الاستنتاج التحليلي والاستنتاج الصوري والاستنتاج الحسابي.
ويُجدر بالإشارة إلى أن الباحثون اكتشفوا مجموعة من العيوب في المنهج الاستدلالي حيث تمثلت في عدم تناسب العينة المختارة مع تطبيقه، وفي احتمالية كون الفرضيات غير منطقية أو خاطئية، وفي ارتباط النتائج بالمكان والزمان وتأثيرها على متغيرات البحث.
المنهج الاستقرائي
يُعرف المنهج الاستقرائي باسم آخر وهو المنهج الاستنباطي.
فلقد تم التوصل إلى هذا المنهج بواسطة المنطقيين وكذلك علماء النفس منذ وقت طويل.
وهو عبارة عن عملية يلجأ لها الباحث بهدف الارتقاء بالحالات البسيطة والولوج بها إلى القواعد العامة بالإضافة إلى الأسس الكاملة في نفس الوقت.
وهذا المنهج يُستخدم بشكل شائع في العلوم الطبيعية والإنسانية.
كما أنه يعتمد على مجموعة من الأدوات، فمن أبرزها:
الملاحظات: هي أداة تقوم بجمع البيانات التي سيتم تحليلها علميًا، وهي تنقسم إلى الملاحظات المقصودة أي المساهمة في تحديد المنهج العلمي، وذلك الملاحظات البسيطة والتي يجدها الباحث بالصدقة.
الفرضيات: هي عبارة عن أفكار توضع بواسطة الباحث من أجل تفسير البحث وفقًا لها، فإن نجحت تُصنف كفرضيات صحيحة.
التجارب: هي ما يقوم به الباحث من اختبارات مختلفة اعتمادًا على الفرضيات الموضوعة بهدف التحقق من صحة المنهج المعتمد.
ويمر المنهج الاستقرائي بالعديد من المراحل، حيث تكون المرحلة الأولى هي تحديد النظرية أو المقدمة المحورية من خلال طرح عدة أشياء واقعية وصحيحة.
في حين أن المرحلة الثانية هي تحديد الجزيئات وفقًا للقاعدة التي يتم اتباعها.
والمرحلة الثالثة تتمثل في وضع الفرضيات إلى جانب مجموعة من الأسئلة البحثية لإثبات صحة النتائج، ويتم الاستعانة فيها بعينات الدراسة أو التجارب.
ومن الجدير بالذكر أن المنهج الاستقرائي ينقسم إلى نوعين وهما:
الاستقراء الكامل: يتم وفقًا بعدة شروط كانتشار العنى في جميع الجهات المتعلقة بالمشكلة، وتكرار نتيجة الاستقراء في الملاحظات التابعة لمشكلة البحث العلمي.
الاستقراء الناقص: يُطلق عليه اسم الاستقراء غير اليقيني وفيه يتجه الباحث بسهولة من الجزء إلى الكل.
المنهج القياسي
يُسمى أيضًا باسم منهج المماثلة والقياس، وفيه يتم الانطلاق من الأحكام العامة واليقينية إلى الأحكام الخاصة لكي يتم اشتمال الحكم العام عليها.
وهو يختص بدراسة العمليات العقلية المجردة، إذ يستخدم في البرهنة للتحقق من مدى صدق مقدمات القياس.
ويُجدر بالإشارة إلى أن نتيجة القياس لا تعد صحيحة إلا إذا كانت المقدمة صادقة.
والمنطق القياسي عندما يقول على أي قضية إنها صادقة فإنه يقصد من ناحية الشكل وليس المضمون.
لذا فهو يتطلب إثبات جميع الأمور المتعلقة بالمشكلة.
علمًا بأنه في الآونة الأخيرة تم استخدام المنهج القياسي في عملية اتخاذ القرار لقدرته على الاستدلال على ما يعرفه متخذى القرار وبالتالي بلوغ ما لا يعرفونه، أي الانتقال من جهة المعلوم إلى جهة المجهول.
تعريف البرهان فلسفيا
إليكم في النقاط التالية بتعريف البرهان في علم الفلسفة:
هو عملية استدلال يتم من خلاها التأكيد على الصدق في قضية ما أو نفي الكذب.
حيث تُعرف الاستدلالات التي يُبني على أساسها البرهان وتترتب عليها بشكل منطقي نتائج القضية باسم الحجج.
فمن المفترض أن تكون الحجج صادقة أي لا تشمل مقدمات افتراضية تتطلب برهنة صحتها، وإلا فسوف تكون النتيجة خاطئة.
ومن الجدير بالذكر أن البرهان المبني على كذب القضية يعرف باسم التنفيد.
البناء المنطقي لتأكيد صحة القضية أو نفيها
تمر عملية تأكيد صحة القضية أو نفيها بعدة مراحل، حيث إنها لا تتم بشكل مباشر، فمن هذه المراحل ما يلي:
بناء مجموعة من الاستدلالات المنطقية.
القيام بتجميع البراهين عبر الاستعانة بالاستدلالات.
استخدام البراهين المنطقة لكي يتم إقامة الحجة على تصديق المشكلة أو القضية.
إنكار القضية من خلال دخول مرحلة التنفيد والتي تتطلب نفي الحجج المنطقية لتجنب التسبب في صحة القضية إلى أن يتم إثبات كذبها.
الفرق بين البرهنة والاستدلال
هناك فرق قد لا يكون جليًا بالنسبة للبعض بين البرهنة والاستدلال فهو كالآتي:
البرهنة: هي عملية استعمال الحجة البينية بهدف إثبات صحة قضية ما، وهي أيضًا عملية مراقبة الأسئلة لمعرفة ما إذا كانت صحيحة أم خاطئة.
الاستدلال: عملية تقديم الدليل لإثبات أمر ما، ففيها يتم التفكير ومن ثم وضع الحقائق والمعلومات بطريقة منظمة، وهو يتم بالقدرة على الإقناع والاستنباط، وتوليد معرفة جديدة، والوصول إلى قرار محدد وجيد.