ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز العديد من صفات المنافقين وقد حدثنا عنهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
صفات المنافقين في القرآن الكريم
من أول صفات المنافقين هو عدم الانسياق لأوامر الله -عز وجل- وأتباع أوامره وتجنب نواهيه فهم يتبعون أهواءهم التي تخالف أوامر الله -عز وجل- وأوامر رسوله الكريم، فقد قال الله عنهم في القرآن: (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).
قال الله -عز وجل- عن المنافقين أنهم يريدون متاع الدنيا، فهم يحبون الدنيا، ولا يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها، وإذا حدثتهم عن الآخرة يجعلون أصابعهم في آذانهم، أما إذا حدثتهم عن شيء من متاع الدنيا وزينتها فيستمعون بإنصات.
ومن صفاتهم التي حدثنا عنها الله -عز وجل- الرياء والرياء هو أنهم يقولون شئ ويفعلون شيئاً آخر لكي يكسبوا تعاطف ورضا البشر، ولا يخافون من الله -عز وجل- فهم يخرجون الصدقات أمام الناس فقط لكي يمدحوهم ويمجدونه وليس ابتغاء مرضاة الله تعالى ولا طمعاً في الثواب ومخافة العقاب فقال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا).
ومن صفاتهم التي حدثنا الله عز وجل عنها هي الحيرة الشديدة فهم حائرون في الدنيا وقلوبهم حائرة لا إلى الإيمان ولا إلى الكفر يوماً يتبعون المؤمنين وأخر يتبعون الكفار(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا).
يتربصون بالمؤمنين وينتظرون وقوعهم وهزيمتهم ويتصنعون الفرحة بنصرهم ولكنهم كانوا ينتظرون الهزيمة والانكسار لهم لكي يشمتوا بهم فقال الله تعالى (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)
يقولون أحسن القول ويتحدثون بمعسول الكلام ولكن يشهد الله على ما في قلوبهم من الغل والحقد والكراهية فقال تعالى عن المنافقين (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ).
فاسدون في الأرض فالمنافقون يفسدون بين الناس ويوقعون بين الأصدقاء والأزواج ويخربون البيوت فقال الله تعالى (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ).
يحلفون بالله كثيراً في معظم كلامهم استهانةً باليمين وشعوراً منهم بأن الناس لا يصدقونهم فيحلفون كذباً بالله عز وجل لكي يصدقهم الناس فقال الله تعالى (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ).
إذا أعلنوا إسلامهم لم يلبثوا كثيراً حتى يخرجوا عنه فإنهم لا يتحملون أحكام الدين ولا يستطيعون الالتزام بها ويرجع ذلك إلى عدم إيمانهم فقم يقولون أسلمنا بأفواههم ولم يدخل الإيمان إلى أفئدتهم فقال الله تعالى (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطُبعَ على قلوبهم فهم لا يفقهون)
ومن صفاتهم التي حدثنا الله عز وجل عنها هي قوة البنية والمظهر الحسن ولكنك إذا جلست معهم وجادلتهم تختفي من ذهنك تلك الصورة الحسنة عنهم قال الله تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
المنافقون يشعرون دائما بالندم ويحملون أعباءً وهموماً كثيرة ولا يريدون الخير بالمؤمنين بل يتربصون بهم الشر.
أنواع النفاق
النفاق الأكبر
وهذا النفاق ينطبق على من يتقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقول على لسانه ما لم يقله أو يستهزئ بالرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أو يكذب أحاديثه ويبغضها وينكرها أو ينكر سنته، أو يدعو الناس إلى عدم الدخول في الإسلام، ويروج عنه الشائعات ويشعر بالضيق والحزن والبغض إذا تحقق انتصاراً ينسب للدين الإسلامي الشريف، ومن يوجد بداخله صفة هذا النفاق الأكبر، فقد وعده الله تعالى بالدرك الأسفل من النار فقال تعالى في كتابه العزيز: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) وقد خصهم الله تعالى بالدرك الأسفل من النار كونهم يضمرون الكفر في داخلهم يظهرن الإيمان لكي يخدعوا الناس، لكنهم أبعد الناس عنه فهم لا يقيمون العبادات إلا رياءً ابتغاء مرضاة الناس.
النفاق الأصغر
وهذا النوع من النفاق ينطبق على من يؤمنون بالله عز وجل ويتبعون أوامره ويجتنبون نواهيه ويستقر الإيمان فى قلوبهم ولكنهم يمتلكون بعض صفات المنافقين ويفعلون أفعالاً تنسب للمنافقين فإذا غلبت تلك الأفعال والصفات على الإيمان يكونون من المنافقين الذين وعدهم الله عز وجل بالدرك الأسفل من النار وإذا غلب الإيمان وأكثروا من طاعة الله تعالى يهديهم الله عز وجل ويصرف عنهم هذه الصفات ويجنبهم تلك الأفعال وما عليه إلا الدعاء والتضرع لله تعالى فخير الدعاء (اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)
أحاديث عن النفاق وصفات المنافقين
جاء في عدد من الأحاديث النبوية وحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفات المنافقين ومن أشهر هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم (آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ ، وإذا وعَدَ أخلَفَ ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ).
وقد حدثنا صلى الله عليه وسلم عن كره المنافقون في الذهاب إلى صلاة الجماعة فقال: (ليسَ صَلَاةٌ أثْقَلَ علَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ والعِشَاءِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، لقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ المُؤَذِّنَ، فيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِن نَارٍ، فَأُحَرِّقَ علَى مَن لا يَخْرُجُ إلى الصَّلَاةِ بَعْدُ) وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (لقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إلَّا مُنَافِقٌ قدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ، أَوْ مَرِيضٌ، إنْ كانَ المَرِيضُ لَيَمْشِي بيْنَ رَجُلَيْنِ حتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةِ، وَقالَ: إنْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى، وإنَّ مِن سُنَنَ الهُدَى الصَّلَاةَ في المَسْجِدِ الذي يُؤَذَّنُ فِيهِ).
والمنافقين تثقل عليهم الصلاة وخاصة صلاة الجمعة وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من تقاعد عن الذهاب إلى صلاة الجمعة فإنه من المنافقين فقال في حديثه الشريف (مَن تَركَ الجُمُعةَ ثَلاثًا مِن غيرِ عُذْرٍ فهوَ مُنافقٌ).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المنافقين يكرهون الأنصار ولا يكرمونهم فجاء في الحديث: (الأنْصارُ لا يُحِبُّهُمْ إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضُهُمْ إلَّا مُنافِقٌ، فمَن أحَبَّهُمْ أحَبَّهُ اللَّهُ، ومَن أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ اللَّهُ).
وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال في المنافقين أنهم يكرهون الله عز وجل ويكرهون نبي الله صلى الله عليه وسلم فعن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: (غَدا عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَ رَجُلٌ: أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُنِ؟ فقالَ رَجُلٌ مِنَّا: ذلكَ مُنافِقٌ، لا يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ألا تَقُولوهُ: يقولُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بذلكَ وجْهَ اللَّهِ قالَ: بَلَى، قالَ: فإنَّه لا يُوافَى عَبْدٌ يَومَ القِيامَةِ به، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه النَّارَ).
المنافقين يكون فيهم أقبح الصفات مثل الغدر والخيانة والكذب والغدر ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ).