ابحث عن أي موضوع يهمك
معنى كلمة المراء اللغة العربية هو ما يدور حوله مقالنا الذي نقدمه في مخزن والتي لا يعلم معناها الكثيرون، حيث تعتبر اللغة العربية من أعظم اللغات، فهي اللغة التي اصطفاها الله تعالى لينزل بها كلماته على نبيه الأمين في القرآن الكريم، والتي تعد بمثابة البحر العميق المليء باللغويات والمصطلحات الغنية ذات المعاني العميقة، ولكنها بالرغم من ذلك تعتبر من اكثر اللغات تعقيدًا وصعوبة، حيث قد يتغير معنى الكلمة بتغير حرف من حروفها أو تغير ضبط الحرف نفسه، لذا نعرض لكم في فقراتنا التالية معنى مراء، ورأي القرآن الكريم والسنة النبوية فيها.
يقصد بكلمة المراء في اللغة العربية الشك وعدم اليقين والتأكيد سواء بالفعل أو القول، وعندما يقال أن الشخص لا مراء بكلامه فإنه يعني عدم وجود أي ظن أو شك في صحة كلامه أو حديثه، وتنطق مراء (مفرد) بكسر حرف الميم والصدر منها ماري، وقد اشتقت تلك الكلمة من مري وهو فعل ثلاثي، وما يتم وصفه من الأمور بلا مراء به هو الأمور التي من غير الممكن الشك أبدًا بصحتها، مثل آيات القرآن الكريم، وكلام الخالق جل وعلا، حيث إن المسلم الحق لا يماري بقول أنزله الله تعالى على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن يماري فإنها من صفات المشركين الكافرين.
المراء في اللغة هو المماراة والتماري والجدال على مذهب الريبة والشك، ويطلق على ما يتم عقده من مناظرات مماراة، وماريته أي جادلته، أما معناها في الاصطلاح فيقصد به كثرة ملاحاة الشخص لإفحامه وإظهار غلطه بهدف الترفع، وهو ما قال فيه الجرجاني (المراء: طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير)، كما قال الهروي عنه (أن يستخرج الرجل من مناظره كلامًا ومعاني الخصومة وغيرها).
وردت كلمة المراء في كتاب الله العزيز الحكيم في سورة الكهف في قول الله عز وجل في الآية 22 منها (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا)، وتعني مراء في الآية الكريمة أمر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بألا يتلوا إلا ما أوحي له من الله جل وعلا من أمرهم.
لكل من كلمة الجدال والمراء معنى قريب من الأخرى، ولكن الجدال من الأمور المعاكسة فيما يتعلق بالذم، حيث إن المراء من الأمور الغير محبذة، بينما الجدال فإنه غير مذموم لما يقصد به من التفاهم والمناقشة في أمر ما من أجل التوصل إلى معناه الصحيح والحقيقي، في حين أن المراء يعني المجادلة في أمر عقب التأكد والتحقق من صحته على نحو نهائي وتام، وهو ما يشير إلى أن كلمة المراء من الكلمات المذمومة الغير محبذة، في حين يختلف ذلك المعنى عندما يسبقها لا الناهية، حيث يعني معناها التشكيك في صحة أمر ما هو في حقيقته صحيح.
سنتناول في فقراتنا التالية ذم الجدال والمراء والنهي عنهما بالاستدلال من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة:
يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 197 (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قول الله تعالى لا جدال في الحج أي أن تماري صاحبك لكي تغضبه، وعن ابن عمر رضي الله عنه (الجدال المراء والسباب والخصومات)، وعن ابن عباس رضي الله عنه (الجدال: المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك)، وهو ما قال فيه السدي (قد استقام أمر الحجِّ فلا تجادلوا فيه).
ويقول في ذلك الطبري (اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: النهي عن أن يجادل المحرم أحدًا. ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال بعضهم: نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه)، وفي قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 204 (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) ففي تفسير الآية الكريمة يقول العيني (أي شديد الجدال، والخصومة، والعداوة للمسلمين).
كما ويقول تعالى في سورة آل عمران الآية 66 (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)، وفي ذلك يقول الطبري (يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ها أنتم: هؤلاء القوم الذين خاصمتم وجادلتم فيما لكم به علم من أمر دينكم الذي وجدتموه في كتبكم، وأتتكم به رسل الله من عنده، وفي غير ذلك مما أوتيتموه، وثبتت عندكم صحته، فلم تحاجُّون؟ يقول: فلم تجادلون وتخاصمون فيما ليس لكم به علم).
أما الشوكاني فقال (وفي الآية دليل على منع الجدال بالباطل، بل ورد الترغيب في ترك الجدال من المحقِّ)، والسعدي يقول في معنى الجدال بالآية الكريمة (وقد اشتملت هذه الآيات على النهي عن المحاجة والمجادلة بغير علم، وأنَّ من تكلَّم بذلك فهو متكلِّم في أمر لا يمكَّن منه، ولا يسمح له فيه).
ورد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)، وقد وردت الآية الكريمة في سورة الزخرف الآية 58، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم)، وهو ما قال فيه الصنعاني (أي الشديد المراء، أي الذي يحجُّ صاحبه).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (المراء في القرآن كفر)، وهو ما قال فيه البيضاوي: (المراد بالمراء فيه التدارؤ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن؛ ليدفع بعضه ببعض فيطرق إليه قدحًا وطعنًا)، وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه).
عرضنا لكم أعزاءنا القراء في مخزن معنى كلمة المراء اللغة العربية والتي وردت في سورة الكهف وقد علمنا من خلال الأدلة التي استندنا عليها من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وأقوال العلماء والسلف أن كلمة المراء من الكلمات المذمومة التي تعني الجدال والشك والظن في صحة الكلام الحق الثابت، والذي يؤدي إلى الكذب والضلال، في حين تأتي كلمة المراء بمعنى محمود حين يسبقها لا النافية.