إن وثيقة المدينة التي قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بواسطتها تنظيم العلاقة بين المسلمين في المدينة واليهود والملل الأخر دلت على العديد من القيم الإنسانية وكذلك المجتمعية، حيث أطلق عليها أيضًا اسم الصحفية، فمن أبرز القيم التي دلت عليها ما يلي:
التسامح هو ما دلت عليه وثيقة المدينة بشكل أساسي، ويقصد به تسامح المسلمين مع غير المسلمين.
فلقد كان اليهود والذين ينتمون إلى بني عوف هم بمثابة أمة بالنسبة للمؤمنين.
فهذه الوثيقة نصت على أن لليهود دينهم وأن للمسلمين أيضًا دينهم ولا ينبغي لأي أحد منهما مطلقًا أن يجور على غيره أو يجبره على دينه.
ومما دلت عليه الوثيقة أيضًا أن للمسلمين أموالهم ومواليهم وأنفسهم وكذلك لليهود نفس هذه الأمور.
ولكن هذا لا يغني عن ضرورة اتباع البر عند النصح والتناصح وتجنب الإثم.
ومن الجدير بالذكر أنه لا بد وأن يتكاتف المسلمين واليهود ضد أي أحد يحاول مخالفة أو محاربة الوثيقة.
بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يجوز أن يأثم أي شخص بحليفه.
وأن للمظلوم النصة إلى أن يتم توضيح مظلمته.
وكذلك أشارت وثيقة المدينة إلى أن اليهود في حالة إن كانوا من المحاربين فيجب أن ينفقوا بشكل طبيعي مع المؤمنين.
وإن وقع أي فساد أو جدال بينهم فهذا الخلاق يكون مرده إلى الخالق – سبحانه وتعالى- وإلى سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- ثم إلى ما نصت عليه وثيقة المدينة.
ما هي وثيقة المدينة ويكيبيديا
سنقوم في النقاط التالية بتوضيح أبرز المعلومات عن وثيقة المدينة:
وثيقة المدينة هي عبارة عن عقد تم القيام به سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم-، وذلك مع أهل المدينة وعقب هجرته من مكة.
حيث إنه أعد هذه الوثيقة بهدف تحقيق الأمور الآتية:
نشر الأمن والاستقرار في المدينة.
الحث على التفرغ لل[هاد.
تثبيت القواعد الأساسية للدولة الإسلامية.
المؤاخاة بين المسلمين سواء كانوا من المهاجرين أو الأنصار.
تنظيم شؤون المسلمين.
ويجدر بالإشارة إلى أن أهم ما نصت عليه هو حفظ حقوق المسلم واليهودي.
بالإضافة إلى نشر الإسلام في مكة والبلاد الأخرى، فلقد شملت بنود عديدة.
عدد بنود وثيقة المدينة
إن عدد البنود الموجودة في وثيقة المدينة يبلغ 55 بند، ففيما يلي سوف نذكر لكم أبرزهم:
البند الأول
يشير البند الأول إلى أن أفرد الأمة في المدينة مترابطين من حيث العقيد وليس كما يعتقد البعض من حيث الدم.
وأن الاحتكام يكون للشرع، فلا يجوز أن يتم اللجوء إلى العرف.
ومن الجدير بالذكر أن هذا البند يشمل المسلمين فقط ولا يشمل كل من اليهود والمسيحيين.
وهو ينص على “هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ يَثْرِبَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ”.
البند الثاني
يدل على أنه لا يوجد فرق مطلقًا بين المهاجرين والأنصار.
فلقد قام سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- بالتخلص من جميع المشكلات العالقة بينهم.
إلى جانب فك الأسارى وتسديد الديات المتعلقة بالقتلى بهدف فتح صفحة جديدة في هذه الأمة.
أما عن البند الثامن فإنه يقول أن العدو المشترك هو قوم قريش.
حيث إنه كانوا دائمًا يرغبون في التخلص من قيم العدل وانتشار الشر.
وعبارة هذا البنك هي “وإنَّه لَا يُجِيرُ مُشْرِكٌ مَالًا لِقُرَيْشٍ وَلَا نَفْسًا، وَلَا يَحُولُ دُونَهُ عَلَى مُؤْمِنٍ”.
وثيقة المدينة وأثر تطبيقها على المجتمع
يتمثل أثر تطبيق وثيقة المدينة على المجتمع فيما يلي:
العدل أحد عوامل استقرار المجتمع
في وثيقة المدينة دلالة على أن العدل هو أبرز مقومات استقرار أي مجتمع.
ففي حالة عدم سيادته من المتوقع أن يفقد الشخص الضعيف كامل حقوقه.
فهذا هو مبدأ التشريع الإسلامي حيث إنه يهدف إلى الحفاظ على حقوق جميع الأشخاص دون النظر إلى دينهم.
ويجدر بالإشارة إلى أنه في عهد الجاهلية وقبل مجيء الإسلام كانت النصرة للظالم والمظلوم، ولكن الإسلام أتى ليمنع الظالم من ممارسة الظلم.
اهتمام الدين الإسلامي بحقوق غير المسلمين
من أبرز فوائد وثيقة المدينة أنها أشارت إلى ركن هام من أركان الفقه الإسلامي وهو الاهتمام بحقوق غير المسلمين.
فعلى الرغم من أنهم كانوا أقليات للغاية في المجتمع الإسلامي إلا أن الدولة الإسلامية منذ نشأتها وهي تحاول جاهدة الحفاظ على حقوقهم.
التعاون والمشاركة للحفاظ على الوطن
فلقد ساهمت الوثيقة في تشجيع الأطراف على تقديم النصيحة لبعضهم البعض.
وكذلك ساعدت في جعل التعامل بينهم قائمًا على الإحسان ونشر السلام والخير.
حرية التعبير عن الرأى وفقًا للقانون
فمما أوضحته وثيقة المدينة أن لليهوديبن الحرية الكاملة في التعبير عن رأيهم.
ذلك في حالة إن كان موافقًا للقانون والدستور.
وأن حرية العقدية بالنسبة للدين الإسلامي تنص على أن لليهود دينهم وأن للمسلمين دينهم.
أهمية وثيقة المدينة
تتجلى أهمية وثيقة المدينة والدروس المستفادة منها في الأمور الآتية:
الابتعاد عن العنصرية تمامًا والطبقية.
إبراز القيم الأخلاقية والقيم الاجتماعية التي قام التاريخ بتخليدها.
الإشارة إلى أن الذمة المالية بالنسبة لليهود مستقلة تمامًا عن ذمة المسلمين المالية.
توضيح مدى سماحة الدين الإسلامي.
سيادة مبدأ السلم على الحرب.
الرد على كل شخص تم التشكيك في سماحة الإسلام.
مدى صحة وثيقة المدينة
لقد ورد نص وثيقة المدينة الحقيقي في الكتب السنة الصحيحة، فإن من يقوم بالتشكيك فيه يكون بمثابة الشخص الذي يشك في أن الدين الإسلامي هو دين التسامح، وقد يرى بأنه دين العنف ويناسق وراء الادعاءات المنتشرة حوله، وينكر أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- طوال حياته أي قبل الرسالة وبعدها شُهد له بالأخلاق الحسنة.