ابحث عن أي موضوع يهمك
هل طاعة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين مباحة في الإسلام ، فتولي منصب خادم الحرمين الشريفين ذاك المنصب ذو القدر الجليل في الإسلام يُعد أمراً عظيماً ومهمة شاقة يجب على صاحبها أن يكون على قدّر مسئوليتها، حيثُ يقوم خادم الحرمين الشريفين بالعديد من المهام الدينية المهمة والتي تتعلق بخدمة الكعبة الشريفة وبيت الله الحرام والاعتناء بزواره في موسم الحج والعمرة، لذا فقد حثنا الله تعالى في العديد من الآيات القرآنية على طاعة وليّ الأمر في غالبية المواطن.
وفيما يتعلق بالإجابة على سؤال ( هل طاعة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين مباحة ؟) ، فالإجابة الصحيحة هي نعم، فطاعة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين في الدين هو أمراً مباحاً بالمعروف، وذلك لأن بوجوده تستقيم أمور الأمة الإسلامية وتنعم بالاستقرار والأمن، ويُأمن الناس على أنفسهم من الفتنة والاضطرابات.
ويُقصد بولاة الأمر في الإسلام العلماء والأمراء والحكام من ذوي السلطان والشأن، وتكون طاعتهم واجبة في كافة الأمور التي تُرضي الله تعالى وتنال رضاه، دون ما يُغضب أو يغصب الله وذلك لقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا).
وفي حالة دعوة وليّ الأمر لرعيته بالمعصية فلا يكون عليهم طاعته في هذه الحالة، إلا أنه هذا الأمر لا يُبرر للكثيرين الخروج على الإمام، فالحالة الوحيدة التي أباح فيها الإسلام للمسلمين الخروج عن طاعة وليّ أمرهم هي أن يروا منه ما يدّل على الكفر الواضح للعيان، وإن جاءت في استطاعتهم التغيير والقدرة عليها فعليهم بها، إلا أنهم إن عجزوا على التغيير فلا يجوز لهم الخروج عن طاعة وليّ أمرهم حتى وإن بدّر منهم كفراً واضحاً.
وذلك لأن في خروجهم ضرراً بالناس وفساد للأمة وإشاعة لفتنة شديدة في المجتمع مما يتعارض مع دوافع الخروج الشرعي عن طاعة ولي الأمر في الإسلام ومنفعة الأمة الإسلامية والناس، وفي هذه الحالة يكون على الرعية الاكتفاء ببذل النصيحة والنهي عن المنكر والأمر بالمعروف لتبرئة ذمتهم مما فعله وليّ الأمر من أمور تُغضب الله تعالى.
إن من شروط وليّ الأمر الشرعي الالتزام بعدة من الأمور التي فيها صلاح لأمور المسلمين وتحقيقاً لمصالحهم ورعاية شئونهم، فوليّ الأمر مسئولاً عن كل مسلم يقع تحت حُكمه بأن يرعاه ويُدبر له شئون معيشته على أن يكون له الطاعة في كل ما يُرضي الله تعالى، ومن الأمور الواجبة على وليّ الأمر في الإسلام:
إن طاعة وليّ الأمر في الإسلام هي أمر ليس مطلق بأي حال من الأحوال، فلا توجد هناك طاعة مطلقة لمخلوق على وجه الأرض، وإنما الطاعة المطلقة هي فقط لربّ العالمين الله ـ عز وجل ـ ونبيه الأمين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتكون طاعة المرء المسلم لوليّ الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله، وإن أمر وليّ الأمر رعيته بأداء معصية ما فليس له عليهم طاعة، وإن وُجد في ذلك الشأن خلافاّ على أمر ما واضطراباً فهنا يكون الحل في الرجوع إلى كتاب الله ـ عز وجل ـ وسُنة نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذلك لقوله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا).
ولا تعني عدم طاعة وليّ الأمر في الإسلام الخروج عليه، وإنما نصحه باللين وأمره بالمعروف لنبذ الخلاف، فإن وُجد خطأ واختلاف ما في حُكم ولي الأمر يكون على الرعية تصحيحه وتقويمه بالنصح والإرشاد، ودعوته إلى فعل الخير وأمره بالمعروف ونهيه عن أجاء المنكر، على أن يكون النصح بالحكمة والموعظة الحسنة والكلام الحسن الطيب.
وقد جاء إجماع الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ وكبار علماء الأمة أفسلامية بأن طاعة ولي الأمر والحاكم واجبة ما دام مقبولاً عند المسلمين حاكماً وقائداً ، وما دام أنه يلتزم بأداء القيود والحدود الدينية التي فرضها الله ـ عز وجل ـ على عباده، ويُشترط ألا يتم طاعته في حالة المعصية أو أداء الفواحش أو فعل أي ما يُغضب الله ويخالف الآداب والأحكام الدينية.
حينما سُئل الإمام ابن باز ـ رحمه الله ـ عمن هو وليّ الأمر في الإسلام، فقد أجاب بأن وليّ الأمر هم الأمراء من أمراء المسلمين والعلماء الذين يطاعون في طاعة الله وليس فيما فيه معصية لله تعالى، فيُطاع العلماء والأمراء في كل معروف لأن بذلك تستقيم أمور المسلمين ويستقر الأمن ويُردع الظالم ويُنصف المظلوم، وذلك لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا).
فإن لم يُطاع وليّ الأمر لفسدت أمور المسلم وجار الظالم القوي على حق المظلوم الضعيف، لذا فإن الواجب طاعة وليّ الأمر في كل معروف سواء كان من العلماء أو الأمر، فالعالم هو من يقوم ببيّان حُكم الله والأمير يعمل على تنفيذ حُكم الله وهذا هو الأمر الصائب في شأن ولي الأمر، فعل العلماء توعية الناس حول شرع الله تعالى وعلى الأمراء تنفيذ شرع الله في الأرض.
وفي حالة أمر أولياء ألمر العباد بمعصية الله تعالى حيثما كانوا من العلماء أو الأمراء فلا يكون على المسلمين طاعتهم، فإن أخبرك الحاكم بأن الربا أو شُرب الخمر حلال فلا يكون عليك طاعته، وذلك لأنها من الأمور التي حرمها الله تعالى بما ورد في كتابه العزيز من نصوص قرآنية واضحة وصريحة، وذلك ما جاء فيه قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، كما قال : ( على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة).