خلال هذا المقال نجيب عن سؤال من هي الامة التي اهلكها الله بالنمل؟، يحكي القرآن الكريم عن أقوام وأمم أهلكها الله لفسادها وكفرها، وما عذب الله من قوم إلا من بعد أن أرسل فيه رسولاً يدعوهم للحق ويبين لهم أنهم على ضلال، ولكن من هي الامة التي اهلكها الله بالنمل؟ وهل أتى ذكرهم في القرآن الكريم؟ ولماذا عذبهم الله وأهلكهم في الدنيا؟ وما هي أنواع العذاب التي حلت بالأمم السابقة؟ نجيب عن هذه الأسئلة خلال السطور التالية من هذا المقال عبر مخزن المعلومات.
كان بنو جرهم أحد القبائل التي سكنت شبه الجزيرة العربية وقد قدموا من اليمن وسكنوا عند سيدنا إسماعيل والسيدة هاجر.
في شباب نبي الله إسماعيل عليه السلام تزوج امرأة من بني جرهم وانجب منها نابت بن إسماعيل.
بعد وفاة إسماعيل عليه السلام توفي نابت بن إسماعيل وحكم بنو جرهم مكة المكرمة وانت لهم الولاية على بيت الله الحرام.
في فترة حكم بني جرهم لمكة المكرمة وولايتهم على الكعبة انتشر الفساد والطغيان وتجبروا وتكبروا على الدعوة إلى الحق فاستحقوا العذاب بما صنعوا.
الاختلافات حول عذاب بني جرهم
لم يذكر في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى عذب بني جرهم أو أهلكهم بالنمل ولم يرد لهم ذكر في القرآن نهائياً كعاد وثمود وغيرهما من الأمم الهالكة.
يقال أن الله أرسل عليهم النمل فقتل معظمهم ثم نازعت قبيلة خزاعة ما تبقى منهم على ولاية الكعبة فهزمتهم خزاعة وقطعت وجودهم في مكة إلا ممن عاشوا في سلام واستسلموا، ولذلك لم يأتي ذكرهم في القرآن.
يقال أن بني جرهم أرادوا قبل رحيلهم عن مكة أن يفسدوها على خزاعة فقاموا بردم بئر زمزم لكونه مصدر المياه الرئيسي لمكة وكانت قبيلة خزاعة تجلب الماء من خارج مكة.
حكمت خزاعة مكة لمدة 300 سنة تقريباً ثم أخرجهم قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه وسلم الأكبر والملقب بقريش الأكبر فانتهى وجود خزاعة في مكة.
ظلت بئر زمزم مندثرة حتى حفره عبد المطلب جد الرسول فيما بعد وكانت قريش قبل ذلك تجلب الماء من خارج مكة.
وفي قول آخر فإن اختفاء بئر زمزم كان عذاباً من الله لجرهم على فسادهم وإفسادهم في الأرض وغير معلوم أي رأي فيهما أدق لتضارب الروايات التاريخية.
لماذا أهلك الله بني جرهم ؟
في وقت حكم بني جرهم لمكة وولايتهم على بيت الله الحرام انتشر الفساد والزنا في مكة ودنس بنو جرهم مكة بفسادهم وإفسادهم.
يقال أن الفساد وصل ببني جرهم باستباحة الزنا في الكعبة المشرفة وهو ما لم يبلغه من الفساد قوم من قبلهم أو بعدهم.
كان بنو جرهم يؤذون زوار مكة وجميع من دخلها لزيارة بيت الله الحرام أو السكن أو التجارة أو غير ذلك، وكانوا قوماً متجبرين متكبرين.
عزم بنو خزاعة على قتال بني جرهم لرد فسادهم وظلمهم وإعادة الحياة الطبيعية إلى مكة، ونجحوا في ذلك ولكن كانت مكة في حال أسوأ مما قبل وصول بنو جرهم إليها.
تعرض بئر زمزم في نهاية تواجد بنو جرهم في مكة للردم، واختلفت الآراء حول ما إذا كانوا بنو جرهم هم من تعمدوا فعل ذلك لإفساد الحياة في مكة على بني خزاعة، أم أن هذا كان عقاباً من الله لبني جرهم على فسادهم.
استمر بئر زمزم مختفياً مردوماً لفترة طويلة من الزمن حتى أعاد فتحه عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم.
انواع عذاب الله للاقوام السابقة
يخبرنا القرآن الكريم بقصص أقوام أهلكهم الله لفسادهم وكفرهم، فليس الفساد وحده سبباً للعذاب إذ قد يفسد قوم عن جهل أو عن عدم وعي، ولذلك قال تعالى:”مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا”، فما أهلك الله قوماً إلا من بعد ما أنزل فيهم رسولاً يدعوهم للحق فجحدوا رسالته وكفروا واستمروا على فسادهم، ومن أنواع العذاب الذي أنزله الله على الأمم التي أهلكها لفسادها وورد ذكرهم في القرآن الكريم ما يلي:
الطوفان
أهلك الله قوم نوح بالطوفان فكانت الأرض تخرج الماء والسماء تمطر حتى أغرقهم الله في الماء بعد أن كذبوا بآياته ورفضوا اتباع نوح عليه السلم في دعوته لهم باتباع الحق.
استهزئ قوم نوح عليه السلام به وسخروا منه لأنه كان يبني سفينة في الصحراء كما أمره الله حتى يقي نفسه ومن آمن معه من الناس من خطر الطوفان.
كان قوم نوح يعبدون الأوثان ولما دعاهم إلى عبادة الله صموا آذانهم وتوعدوه ومن معه بالرجم والعقاب وناصبوهم العداء.
أمر الله نوحاً عليه السلام أن يصنع سفينة تحميه ومن معه من المؤمنين من الطوفان ليهلك باقي قومه، وقد استمر نوح عليه السلام يدعو قومه لعبادة الله لمدة 950 عاماً.
أهلك الله قوم نوح جميعاً بمن فيهم ابنه الذي رفض أن يؤمن وفي ذلك ورد في القرآن قوله تعالى:“وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ” (هود:42-43).
بعد انتهاء الطوفان بلعت الأرض مائها وتوقفت السماء عن المطر واستوت السفينة على الأرض فكان من حملتهم من المؤمنين ومن مخلوقات الله المختلفة هم من ضمنوا استمرار الحياة على الأرض.
الريح
كان قوم عاد هم أول قوم يعودون لعبادة الأوثان بعد الطوفان وهلاك الكفار فأرسل الله فيهم نبيه هود عليه السلام يدعوهم للحق وترك عبدة الأصنام.
دعا هود قومه إلى عبادة الله الواحد وترك عبادة الأوثان فلم يجيبوا الدعوة وتمسكوا بعبادة الأوثان ولم يتعظوا من قوم نوح عليه السلام وما حل بهم من عذاب.
تود هود قومه بعذاب من الله عن كفرهم وتكذيبهم فطلبوا منه أن يأتيهم بما يعدهم من العذاب إن كان من الصادقين.
كان وعد الله لهم بالعذاب حقاً عليهم لما استمروا في طغيانهم وكفرهم فأرسل الله عليهم ريحاً قوية أخذتهم وقضت عليهم.
استمرت الريح عليهم سبع ليال وثمانية أيام وفي ذلك يقول تعالى:”سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ” (الحاقة:7).
الصيحة
أهلك الله بالصيحة ثلاثة أقوام هم قوم شعيب وقوم لوط وقوم صالح.
قال رب العزة في القرآن عن قوم شعيب عليه السلام:”وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ” (هود:94-95).
وقال تعالى عن قوم صالح:”وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَءاتَيْنَاهُمْ ءايَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ* وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ* فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ” (الحجر:80-83).