ابحث عن أي موضوع يهمك
اللعان يقع ما بين الزوجين عندما يقول الزوج (أشهد بالله أنّي لمِن الصادقين، فيما رمَيت به زوجتي من الزنا)، ويكرر ذلك القول أربع مرات، وفي المرة الخامسة يقول (إنّ لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما رمَيتها من الزنا)، ويذكر أنه يجب أن يقول الزوج اسم الزوجة، أو أن يشير لها في حالة حضورها، أو تمييزها بأحد صفاتها، وترد عليه الزوجة قائلةً (أشهد بالله أنّه من الكاذبين فيما رماني به من الزنا)، وتكرر ذلك القول أربع مرات)، وفي الخامسة تقول (إنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين)، ثم تذكر تسمه، أو تشير إليه، أو تميزه عن الآخرين.
اللعان في اللغة: يأتي من اللعن ويقصد به الإبعاد والطرد، حيث إن لعن الله لإبليس يعني أنه مطرود من الجنة، حيث يقال (تلاعن الزوجان)، أو (لاعن الزوج زوجته)، أو (التعنا).
اللعان في الاصطلاح الشرعي: وهو ما يكون فيما بين الزوجين من الشهادات والأيمان المؤكدة بأحوال مخصوصة، وهي حين اتهام الزوج زوجته بالزنا ولا يكون لديه دليل على ذلك الاتهام، أو حين نفي الزوج نسب الولد إليه، وتنكر الزوجة تلك الادعاءات تمامًا، ويكون اللعان بشهاداتٍ فيما بين الزوجين مع اللعن من الزوج، وغضب الزوجة.
وفقًا للأحناف فإن اللعان له ركن واحد فقط وهو اللفظ الذي ينقسم إلى الأيمان والشهادات واللعن فيما بين الزوجين، في حين يرى جمهور الفقهاء أن للعان أركان أربعة وهي:
أوضح علماء الإسلام والفقهاء حكم اللعان، وقد أتت آرائهم على النحو التالي:
إن مشروعية اللعان ثبتت بالعديد من الأدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وإجماع الفقهاء، وقد تم تشريعه لإسقاط حد الزنا عن الزوجة الذي قد يثبته عليها الزوج، ومن الأدلة على مشروعية اللعان ما يلي:
الأدلة من القرآن الكريم
قول الله تعالى في سورة النور الآيات 6، 7(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).
الأدلة من السنة النبوية
ما أخرجه الإمام البخاريّ بصحيحه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أنَّ هِلالَ بنَ أُمَيَّةَ، قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَرِيكِ ابْنِ سَحْماءَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: البَيِّنَةَ أوْ حَدٌّ في ظَهْرِكَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إذا رَأَى أحَدُنا علَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: البَيِّنَةَ وإلَّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ فقالَ هِلالٌ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنِّي لَصادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ ما يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وأَنْزَلَ عليه: {والذينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ} فَقَرَأَ حتَّى بَلَغَ: {إنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فانْصَرَفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأرْسَلَ إلَيْها، فَجاءَ هِلالٌ فَشَهِدَ، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فَهلْ مِنْكُما تائِبٌ ثُمَّ قامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كانَتْ عِنْدَ الخامِسَةِ وقَّفُوها، وقالوا: إنَّها مُوجِبَةٌ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ ونَكَصَتْ، حتَّى ظَنَنَّا أنَّها تَرْجِعُ، ثُمَّ قالَتْ: لا أفْضَحُ قَوْمِي سائِرَ اليَومِ، فَمَضَتْ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أبْصِرُوها، فإنْ جاءَتْ به أكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سابِغَ الألْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهو لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْماءَ، فَجاءَتْ به كَذلكَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَوْلا ما مَضَى مِن كِتابِ اللَّهِ لَكانَ لي ولَها شَأْنٌ).
الأدلة من إجماع الفقهاء
أجمع فقهاء وعلماء الإسلام على مشروعية اللعان فيما بين الزوجين ودون أن ينكر أحدٍ منهم.
تنقسم آثار اللعان المتعلقة بالزوجين إلى أمرين على النحو التالي:
حيث إن حد القذف يسقط عن الزوج عند تلاعنه مع زوجته، ويسقط كذلك حد الزنا عن الزوجة الملاعنة.
أوضحت السنة النبوية المطهرة أن الزوجين المتلاعنين التفريق بينهما يتم على وجه التأبيد للقطيعة والبغضاء الذي وقع بينهما، ففي حالة صدق الزوج يكون قد تسبب لزوجته بالفضيحة، أمام الشهود وإشاعة الفاحشة، وعند صدق الزوجة تكون كذبته أمام الشهود واللعنة تجب عليه، وإن كانت كاذبة فهي خائنة له، لذا تحصل بينهما الوحشة، والنفرة، والبغضاء، وهو ما يخالف الأصل في الحياة الزوجية الذي يقوم على الرحمة والمودة والسكن، أما عن الوقت الذي يتم به التفريق بين الزوجين والذي يترتب على وقوع الملاعنة بينهم، فقد أتت آراء العلماء على النحو التالي:
ولكن في حالة تكذيب الرجل لنفسه عقب وقوع الملاعنة فيما بينه وبين زوجته فقد اختلف العلماء حول ما يترتب على ذلك من آثار على النحو التالي: