ابحث عن أي موضوع يهمك
تعرفوا معنا في مقالنا التالي ما هو اصل اسم جامع الزيتونة والذي نقدمه لكم في مخزن، وهو أول جامع تم بنائه في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة في الوقت ذاته، تم بنائه في تونس، ويعتبر هو المسجد الثاني الذي تم بنائه بعد بناء جامع عقبة ابن نافع في إفريقيا حيث إن جامع عقبة بن نافع يقع في القيروان.
أورد المؤرخون أن جامع الزيتونة تم بنائه في العام التاسع والسبعون هجرية، وفي عام مائة وستة عشر تمت عمارته على يد عبد الله بن الحباب، وقد تم اختيار ذلك الاسم له لأن بنائه قد تم بموقع تصوف وعبادة به الكثير من أشجار الزيتون، وفي منتصف ساحة المسجد يوجد شجرة واحدة من شجر الزيتون، كما يوجد من يقول أنه قد تم بنائه أعلى قبر القديسة أوليفيا الملقبة بـ(سانت أوليفيا).
ويشتمل الجامع على مكتبة عظيمة مليئة بالكتب القيمة، والمخطوطات النادرة والمراجع التي أقل ما يقال عنها أنها كنز من العلم والمعرفة، وقد تم تصنيفها باعتبارها أحد أكبر المكتبات في شمال قارة أفريقيا، وفي عام تسعمائة واحد وتسعون هجرية تم بناء قبة المسجد والتي بلغ ارتفاعها اثني عشر متر تقريباً.
إن جامع الزيتونة يمثل معلم وصرح تاريخي وإسلامي عظيم يقع في قلب مدينة تونس العاصمة، بشارع أطلق عليه شارع جامع الزيتونة، في جزء المدينة القديم، ويطل ذلك الجزء على وادي قريانة، وهو المسجد الأول والأقدم الذي يتم بنائه في تونس.
أما عن مكونات الجامع فإنه يتكون من فناء واسع، وقاعة معارض وجامعة، وهو ما يشير إلى المساحة الشاسعة التي بني عليها الجامع والتي بلغت ما يقرب من خمسة آلاف متر مربع تقريباً، والذي يعد بمثابة الملاذ الذي يسارع إليه كل تونسي يجد أنه في حاجة إلى الشعور بالطمأنينة وسكينة النفس، مما يجعله أهم رمز ومعلم ديني لدى الشعب التونسي، وقد امتازت عمارته بالطابع العمراني والزخرفة الإسلامية والبنيان القوي العتيق الذي يبهر كل من ينظر إليه ويأتي لزيارته.
جميع سكان العاصمة التونسية تونس في حالة من الفخر والاعتزاز بما يمكلونه من حضارة وتراث، وخاصةً ما يتوسط المدينة من مسجد عظيم وهو جامع الزيتونة، والذي يرتفع عنه مئذنة واحدة بلغت من الارتفاع حوالي ثلاثة وأربعون متراً وتم تصميمها على شكل مربع، وقد تم بنائه من الأعمدة المأخوذة من الأنقاض التابعة للمدينة الأثرية قرطاج، والتي يبلغ عددها ما يزيد عن مائة وستين عمود.
ولعل القيمة الروحانية والدينية التي يتمتع بها ذلك المسجد كان لها دور بالغ الأثر في مجال التعليم، إذ أن الجامعة التي يضمنها تم تصنيفها باعتبارها واحدة من أعرق وأكبر الجامعات في تاريخ بلاد المغرب والعالم الإسلامي، وقد تخرج منها الكثير من العظماء ومن أهمهم ابن خلدون المؤرخ العربي الذي يعتبر هو أول مؤرخ اجتماعي بالعالم العربي، كما وقد تخرج عنها الشاعر التونسي العربي الشهير أبو القاسم الشابي.
يمكن الدخول إلى جامع الزيتونة عن طريق العديد من المداخل الواسعة والتي قد بلغت من العدد تسعة مداخل، ومنذ وقت بناء المسجد وقد شهد الكثير من عمليات الترميم التي يعود الهدف منها إلى الحفاظ عليه، وهو ما حرص عليه جميع من تردد على حكم تونس وذلك لمدى ما يشغله من مكانة تراثية ودينية عظيمة.
وكان أول عمليات الترميم تلك في عام 990م حيث أمر المنصور بن زيري بتشييد قبة البهو، وفي عام 1250م وضع بالجامع عدد كبير من خزانات المياه كبيرة الحجم وكان ذلك بأمر من الحفصيّ بن المستنصر، ثم تمت زخرفة أبواب المسجد ورممت ركائزه في عام 1316م.
وفي عام 1450م تم تزويد جامع الزيتونة بمكتبة تميزت بالتصميم التركي، وفي الجزء الشرقي من المسجد تم تشييد رواق عام 1637م،ثم قام كل من المهندس المعماري طاهر الطابر والمهندس المعماري سليمان بن نيقرو ببناء منارة اختاروا لها الطراز المُرابطيٍّ، وبعدما حصلت البلاد على استقلالها في العشرون من مارس 1956م تم القيام بالعديد من عمليات الترميم الكبيرة والشاملة، ولكنه قد تعرض أثناء الثورة التونسية عام 2011م للتهميش والتدمير، ولكي يتم المحافظة عليه تم إغلاقه آنذاك لوقت من الزمن.
تمت كتابة تلك القصيدة في جامع الزيتونة من قبل أحد زواره من الشعراء، يتغنى بجمال الجامع وروعة تصميمه وبنائه، كما ويمدح في الروحانيات التي يشعر بها وهو في داخله، إليكم فيما يلي بعضاً من أبياتها:
يَا وَاقِفًا بِالزُّورِ مِـــنْ أَطْلاَلِهَا *** وَمُحَدِّثًا بِـالإفْكِ عَــــنْ أَيَّامِهَا
مُتَكَلِّفًا تَبْغِـــي مُحَـــالاً لَــمْ يَكُـــــنْ *** يَوْمًـــا بِذَاكَ الحُسْنِ فِي أَشْعَارِهَـــا
تَبْكِي عَلَـى طَلَلٍ يُذَكِّـــرُ رَسْمَهَــــا *** وَيُحَـرِّكُ المَخْفِـــيَّ مِــنْ أَشْجَانِهَـا
غَزَلاً تُرِيدُ بِسُــوءِ قَـــوْلٍ مَاجِــــنٍ *** وَتُثِيرُ مــنْ نَفْسِ الفَتَــى أَهْوَاءَهَـــا
أَقْصِرْ فَلَيْسَ الفُحْشُ يُظْهِرُ غَائِبًـــا *** وَيَرُّدُّ فِــي خَرَبِ الدُّنَـــا عُمَّارَهَـــا
إِنِّي وَقَفْتُ اليَـــوْمَ أَنْظُـــرُ مَعْلَمًــــا *** لاَزَالَ يَحْفَــــظُ بِالبِـــلادِ جَمَــالَهَـــا
وَيَرُدُّ تُــونُسَ لِلأصَـــالَةِ وَالهُـــدَى *** وَيَغِيضُ أَهْلَ الفِسْقِ مِــنْ حُسَّادِهَــا
زَيْتُونَةُ العُلَمَــاءِ مَصْـــدَرُ فَخْرِهَــا ** وَفَرِيــدَةُ البُنْيَـــانِ مِـــنْ عُمْرَانِهَـــا
لاَ لَيْسَ يَشْقَـــى بِالشَّقِيقَـــةِ مُسْلِــــمٌ *** مَـــادَامَ حِصْنُهُ شَامِخًـــا بِسَمَائِهَـــا
وَالصَّوْتُ يَرْفَعُ كُـــلَّ حِيــنٍ بِالنِّــدَا *** فَيُذَكِّــرُ السَّـــاهِينَ مِـــنْ سُكَّانِهَــــا
وَبِهِ الصَّلاةُ تُجَمِّـعُ الأنْفَـــاسَ مِــنْ *** نَسَمَاتِ مَنْ عَشِقَ التُّقَى أَرْوَاحَهَـــا
شَعْبٌ لَــهُ شَغَفٌ بِدِينِ المُصْطَفَـــى *** أَبَــدًا وِإِنْ أَخْفَـــاهُ شَـــرُّ عُصَاتِهَــا
وَلَقَدْ جَلَسْـــتُ بِسَاحِـــهِ مُتَفَحِّصًـــا *** آثَــــــــارَ عِــــزٍّ خَلَّفَتْــــهُ بُنَاتُهَــــا
مِــــنْ كُـــلِّ فَنٍّ قَدْ بَـــــدَا مُتَأَلِّقًـــــا *** فِـي كُــلِّ رَسْمٍ قَدْ حَوَتْ أَرْجَاؤُهَــا
وَالطَّيْرُ يَسْرَحُ مِنْ أَمَامِــي سَالِمًـــا *** وَهَدِيلُهَــا يَحْكِــي عَرِيــقَ جِوَارِهَا
مُتَأَمٍّــــلا تِـلْكَ السَّـــوَارِي وَالِهًــــا *** بِجَمَالِ نَقْشٍ قَدْ جَـــرَى بِرُخَامِهَـــا
وَمُفَكِّرًا فِـي مَوْضِـــعِ الآجُرِّ مِـــنْ *** فَـــوْقِ العَمُـــودِ مُشَكِّـــلا أَقْوَاسَهَــا
وَالصُّورُ يَنْبِضُ بِالنُّقُوشِ مُزَخْرَفًــا *** يَسْبِــي الفُؤَادَ بِمَنْ يَرَى أَغْوَارَهَــا
وَبِلاَطُهَا يَحْكِي مَكَـانَةَ مَــنْ غَــدَى *** للهِ يَسْجُـدُ فِــــي رُبُـــــوعِ فِنَائِهَــــا
وَمُحَدِّقًـــا بِجَـــلالِ مِئْذَنَـــةٍ بِهَــــــا *** وَقَفَ الشُّمُوخُ فَلا يُجَــاوِزُ هَامَهَـــا
وبذلك نكون قد تعرفنا وإياكم في مخزن على ما هو اصل اسم جامع الزيتونة والذي يعد بمثابة تحفة تراثية ومعمارية، كما يعد من أهم المعالم الدينية الهامة التي تجمع أهل مدينة تونس وتزين الموقع المتواجدة به، كما أنه يمثل وجهة سياحية هامة يأتي إلى السياح من مختلف مناطق العالم العربي بمختلف دياناتهم للاستمتاع بجودة وروعة عمارته.