ابحث عن أي موضوع يهمك
ماذا سيحدث لو تعطلت الدورة المائية في الطبيعة وما هو التأثير الذي قد يترتب على الكائنات الحية التي تعيش على الأرض من إنسان وحيوان ونبات، هو ما يدو حوله مقالنا التالي والذي نقدم إليكم الإجابة المفصلة له في مخزن، حيث تمثل الدورة المائة أحد أهم العناصر في الطبيعة التي لا يمكن الاستمرارية في الحياة بدونها والتي ما إن توقف أحد مكوناتها عن العمل أو أصابه خلل، فإن ذلك يؤثر على سير الدورة المائية بشكل عام.
لكي يتم إدراك التأثير الذي قد يقع إذا ما تعطلت دورة الطبيعة عن العمل يجب أولاً فهم ما هو المقصود من دورة الماء في الطبيعة، والتي تعرف علمياً باسم الدورة الهيدرولوجيّة (Hydrologic Cycle)، وهي تلك الدورة التي يتم عبرها حركة الماء بنظام الغلاف الجوي على سطح الأرض، وهي عبارة عن مجموعة عمليات متتابعة ومتتالية والتي تتمثل في (تبخر الماء، النتح، التكاثف، الهطول، الجريان السطحي).
وعن طريقها يتم المحافظة على حياة الكائنات الحية، وإعادة تدوير الماء لاستمرارية المسطحات المائية، حيث إنه في الحالة التي ترتفع بها درجات حرارة الشمس تبدأ المسطحات المائية في التبخر للأعلى في صورة بخار، ومن ثم يتكاثف ذلك البخار على شكل بلورات مائية كانت أو صلبة والتي يتكون منها الغيوم والسحب، وغيرها من العمليات التي ما إن حدث خلل في أحدها فإنه يؤثر بالتبعية عليها جميعاً وعلى جميع من بالأرض من كائنات حية، وعلى ذلك فإن تعطل الدورة المائية يؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه المحيطات والبحار، ونفاذ المياه وجفافها من الأنهار، وبالتالي سوف يموت بلا شك الإنسان والحيوان والنبات.
تنقسم الدورة المائية في كيفية حدوثها إلى مجموعة من المراحل، وتلك المراحل تتمثل فيما يلي:
التبخر (Evaporation) هو عملية تحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية، والذي يعد بمثابة المسار الرئيسي الذي ينتقل عبره الماء من الحالة السائلة لدورة الماء ثانيةً في الغلاف الجوي على هيئة بخار ماء، مما يشير إلى مدى أهمية الطاقة الحرارية لإتمام عملية التبخر، إذ يعمل ذلك النوع من الطاقة على كسر ما يربط بين جزيئات الماء من روابط فيتبخر أسرع حين يصل إلى مرحلة الغليان والتي تبلغ مئة درجة مئوية تقريباً.
وتتم عملية التبخر بدورة الماء حينما ترتفع درجة حرارة سطح الأرض لشدة أشعة الشمس والتي تزيد سرعة الجزيئات المكونة للماء وبالتالي تزداد طاقتها الحركية لتنتقل عبرها إلى الغلاف الجوي في صورة غاز، ثم ترتفع عمودياً إلا أت تتناقص درجة حرارتها، لتتكاثف وتتحول إلى سائل على هيئة قطرات من الماء معلقة بالغلاف الجوي، ثم غيوم لتبدأ تلك الغيوم في الهطول كأمطار.
تمتص النباتات من خلال جذورها الماء من الطبقة السطحية في التربة، ثم تقوم بإطلاق ذلك الماء مرة أخرى كبخار ماء من أوراقها وهو ما يطلق عليه علمياً النتح (Transpiration)، وتعلد تلك العملية من المراحل الأساسية في تكوين دورة المياه لكونها واحدة من مصادر الماء الرئيسية بالغلاف الجوي والتي تبلغ نسبتها حوالي عشرة بالمائة من إجمالي الماء الموجود على سطح الأرض، وتعتمد مرحلة النتح في حودثها على العديد من العوامل منها الرطوبة، ودرجة الحرارة، وشدة أشعة الشمس، وتشبع التربة ونوعها، ونسبة هطول الأمطار، وقوة الرياح والعديد من العوامل الأخرى.
عملية التكاثف (Condensation) تتم عن طريق تحول أبخرة الماء إلى مياه سائلة، وهو ما يدل على أنها عكس التبخر، ويتضح التكاثف في دورة المياه عن طريق ما يكون لها من دور في تكوين السحب المسؤولة عن هطول الأمر والتي ترجع المياه من خلالها مرة أخرى إلى سطح الأرض.
حيث تتكون الغيوم حينما تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض بسبب ارتفاع في الغلاف الجوي للأعلى، إذ أن انخفاض درجة الحرارة بالأعلى يرتبط بشكل طردي مع انخفاض الضغط، وذلك لأن المحتوى الحراري الإجمالي في جميع الأنظمة يعتمد بصورة رئيسية على ما يحتوي عليه من كمية المواد، وعلى قدر ما يزداد الارتفاع عن سطح البحر فإن ضغط الهواء ينخفض لانخفاض ما بالهواء من جزيئات نسبةً إلى وحدة الحجم، ومن ثم تنخفض درجة حرارة الهواء وكثافته.
وفي المرحلة التالية تتكاثف جزيئات بخار الماء حول جزيئات صغيرة الحجم معلقة بالهواء مكونة الغيوم، مما يجعل بخار الماء من بين أهم المكونات بالهواء أياً كانت كميته به، وهو ما يراه الإنسام بالعين المجردة في بعض الأحيان على هيئة غيوم، حين اقتراب بخار الماء خلال الطقس ذو الرطوبة العالية من سطح الأرض.
الهطول (Precipitation) هو ذلك الماء المنهمر عن الغيوم على هيئة أمطار في أغلب الأوقات، وفي أحيان أخرى قد يكون على صورة حبات برد، أو ثلوج، أو أمطار ثلجية، أو أمطار جليدية، وهو ما يتوقف على درجة يرودة المناخ، وتكون تلك المرحلة هي المسئولة عما ينتقل من ماء عبر الغلاف الجوي لسطح الأرض.
وهناك اثنين من الطرق التي تتشكل الأمطار من خلالهما أولهما حينما يصبح حجم القطرات العالقة في الهواء أكبر من المعتاد لحدوث تكاثف إضافي نتيجة تصادم جزيئات الماء فيما بينها، حيث قد تكفي تلك التصادمات لإنتاج قطرات ماء لها سرعة أكبر للسقوط مقارنةً بسرعة ما يصعد إلى الغيوم من تيار، وهو ما ينتج عنه أن تتساقط القطرة إلى خارج الغيمة في صورة أمطار.
بينما الطريقة الثانية في هطول الأمطار فإنها ذات الفعالية الأكبر في وصول قطرة الماء للحجم الذي يساعدها على الهطول في صورة أمطار، وهو ما يتم عن طريق عملية بيرجيرون المعبرة عن النمو السريع لبلّورات الجليد بشكل أكبر كثيراً إذا ما تمت مقارنته بتكاثف ما يوجد في الغيوم من بخار ماء، ومن ثم تتساقط تلك البلورات على هيئة ثلوج أو أن تذوب لتهطل في صورة أمطار.
تتم عملية الجريان السطحي (Runoff) حينما ترتفع معدلات تساقط الأمطار وهطولها ومن ثم تشبع التربة بها، إذ يصبح سطح الماء في تلك الحالة على غير مقدرة بامتصاص قدر أكبر من الماء، ومن ثم تبدأ البحيرات والأنهار في التكون إلى أن ترجع المياه إلى المحيطات ثانيةً.
وقد يترتب في بعض الأحيان عن الجريان السطحي تبخر الماء بشكل مباشر إلى الغلاف الجوي، حيث إنه حينما تتدفق مياه الجريان في اتجاه البحيرة وألا يكون هناك منفذ يسمح لذلك الماء بالتدفق إلى الخارج فسوف يتبخر الماء بالوقت الذي لا يكون هناك أية سبل أخرى لكي يرجع الماء مرة أخرى إلى الغلاف الجوي، وعلى ذلك فإن الأملاح والشوائب في البحيرة سوف ترتفع إلا أن تصير مالحة، ومن أمثلة ذلك البحر الميت بفلسطين، والبحيرة المالحة الكبرى بولاية يوتا.
تتجلى أهمية دورة المياه في الطبيعة بما لمراحلها المكونة لها من تأثير على جميع الأنظمة الطبيعية الموجودة على كوكب الأرض بشكل رئيسي، ومنها عملية هطول الأمطار وعملية الجريان السطحي واللتان يعد كل منهما من العوامل بالغة الأهمية التي تساهم بدورة انتقال العناصر المختلفة، ولعل من أبرز تلك العناصر كل من الكبريت، والفوسفور، والنيتروجين والكربون، وغيرها، إذ تساعد عملية الجريان السطحي على نقل ما يتواجد على اليابسة من عناصر إلى مختلف النظم المائية البيئية.
إلى هنا نكون قد انتهينا من عرض إجابة سؤال ماذا سيحدث لو تعطلت الدورة المائية في مخزن وهو ما تمكنا من خلاله من التعرف على كيفية حدوث الدورة المائية في الطبيعة ومدى ما لها من أهمية في وجود جميع الكائنات الحية التي تعيش على سطح الأرض وبالتالي استمرارية الحياة، نتمنى أن يكون مقالنا قد أفادكم.