إن ما تبقى على عيد الأضحى المبارك ما هي إلا بضعة أيام، لذلك تتداول الكثير من التساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الإلكترونية عن الأضحية وحكمها، وكيفية توزيعها، وبناء ذلك فسنتناول من خلال مخزن وعبر السطور القادمة الإجابة عن سؤال كيفية تقسيم الأضحية ثلاث.
فلقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الأضحية تقسم إلى ثلاثة أثلاث، ولكن كيف تقسم الأضحية إلى ثلاث؟
الثلث الأول في الأضحية يكون لطعام الرجل وأهل بيته، أما الثلث الثاني يطعم به جيرانه الفقراء، والثلث الأخير يتصدق به.
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ).
ولكن في حقيقة الأمر أن هناك مجموعة من العلماء والفقهاء ذهبوا إلى أن الأضحية تقسم إلى نصفين، النصف الأول يطعم منه الرجل أهل بيته، والنص الثاني يتصدّق به الرجل على المحتاجين.
كيفية تقسيم الأضحية في المذاهب الأربعة
وبعد أن توصلنا من خلال الفقرة السابقة إلى كيفية تقسم الأضحية إلى ثلاث، الثلث الأول في الأضحية يكون لطعام الرجل وأهل بيته، أما الثلث الثاني يطعم به جيرانه الفقراء، والثلث الأخير يتصدق به، وذكرنا أن هناك مجموعة من الفقهاء يذهبون إلى أنه الأضحية تقسم إلى نصفين فقط، النصف الأول للرجل وأهل بيته، والنصف الثاني للتصدق به على المحتاجين، علينا إذن أن نتناول آراء علماء المذاهب الأربعة حول هذه القضية.
الشافعية: ذهب علماء المذهب الشافعي إلى أنه من الأفضل أن يتصدق صاحب الأضحية فيها كلها، ويأكل منها جزءاً بسيطاً.
الحنفية والحنابلة: وعن علماء كلا من مذهبي الحنفية والحنابلة، فقد اتبعوا نفس المذهب، وهو أن الأضحية تقسّم إلى ثلاث، الثلث الأول في الأضحية يكون لطعام الرجل وأهل بيته، أما الثلث الثاني يطعم به جيرانه الفقراء، والثلث الأخير يتصدق به.
المالكية: أما علماء المذهب المالكي ذهبوا إلى عدم التحديد، أي أن صاحب الأضحية يأكل بقدر ما يشاء، ويتصدق بما يشاء.
هل تقسيم الأضحية ثلاث أثلاث له أصل في الشرع
ومن الجدير بالذكر هنا أنه من أكثر التساؤلات التي تتداول على مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الإلكترونية هو؛ هل تقسيم الأضحية ثلاثة أثلاث له أصل في الشرع؟ ومن أجل ذلك سنقوم بالإجابة عن هذا السؤال من خلال السطور القادمة.
في حقيقة الأمر أن تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث لم يرد به آية أو نصا في القرآن الكريم بشكل واضح، لكن ذكر الله تعالى في الآية 28 من سورة الحج أن يأكل المضحي من ضحيّته، ويوزّع منها على الفقراء والمحتاجين، فيقول عز وجل: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”.
يمكننا الإشارة هنا إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي دل على أن الأضحية تقسم إلى ثلاثة أثلاث، فيقول صلى الله عليه وسلم: (ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ).
حكم الأضحية ومشروعيتها
وقبل أن نتناول هنا حكم الأضحية ومشروعيتها في عيد الأضحى المبارك على كل مسلم، علينا أن نطلع مسبقا على تعريف الأضحية.
إن تعريف الأضحية في اللغة هو اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، والأضحية تذبح أيَّامَ عيدِ الأضحى، أما بالنسبة إلى تعريف الأضْحِيَّةُ اصطلاحًا، فهي كل ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى، وسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما عن مشروعية الأضحية فهي مشروعة جائزة، وفقا لنقل الإجماع على مشروعيتها كثير من العلماء ولا سيما ابن قدامة وابن دقيق العيد وابن حجر العسقلاني والشوكاني.
وحكم مشرعية الأضحية أنها شُكْرُ اللهِ عز وجل على نِعمةِ الحياةِ، فيقول الله تبارك وتعالى في الآية 32 من سورة الحج: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ”، كما يقول أيضا عز وجل في الآية 11 من سورة الضحى: “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”.
فعن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ)، فهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على أن الذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ، بالإضافة إلى أنه واحدة من أعظم العبادات والطاعات.
فلا شك أن الأضحية تعبر عن إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عندما أمَرَه الله تبارك وتعالى بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وهنا يعلم المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ- عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والولدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ.
أما عن حكم الأضحية وفقا لما ذهب إليه أئمة المذاهب الأربعة والجمهور وغيرها من العلماء والفقهاء، فهي سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا).
وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به).
سنن توزيع الأضحية
ذكرنا فيما سبق أنه يسن أن توزع الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، الثلث الأول في الأضحية يكون لطعام الرجل وأهل بيته، أما الثلث الثاني يطعم به جيرانه الفقراء، والثلث الأخير يتصدق به، ونستدل على هذا مما يلي:
وكما توصلنا إلى أن الأضحية سنة مؤكدة على المضحي، فلا شك أن الأكل من الأضحية يعد أيضا سنة مؤكدة ويجوز شرعا، بل مستحب أيضا، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل من أضحيته، حيث قال: (فكلوا وادخروا وتصدقوا).
هل يجوز عدم توزيع الأضحية
لا يجوز عدم التوزيع من الأضحية، ونستدل على ذلك من قوله تعالى في الآية 28 من سورة الحج: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”، بالإضافة إلى قوله تعالى في الآية 36 نت سورة الحج: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ”، فلم يتم تحديد المقدار اللازم للتوزيع من الأضحية في القرآن الكريم، لكنه لا يجوز عدم التوزيع منها.