أمر الله تعالى جميع عباده المسلمين بقراءة القرآن الكريم وأن يتم ذلك بما يليق به، وفي ذلك الصدد وضع أهل العلم القواعد والضوابط التي تيسر على المسلم قرائته قراءة صحيحة، ومن بين تلك العلامات الدالة على الوقف على تلك الكلمة قبيح، وفي القرآن العلامة التي ترمز إلى الوقف القبيح بالقرآن هي علامة (لا)، والوقف الصحيح يعرف بأنه وقوف القارئ على كلام معناه غير تام، حيث يرتبط بما عقب تمام الارتباط وهو ما يستوي به اللفظ أو المعنى، ويعود السبب في تسميته بالوقف القبيح لقبح الوقف عليه، حيث إنه حين الوقوف يكون معنى الكلام غير تام.
حكم الوقف القبيح
لا يجوز الوقف القبيح عند قراءة القرآن الكريم، إلا في الحالة التي يضطر بها القارئ إلى ذلك ويكون هناك ضرورة ملحة له، مثل أن يعطس أو يسعل، أو أن يعاني من الضيق في التنفس، وعندها يكون من الجائز له لوقف ولكن بشرط أن يبتدئ القراءة ثانيةً بالكلمة التي وقف عندها، وذلك إن كانت تعطي المعنى الصحيح، ويكون الابتداء عندها صحيحًا، أو الابتداء مما قبلها إن كان مما يكون الابتداء منه صحيحًا.
صور الوقف القبيح
يوجد أربع صور للوقف، وفيما يلي نعرض علامات الوقف التي ترمز إلى الوقف القبيح، وسوف يتم إيضاح الصور الأربعة، ومثال على كل صورة منها:
الوقف المتعسف: وهو ذلك النوع من الوقف الذي يقوم القراء بتكلفه، ويوجد بعض الوقف المنصوص على اعتباره شاذًا مثل الوقف على كلمة يحلفون بقول الله تعالى في سورة النساء الآية 62 (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا).
الوقف على كلمة يخالف معناها العقيدة الإسلامية: حيث يعتبر من صور الوقف القبيح الوقف على الكلام المخالف في معناه للعقيدة الإسلامية، أو الكلمة التي يفهم منها معنى غير لائق بالله عز وجل، وذلك كالوقف على كلمة يستحي، بقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 26 (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا).
الوقف على الكلام الذي لا يعطي المعنى التام: من صور الوقف القبيح في القرآن الكريم الوقف على الكلام الذي لا يعطي معنى تامًا، أو الذي لا يفهم المعنى منه، لمدى تعلق الكلمة الموقوف عليها بما يليها، وذلك مثل كلمة الحمد في قول الله تعالى في سورة الكهف الآية 1 (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ)، حيث إن الوقف بكلمة الحمد يعتبر وقف قبيح، لأنه لا يعطي للجملة معنى تام.
الوقف على كلام يوهم بمعنى آخر غير معناه: حيث يعتبر من الوقف القبيح الكلام الذي يوهم بمعنى غير الذي أراده الله له، وذلك مثل كلمة الموتى الوارد في قول الله تعالى في سورة لأنعام االآية 36 (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)، حيث إن الوقف على كلمة الموتى يعتبر من صور الوقف القبيح، لأنه يوهم القارئ وكأن الموتى يسمعون كالأحياء، وذلك المعنى يخالف المعنى المرغوب.
علامات الوقف
وضع العلماء علامات ورموز للوقف بالمصحف الشريف، يتمكن القارئ عبرها من التعرف على الوقف، ومن علامات الوقف ما يلي ذكره:
م: وهي علامة الوقف اللازم؛ حيث إن الوصلَ يوهم للقارئ معنًى غير مرغوب من الآية.
قلي: وهي علامة الوقف الجائز، حيث يكون عندها القارئ مخير فيما بين الوصل أو الوقف، ولكن يكون أن الوقفَ أَولى من الوصل، فتلك الكلمة منحوتة عن عبارة (الوقف أولى)، وتكون علامةُ الوقف التام.
ج: وهي علامة الوقف الجائز ويكون جوازًا مستوي الطرفين؛ بمعنى أن الوصل والوقفَ فيها يكون سواء، لا يوجد أولوية بينهما، وتعتبر علامةُ الوقف الكافي.
يلا: وهي علامة الوقف الغير جائز في بعض الأحيان، في حين يجوز بأحيان أخرى، وفي الحالتين يكون من غير الجائز الابتداء بما يليه، ويكون ذلك الوقفُ بالوقف القبيح الغير جائز الوقفُ عليه، ولا الابتداء بما يليه، مثل قول الله تعالى في سورة الأنفال، الآية 50 ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا)، كما يكون بالوقف الحسن الجائز الوقفُ عليه، ولا يصح الابتداءُ بما يليه، مثل قول الله تعالى في سورة المزمل الآية 20 ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى﴾.
¡¡: وهي علامة تعانق الوقف، وهو ما يقصد به أن القارئ إن وقف على واحد من الموضعين، لا يصح له أن يقف على الموضع الآخر، مثل قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 2 (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، فإن وقف القارئ على كلمة ﴿لَا رَيْب﴾َ يجب عليه أن الوصل بكلمةَ: ﴿فِيهِ﴾ بما يليها.
