ابحث عن أي موضوع يهمك
خطبة الجمعة عن ليلة القدر وزكاة الفطر يعدان من الموضوعات الأساسية التي لا يخلو منبر في شهر رمضان الكريم من الحديث عنهما، خاصةً في الجمعة الأولى من الشهر الكريم، خاصةً وأن زكاة الفطر تعتبر متممة للصوم، فلا يقبل ولا يصح عند الله إلا بإخراجها، وكذلك ليلة القدر فلها من الأهمية عند الله تعالى أن جعلها خير من ألف شهر، لذا نعرض لكم في مخزن خطبتي جمعة أحدهما عن فضل ليلة القدر والعبادة بها، والأخرى عن زكاة الفطر وأهمية إخراجها.
نعرض لكم بالفقرات الآتية خطبتي جمعة عن ليلة القدر وزكاة الفطر مع الاستناد إلى الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين وسيدهم الحبيب المصطفى المبعوث رحمةً للعالمين، والحمد لله الذي هدانا لذلك وما كنا لنهتدي إلا لو هدانا الله، فمن يهده الله فلا مضل له، ويُضلل فلن تجدَ له وليًا مُرشدًا، أما بعد:
ها نحن ذا نستمتع بنفحات شهر رمضان العظيم، الذي حل علينا ليفيض علينا بالحسنات والبركات التي لا تنفذ، ومن بين نوافذ الخير رزقنا الله فيه بليلة نتعبده بها خير من ألف عام، والتي تأتي في إطار رحمات الله المنثورة في الشهر الكريم، كما وأن ليلة القدر من ليالي الدنيا، التي يطلع بها الله على حال عباده، وينظر إلى من تحركت قلوبه من بينهم بالخير، وسعت إلى الخير، فقامت ترضي الله تعالى لا يردعها نعيم مؤقت ولا دنيا زائلة، ولا شهوات فانية.
وقد جعل الله تعالى أجر ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر، وهو ما ورد في قول الله تعالى في سورة الآية 1: 5 (إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر، وما أدراكَ ما ليلةُ القدر، ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر، تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر، سلامٌ هي حتى مطلع الفجر)، كما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم).
لذا فإن المسلم العاقل الحريص على دينه والفوز بكنوز من الحسنات ألا يحرم نفسه من ذلك الثواب العظيم، هدانا الله وإياكم إلى الطاعات والخيرات، وأبعد عنا وعنكم جميع الشرور والشبهات.
نعرض لكم فيما يلي خطبة عن زكاة الفطر نوضح من خلالها حكمها الشرعي، وموعد إخراجها:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المسلمين النبي الأمي الأمين، نحمد الله ونشكره على نعمة حبه الذي يعد أعظم المواهب، وأشرف المكاسب، نحمده على جميع نعمه من طعام وشراب ومأكل وملبس والكثير من النعم التي لا تعد ولا تحصى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وحده المنزه عن كل عيب ونقص، خلق الإنسان من ماء دافق يخرجه من بين الصلب والترائب، ونحمده أن أرسل لنا رسوله وعبده محمدًا الداعي إلى النور والهدى وطهارة النفس والقلب من جميع المثالب، أما بعد:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)، حيث إنه هو الشهر الفضيل الذي كرم الله فيه عباده بالكثير من الدروس العظيمة عن العطاء والمنح، وفن الإنفاق في سبيل الله جل وعلا والتعلق به وحده سبحانه.
شهر رمضان أيام معدودات تكون نفس الصائم بها سخية على غيرها من المسلمين بالخير والكرم، حيث يزداد الإنفاق في ذلك الشهر أكثر من غيره من الشهور، وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه دروس جليلة عن الجواد السخي الكريم، وقد خص بتلك النفحات من يقدر من العباد على المنح وإطعام الطعام، ونيل أجر إفطار الصائمين، فكان الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه أحرص خلق الله في الشهر الفضيل بما يتعلق بإخراج المسلمين لزكاة الفطر.
وقد قال فيها الحبيب المصطفى أنه من شأنها زيادة التماسك والترابط بين أبناء المجتمع الإسلامي، من خلال رعاية الأغنياء للمساكين والفقراء، حيث يعد العطاء مما تتدرب عليه الأنفس من النوافل في شهر رمضان، باستثناء زكاة الفطر والتي تعد من الأمور الواجبة على العباد والتي لا يصح الصوم دونها، حيث إنها تجب على كل مسلم ومسلمة صغارًا وكبارًا.
وقد ورد في وجوب إخراج زكاة الفطر على جميع المسلمين ما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لِمَا روى الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعَاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعَاً مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ).
ويمكن إخراج زكاة الفطر منذ أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك، إلى ما قبل صلاة العيد، لذا عليكم جميعًا أيها المسلمون الحرص على أداء الطاعات، واغتنام ما أفاض به علينا الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، والاقتداء به في تحري الطاعات، خاتم المرسلين وأفضل الخلق أجمعين.
اختلف أهل العلم حول الحكم الشرعي في إخراج زكاة الفطر نقدًا، حيث ورد بكل صريح عن ابن حزم، والشافعية، والمالكية والحنابلة، أنه من غير الجائز أن يتم إخراجها نقدًا، وفي ذلك قال الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه (يجزئ إخراج القيمة بدلًا من الطعام)، وقد استدل في مسألة تحريم إخراجها نقدًا عن الحديث الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي قال به (كُنَّا نُعْطِيهَا في زَمَانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وجَاءَتِ السَّمْرَاءُ، قالَ: أُرَى مُدًّا مِن هذا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ).
حيث جعل الرسول صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على هيئة طعمة يخرجها للمساكين والفقراء من الطعام وليس النقود، وهو ما يفيد بأن المسلم يجب عليه إخراج زكاة الفطر للمساكين من جنس معين حسب ما فرضه النبي الكريم، وإخراج الزكاة من غير الجنس فيه مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحدثت عن فضل ليلة القدر، وسوف نذكر لكم فيما يلي بعض من تلك الأحاديث: