ابحث عن أي موضوع يهمك
تم تقسيم العلوم الأساسية للعديد من الاختصاصات والفروع، بحيث يبحث كل منها عن أمور محددة، مثل علم النباتات، وعلم الحيوات، والفيزيولوجيا، وعلم التشريح، ومن بين تلك العلوم الأنثروبولوجي الذي يشير إلى (علم الإنسان أو علم الأجناس)، وذلك لأن كلمة الأنثربولوجيا تتكون من جزأين أولهما Anthropos الكلمة اليونانية التي تعني علم الإنسان، وكلمة logosg ومعناها علم، لتعني بذلك علم الإنسان، الذي يبحث بجميع ما يخص الإنسان من سلوك وعمل، والحضارات والمجتمعات البشرية.
يعتبر ذلك العلم من أقدم العلوم التي ظهرت على الأرض، وكانت بدايته من خلال التأمل والنظر، فيقال إن المؤرخ هيرودوتس الإغريقي هو (أبو الأنثربولوجيا) وذلك لمدى دقته بوصف تكوين وشكل أجساد السينيين، ووصفه أيضًا لقدماء المصريين، في حين أن (تاكيتس) الروماني كتب دراسته الشهيرة عن (القبائل الجرمانية)، ولكن تدريس علم الأنثربولوجيا يعتبر من الأمور الحديثة نسبيًا، حيث لم يبدأ تدريسه سوى من قرن ونصف فقط.
وتعتبر نهاية القرن الثامن عشر هي نقطة بداية ذلك العلم، وبالقرن التاسع عشر بدأ في الظهور كتب الأنثربولوجيا القديمة بأوروبا وأمريكا، وبالوقت ذاته ظهرت المدارس التي تهتم بتدريس ذلك العلم، مثل مدرسة (القانون المقارن)، و(المدرسة التطويرية)، ومن أهم الأسماء التي ساهمت بإثراء ذلك العلم وتدريسه (البوت سميث)، (مالينوفسكي)، و(راد كلف براون)، والكثير من عباقرة علم الأنثربولوجيا، والمؤلفات الضخمة بذلك الصدد والمدارس الهامة التي أثرت ذلك العلم وجعلته أحد أهم العلوم التي يتم تدريسها.
تركز طبيعة الأنثربولوجيا بدراسة الإنسان وسلوكه، مع تحديد أوجه الاختلاف والشبه بينه وبين الحيوانات التي تعيش على الأرض، وبينه وبين الإنسان وغيره من البشر الذين يتعامل معه، ويكون اهتمام الأنثربولوجيا على دراسة من يعيش من البشر بجماعات وفي المجتمع، وليس دراسة الإنسان بشكل منفرد، ويهتم أيضًا ذلك العلم بدراسة معتقدات وأفكار الإنسان ومستوى تطور ثقافته، بالاعتماد على نظرية التطور على مدار الزمن.
قام الأنثروبولوجيون البريطانيون بتقسيم ذلك العلم لأربعة فروع وأقسام على النحو التالي:
ترتبط الأنثروبولوجيا الطبيعية بعلم وظائف الأعضاء وعلم التشريح وعلم الحياة، ويرجع ذلك القسم لطائفة العلوم الطبيعية، ومن أهم تخصصاته علم الجراحة الإنساني، دراسة مقاييس الأجسام الحية، مقاييس جسم الإنسان، علم البناء الإنساني، علم العظام، ويتم تدريس ذلك القسم بكليات العلوم والطب، وفي ذلك القسم يتم دراسة ظهور الإنسان على الأرض بحيث كان سلالة فريدة من نوعها، وطريقة اكتسابه للصفات الخاصة به مثل استخدام اليدين، والمشي منتصبًا، والدماغ الكبير، والكلام.
ثم يتم تدريس تطوره بالحياة وطريقة انتشاره بالأرض، كما يتم تدريس السلالات القديمة البشرية، وما لها من مميزات، والعناصر البشرية الحديثة، وما لها من أوصاف جسمانية متنوعة، وتوزيع تلك العناصر على قارات الأرض، ووضع مقاييس وضوابط لتلك العناصر مثل طول القامة وشكل الجمجمة، ولون البشرة والعينين والشعر.
تتناول تلك الأنثروبولوجيا دراسة المجتمعات البدائية، وحينما نشبت الحرب العالمية الثانية أخذت في دراسة المجتمعات المدنية والريفية، إذ درست النظم والعلاقات الاجتماعية مثل الزواج والعشيرة والعائلة، والطبقات والقرابة، والنظم الاقتصادية، بالإضافة إلى اهتمام ذلك القسم بتحليل بناء المجتمعات الإنسانية من الناحية الاجتماعية، والدراسة المفصلة والعميقة للبناء الاجتماعي بمجتمع ما.
يختص ذلك الفرع من الأنثروبولوجيا بدراسة أجهزة الشعوب البدائية ومخترعاتها، وأسلحتها وأدواتها، وأساليب الزينة، وأشكال المساكن، وأنواع الألبسة، والقصص، والخرافات، والفنون، والآداب، وجميع ما ينتجه الشعب البدائي مادي أو روحي، مع التركيز على الاتصال الحضاري فيما بين الشعوب، ومن يتصل به من الشعوب الأخرى، والمقتبس منهم، وتركيزها على التغير الاجتماعي والتطور الحضاري.
حينما اتصل الأوربيون عبر الاستعمار والتجارة، والتبشير بالشعوب البدائية الأخرى، ظهرت الحاجة لفهم الشعوب البدائية لسيطرة الأوروبيين عليها، ومن ذلك المنطلق تناول ذلك الفرع دراسة مشاكل الاتصال بتلك الشعوب، وطريقة تطويرها ومعيقات إدارتها، وقد عرف ذلك القسم بالأنثروبولوجيا التطبيقية، وقد تم تطوير ذلك القسم حين قيام الحرب العالمية الثانية، حيث تنوعت فروعه ومجالاته، لتشمل المجالات السياسية والصناعية، والفلكلور، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والتحضر، والسكان، والتربية والتعليم.
لعلم الأنثربولوجيا علاقة بالكثير من العلوم الأخرى ومن أهمها ما يلي:
يختص علم الأنثربولوجيا بدارسة جميع الجوانب ذات العلاقة بحياة الإنسان باعتباره كائن حي قادر على إنتاج أبنية ثقافية يتأثر بها الإنسان ويؤثر فيها، وهو ما يجعله بمثابة عنصر منفتح على الآخر، وقد تم إطلاق مصطلح الأنثربولوجيا بإنجلترا على دراسة حياة وسلوك الشعوب البدائية، لمحاولة التعرف على الجذور الوراثية التاريخية للشعوب الحالية، ويجب الإشارة إلى ارتباط الأنثربولوجيا الثقافية بالفروع الأخرى منها، إذ ترتبط في فرنسا بالصفات الجسمية والطبيعية.
علم الأنثربولوجيا يعتبر من العلوم حديثة العهد، كما وأنه وليد علم الفلسفة، ويرتبط مع علوم اجتماعية كثيرة منها علم الاجتماع وعلم النفس، وعلى الرغم من حداثته ولكن يوجد الكثير من الرواد له ممن كان لهم أثر بارز بتطوير الأنثربولوجي الثقافية باعتبارها علم مندرج عن الأنثربولوجيا، ومن أشهر علماء ذلك العلم ما يلي:
يعتبر إدوارد تايلور مؤسس علم الأنثروبولوجيا الثقافية وهو باحث إنجليزي وأكاديمي له الكثير من الكتابات، لعل من أبرزها كتب الثقافة البدائية الذي تمكن من خلاله أن يوضح مدى الصلة بين البيولوجيا والثقافة، حيث استحدث مفهوم حديث بعلم الأنثروبولوجيا الثقافية، ويتمثل الهدف من دراسته بالكشف عن طبيعة العلاقة ما بين الصفات البيولوجية التي تظهر على جسم الإنسان، وما ينشأ به من بيئة اجتماعية وثقافية، فهو يساعد العلماء في اكتشاف ما أدى من الأسباب ليكون الإنسان مثلما هو عليه بمجتمع ما.
يعتبر العالم مالينوفسكي من أهم رواد علم الأنثربولوجيا بالقرن العشرين، والذي لم تقتصر دراسته على نطاق محدد، ولكنه قام بالعديد من الدراسات الميدانية، من أهمها دراسة شعب أوقيانوسيا، وقد اهتم كذلك بالأنثروبولوجيا الاجتماعية، والأنثروبولوجيا الثقافية عبر دراسته لثقافة الشعوب المختلفة، وفن اللهجات والفلكلور، ويذكر أن من أهم ما قام به من دراسات أنثربولوجية دراسته لشعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط.
يعتبر من أهم العلماء البريطانيين الأنثربولوجيين الكلاسيكيين، فقد تلقى دراسته بجامعة كامبريدج، وهو مؤسس علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية، وذلك الفرع ذو صلة وثيقة بالأنثروبولوجيا الثقافية، ويعتبر كتابه الذي يحمل عنوان (The Golden Bough) مرجعًا أساسيًا لجميع من يرغب في دراسة الأنثربولوجيا بشكل عام، أو الاختصاص بأحد فروعها.