مخزن أكبر مرجع عربي للمواضيع و المقالات

ابحث عن أي موضوع يهمك

ما تعريف السحر وما حكمه

بواسطة: نشر في: 29 نوفمبر، 2022
مخزن

ما تعريف السحر وما حكمه

السحر هو التخييل والمُخادعة، وهو ما خُفي سببه، والأصل بالسّحر أنه صرف الأمر عن الحقيقة إلى أمر آخر، وبينما كانت مَهمّة الساحر قيامه بصرف الشيء عن حقيقته، أو أن يُصوّر الشيء غير الحقيقيّ بصورة الحقيقيّ؛ فإنه يكون ساحرًا، أما بالاصطلاح؛ فيعُرّف أنه: التخييل والمُخادعة، أو عزائم وعقد تؤثّر على القلوب والأبدان، وتؤدي إلى التفرقة فيما بين المرء وزوجه، والتفرقة بين المرء وأمّه وأبيه، والقيام بأخذ أحد الزّوجين عن صاحبه، وأما فيما يتعلق بحُكم السّحر؛ فإنه حرامٌ، وهو من الموبقات السّبع التي حذّر الرسول -صلى الله عليه وسلّم- منها.

فالسحر عقد ورُقى وكلام غير مفهوم قد يفعل فيه، أو يُتكلّم به، ممّا يؤثر بالعقول والقلوب والأجساد، فينتج عنه القتل والمرض ومن أنواع السحر ما قد يكون وهماً، مثل سحر سحرة فرعون بتحدّي موسى، لكنّه على الرغم من أنّه وهم ولكنه يقع بالقلب ويخيفه، وهو ما قال به تعالى في سورة طه الآية 66 (قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ).

ومنه ما يكون حقيقياً، مثل الذي قام اليهودي لبيد بن أعصم به اتّجاه نبي الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث روت أمّ المؤمنين السيدة عائشة رضيَ الله عنها فقالت: (سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما يَفْعَلُهُ، حتَّى كانَ ذَاتَ يَومٍ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قالَ: أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما فيه شِفَائِي، أتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقالَ أحَدُهُما لِلْآخَرِ ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، قالَ: فِيما ذَا، قالَ: في مُشُطٍ ومُشَاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قالَ فأيْنَ هُوَ؟ قالَ: في بئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلتُ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقالَ: لَا، أمَّا أنَا فقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذلكَ علَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ).

حكم السحر كفر

إن حكم تعلُّم السّحر أنه من المُحرّمات التي حذّرت الشّريعة الإسلاميّة منها؛ حيث يصل السّحر بالمرء للإشراك بالله جل وعلا، وقد قال تعالى في سورة البقرة الآية 102 (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).

فحد تعلُّم السّحر الذي يكون به إشراك بالله، أن يُقتل ذلك الساحر كُفرًا وردّةً، وفيما يتعلق بمن كان تعلّمه للسحر للحدّ الذي لا يبلغ درجة الكُفر به؛ فإنه يُقتل حدًّا، ويرجع السّبب في ذلك؛ إلى دفع شره وأذاه عن المُسلمين.

حكم السحر الوهمي

من يقوم من السحرة بالسحر الوهمي عن طريق استخدام بعض المواد الكيماوية والعقاقير، وهو ما يترتب عليه الكذب على الآخرين، فضلاً عن الإضرار بهم، وهو ما يعتبر من السبع الموبقات، وطريقاً يوصل صاحبه للكفر، وقد أوضح جمهور علماء أهل السنة أنّ تعليم السحر وتعلّمه من الأمور المحرمة عند الله تعالى.

وقد ذكر ابن قدامة إنّ تعلُم وتعليم السحر حرام، لا يوجد به خلافاً عند أهل العلم، وذكر النووي أن تعليمه وتعلمه حرام، فإن اشتمل على ما يقتضي الكفر فإنه كفر وإن لم يكن كذلك فلا، ويتضمن ذلك الحكم إن تعلّيم المسلم السحر لغيره حرام، في حين أن من يرغب بتعلّمه لنفسه فقط دون العمل به ولا تعليمه لغيره، فإنه حرام بجميع الأحوال.

حكم سحر التأثير

بالحديث حول حكم سحر التأثير فإنه حرام، فقد أتى الإسلام من أجل حفظ نفس وأعراض الناس ودينهم وأرواحهم، فحرّم جميع ما يؤذيهم بذلك من اعتداء أو قتل أو كفر أو إيذاء للأنساب والأموال أو الأعراض، لم يأت السحر على شيء من هذا إلّا وقد أفسده، حيث لا يفترق السحر والكفر، وكذلك فإن السحر وسيلة لإضاعة وتبذير المال، وهو واحد من مداخل انتهاك الأعراض والزنا، وهو طريق لإضاعة واغتيال العقول، لذا حرّم الدين الإسلامي أي طريق يوصل إلى السحر أشد التحريم.

أقسام السحر

هناك أقسام عديدة للسحر عدّها البعض عشرة أقسام، وآخرون عدوها ثلاث عشرة قسمًا، وجعلها البعض لا تتعدّى ثلاثة أصُول، والبعض جعلها لا تتعدّى فرعين فقط، وهما: السّحر الخيالي والحقيقي، فأمّا السّحر الحقيقيّ فيعرف بأنه الذي يستخدم السّاحر به بعض التعويذات والرقى، فتأثّر بالإيجاب على المشاعر أو تؤدي إلى الكُره، وتُأثّر على قدر البُغض والحبّ، أو التفريق بين المرء وزوجه، العديد من الأمور التي تؤثّر تأثيرًا حقيقيًّا بالمرء، وقد دل القرآن الكريم على ذلك النوع، بقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 102 (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)، بينما النّوع الثّاني فإنه يعتمد على الخداع والتخييل، وذلك النّوع الذي قام به السّحرة لنبي الله موسى حين ألقوا عصيّهم وحبالهم؛ فظهرت ثعابين تسعى، وهي بحقيقتها عصيّ.

حكم السحر مع الدليل

اتّفق جمهور الفقهاء من الشافعيّة والحنفيّة، والمالكيّة، أنّ السحر حقيقياً كان أم وهماً فهو من الكفر، ويستدل على ذلك من قول الله تعالى بسورة البقرة الآية 102: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)، وحين روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (مَنِ اقتبَسَ شُعبةً مِنَ النُّجُومِ اقتَبَسَ شُعبَةً مِنَ السِّحْرِ.).

وما روي عن أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ)، وقد اختلفت أحكام السحر وتعددت لدى الشافعيّة بين المعصية والكفر، والتي تقع بدائرة الكبائر، فمن يؤدي بالسحر الحقيقي عن طريق الشياطين، والتقرّب لهم فإنه من الكفر.

عقوبة الساحر الذي يستعمل سحر التأثير والتخبيل

لا شكّ أن الساحر مشرك بالله و القتل هو عقوبته بالدنيا، أمّا جزاؤه في الآخرة فهو جهنم وبئس المصير إن أصرّ على سحره دون التوبة إلى الله تعالى، ويستدل على أنّ السحر كفر قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 102: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ )، فينبغي على من يعمل بالسحر أو من يتعاطى به التوبة إلى الله تعالى عن إتيان السحر، لأنّه في حالة مات عليه سوف يعدّ كافرًا وسيصبح من أهل جهنم، حيث إن السحر من آثار الشياطين.

المراجع

ما تعريف السحر وما حكمه

جديد المواضيع