ابحث عن أي موضوع يهمك
ورد في كتاب الله تعالى العديد من الآيات الدالة على أن جميع الأمور تجري بقدر الله سبحانه، وأن الله تعالى علم وقدر الأشياء في الأزل، وأنها سوف تقع على حسب ما قدرها الله جل وعلا، ومنها قول الله في كتابه العزيز:
كان كافة الرسل الأنبياء والتابعين لهم معتقدين بعقيدة التوحيد الصحيحة الخالصة، مثلما أوحى ربهم تبارك وتعالى إليهم، والإيمان بصفاته تعالى، ومنها، القدرة والعلم والإرادة والخلق جميها تندرج بالتوحيد وهو أساس دين الإسلام، وقد تحدث القرآن الكريم عن الرسل والأنبياء وغيرهم، وأوضح قولهم بالقدر، وأن ما شاء الله تعالى كان، وما لم يشأن لم يكون.
قال تعالى في سورة (هود الآيات 32 ـ 34) : “قَالُواْ يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَاتَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِنشَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ، وَلاَيَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”. حيث قالوا لنوح عليه السلام وهم مستعجلين: يا نوح أنت جادلتنا وحاججتنا فأكثرت من هذا، ونحن لسنا تابعيك، فآتنا بما قد وعدتنا من العذاب، فأجابهم مبيناً أن الأمر جميعه بيد الله تعالى، فهو من يأتيكم بالعذاب إن شاء، ثم أوضح نوح كذلك أن نصحه لا ينفع إن كان الله يود إغواءهم، حيث إن مشيئة الله نافذة، وإرادته غالبة.
حين أراد إسماعيل ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بأمر الله، حيث يقول تعالى في سورة الصافات الآية 102 “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَاتُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنشَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”، وفي ذلك يكون بالغالب أحب ما يكون إلى والديه، فرأى أبوه بالمنام أن الله تعالى يأمره بذبحه، ودومًا ما تكون رؤيا الأنبياء والرسل وحي، فقال إسماعيل عليه السلام مستسلماً: “يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنشَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”، فأقر أنه موطِّن حاله على الصبر، وهو ما قرنه بمشيئة الله سبحانه لأنه لا يكون أمرٍ بغير مشيئة الله، وذلك هو الشاهد.
يقول الله تعالى في سورة يوسف الآية 100 “وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ” حيث يعني قوله إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء أنه إذا أراد أمراً قيض أسباباً له ويسره وقدره، فهو العليم بمصالح عباده، وهو الْحَكِيمُ بأقواله وأفعاله، وقضائه وقدره، وما يريده ويختاره، فالنبي يوسف عليه السلام ـ كان مؤمناً أن كل ما جرى ويجري سواء له أو لغيره هو بقضاء الله وقدره.
ذكر الله عن النبي موسى إيمانه بأن الإضلال والهداية بيد الله، وتحت مشيئته، فقال تعالى بمعرض قصته في سورة الأعراف 155 “وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ” ، فيدل قوله: “لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ” أنك لو أردت إهلاكنا لكنت أهلكتنا بذنوبنا قبل ذلك الوقت، فاعترف موسى بالذنب لما فرط من قومه، أو لو شئت أهلكتهم وأنا معهم قبل خروجنا لكي يعاين بنو إسرائيل هذا ولا يتهمونني، و(لَوْ) هنا للتمني. ثم يقول: “إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء”: فيعني أنه إمتحانك واختبارك تهدي بهما من تشاء وتضل من تشاء، ولا مضل لمن هديت، ولا هادي لمن أضللت فأنت وحدك لك الخلق والملك والأمر، فقول موسى ذلك يشير إلى إيمانه تصديقه بالقدر.
تدور القصة عندما ورد ماء مدين حيث يقول تعالى عن الشيخ في سورة القص الآية 27 “قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنشَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ”، والشاهد في ذلك قوله: “سَتَجِدُنِي إِنشَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ” بمعنى حسن الوفاء والصحبة، أو الصلاح بشكل عام ويدخل به من باب أولى صلاح المعاملة، وهو ما قيد بمشئة الله تعالى تفويضاً للأمر لتوفيق الله وعونه.
يقول تعالى عن قومه في (سورة القصص الآية 82) “وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَايُفْلِحُ الْكَافِرُونَ”، حيث إن بقوله “يَبْسُطُ الرِّزْقَ” للبعض من عباده ويُضيّقه على آخرين فله ذلك، يفعل سبحانه وتعالى ما يشاء.
قوله في سورة الأنفال الآية 42 (وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا)، وقوله في سورة الأحزاب، الآية “سورة الأحزاب، الآية 38 (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا).