ابحث عن أي موضوع يهمك
يوافق شهر شَعبان عام 1445 شهر فبراير، وشهر مارس للعام 2024 ميلاديًا، ويذكر أن شهر شَعبان من الشهور ذات الفضل العظيم على المسلمين، إذ ترفع الأعمال به إلى الله تعالى، لذلك يستحب به الإكثار من الصلاة على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فيه، كما يعتبر هو الشهر السابق لشهر رمضان الفضيل.
يعتبر شهر شعبان هو الشهر الثامن في التَقويم الهجري، ويقابله ذلك العام شهر فبراير وشهر مارس من الشهور الميلادية، ويوجد فضل كبير لشهر شعبان على المسلمين، إذ ترفع الأعمال به إلى الله تعالى، لذلك يستغل جميع المسلمين ذلك الشهر في التوبة بالتقرب لله جل وعلا، ويبدأ شهر شَعبان ذلك العام تحديدًا في يوم الثلاثاء الموافق للحادي والعشرين من شهر فبراير، وعلى ذلك فإن المتبقي على بدء شهر شعبان هو تسعة عشر يوم.
أوضح الله تعالى فضل ومكانة شهر شعبان ومنزلته بين جميع الشهور، حينما رأى مدى تعظيم شهر رجب لدى الجاهلية، وتعظيم شهر رمضان بين المسلمين، فسأل أسامة بن زيد رضي الله عنه النبي عن كثرة صيامه بشهر شعبان، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً (ذاكَ شهرٌ يغفلُ الناسُ عنهُ بينَ رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ يُرفعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ فأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ).
وتخصيص النبي في الصيام لشهر شعبان مقرونٌ برفع الأعمال لله، حيث ترفع الأعمال إلى الله بشهر شعبان، في حين تُعرض في كلّ اثنين وخميس بأيام الأسبوع، ويذكر أنّ رفع الأعمال لله يكون على أنواعٍ ثلاثة؛ حيث يرفع عمل النهار إليه قبل عمل الليل، ويرفع عمل الليل إليه قبل عمل النهار، كما ترفع الأعمال إليه يومي الاثنين والخميس، وترفع كذلك بالخصوص في شهر شعبان، ويستدل على ذلك مما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال (يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليلِ وملائكةٌ بالنَّهارِ، ويجتمِعون في صلاةِ العصرِ وصلاةِ الفجرِ).
وفي سبيل رفع الأعمال لله بشهر شعبان أحبّ الرسول أن يتم ذلك وهو صائم، فهو أدعى لقبول الله تعالى للأعمال، وهو أحبّ لله عزّ وجلّ، ويذكر أنّ ليلة النصف من شعبان تتمتع بمكانةٌ خاصةٌ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك (يطَّلِعُ اللهُ إلى خَلقِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خَلْقِه إلَّا لِمُشركٍ أو مُشاحِنٍ).
حيث لا يطلع الله تعالى على المشرك، وعلى من يوجد بغضاء وشحناء بينه وبين غيره، حيث يعد الشرك من أقبح وأعظم المعاصي والذنوب، الذي يكون بالدعاء والذبح لغير الله، وسؤال النبي في قضاء الحاجات، كما أنّ البغضاء والشحناء التي قد يستهين البعض بها من أسباب عدم اطلاع الخالق جل وعلا على العباد، إلى جانب أنّها من مسببات عدم قبول الأعمال والصلاة، فيلزم الإخلاص والسلامة من والحسد والحقد والغش حتى تقبل الأعمال.
وتتمثل الحكمة من إكثار الرسول صلى الله عليه وسلم من الصيام بشهر شعبان في إحياء أوقات الغفلة بالطاعة والعبادة، وقد قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ذلك (أنَّ شهر شعبان يغفُل عنه الناس بين رجب ورمضان، حيث يكتنفه شهران عظيمان، الشَّهر الحرام رجب، وشهر الصِّيام رمضان، فقد اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير منَ الناس يظنُّ أنَّ صيام رجب أفضل من صيامه؛ لأنّ رجب شهر حرام، وليس الأمر كذلك).
لم يتفق أهل العلم على رواية صحيحة دالة على تخصيص ليلة النصف من شعبان برفع الأعمال، أو ببدايته، ولكن ما ورد أن الله تعالى يطّلع في ليلة منتصف شعبان على خلقه فيغفر للكافة إلا المشاحن والمشرك، فإن عمل العام كامل يرفع بشعبان بغير تحديد ليوم أو لليلة، بينما عمل الأسبوع فإنه يُعرض في يومي الاثنين والخميس، وقد ورد بالحديث النبوي عن أبو موسى الأشعري عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ).
ورد بالحديث النبوي عن أسامة بن زيد أنه قال (يا رسولَ اللَّهِ ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ ؟ ! قالَ : ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ)، فكان الصحابة رضي الله عنهم يراقبون الرسول صلى الله عليه وسلم بعباداته ومعاملاته، ومنها مراقبتهم له بصيامه سواء الفرض والتطوّع، فوجدوا أن الرسول يكثر من الصوم بشهر شعبان أكثر من أيام السنة الأخرى، وقد علل الرسول ذلك، بأن جميع أعمال المسلم سواء طاعة ومعصية، أو خير وشر تُرفع بشهر شعبان، لذا يستحب الإكثار من العبادات والطاعات بذلك الشهر، وأفضل العبادات عند الله سبحانه الصوم.
شهر شعبان شهر الاجتهاد في الطاعات والعبادات والتقرّب لله تعالى، فهو فرصة للمسلم حتى ينال فيه الأجر والبركة بمختلف أنواع العبادات اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ممن كانوا يكثروا من صوم شهر شعبان، وقد فضّل الرسول شهر شعبان على غيره من أشهر السنة، فكان يكثر من صومه، حيث إن شهر شعبان شهر كريم ومباركٌ خاصةً في صوم التطوّع، وورد بالأثر أن أسامة بن زيد كان يصوم الأشهر الحُرم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم (صم شوالاً)، فصام شهر شوال وترك الأشهر الحُرم، ومن فضائل شهر شعبان أنه يسبق شهر رمضان وهو شهر القيام والصيام، فيلتحق شهر شعبان بصوم شهر رمضان لاقترابه منه، ومنزلته من الصيام تكون بمنزلة الفرائض مع السنن الرواتب، فيلتحق في الفضل بالفرائض، وهو تكملة لما يُنقص من الفضائل.
أباح الله سبحانه صوم شهر شعبان للعديد من الحِكم ومنها:
ورد بالحديث النبوي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (إذا انتَصفَ شعبانُ فلا تَصوموا)، فمن لم يصم أول شعبان ليس له الصوم بعد النصف، كما ليس له صوم آخر شعبان، حتى لا يقدم شهر رمضان بصوم يوم أو يومين، ولكن من اعتاد على صوم الاثنين والخميس ووافق ذلك الليلة الأخيرة من شعبان، فله أن يصوم، حيث لا بأس بذلك، ومن كانت عادته صوم يومًا وثم يفطر يومًا، فلا مانع من صومه آخر شعبان، ولكن أن يبتدأ المسلم الصوم عقب النصف من شهر شعبان من أجل شهر رمضان، فهو غير جائز شرعًا، وأما إن صام بدايةً من الرابع عشر أو الخامس عشر، فلا مانع من صومه، ولكن من يفطر بالنصف الأول ليبتدئ بعده الصوم بالنصف الثاني فذلك منهي عنه.
ورد عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال (قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: (ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع به الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم).