ابحث عن أي موضوع يهمك
ورد بالسورة الكريمة العديد من اللّطائف والفوائد لسورة الغاشية، نذكر منها التالي:
وتدور الآيات الكريمة بسورة الغاشية عن يوم القيامة وأحداثه والتخويف منه، وذِكر لأحوال مَن كان مصيره النار والعذاب بها، ثمّ تطرقت الآيات بالسورة لحال المؤمنين ممن استحقّوا النّعيم بجنّات الخلد، وموعظة النبي صلّى الله عليه وسلّم لمن يضل عن طريق الحق.
إذ كان الرسول يعظهم خشيةً عليهم من استحقاق العذاب في يوم القيامة ورأفةً بحالهم ممّا قد يحلّ عليهم، ثمّ إنّ المرجع والعاقبة لله تعالى وحده يوم القيامة، فيجازيهم ويحاسبهم على أعمالهم، إذ قال تعالى (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم).
تعتبر سورة الغاشية أحد السور المكيّة وذلك بالاتّفاق، حيث نزلت عقب سورة الذّاريات، والبالغ عدد آياتها ستّاً وعشرين آية، وترتبط مع سورة الأعلى التي أتت قبلها بما قد ذكرته سورة الأعلى من أحوال الجنّة والنّار، والمؤمنين والكافرين إجمالاً، وقال بها تعالى (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى)، فأتت سورة الغاشية لتوضح ما ذكرته سورة الأعلى على نحو التفصيل.
ويقول أبو حيان عن سورة الغاشية أنها أتت لتوضح أنّ الناس ينقسمون لقسمين؛ قسم بالجنّة وآخر بالنّار، وقيل إنّ سورة الأعلى اختتمت في نهايتها بالترغيب بالآخرة، حيث قال تعالى (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)، فأتت بعدها سورة الغاشية لتبيّن تلك الأحوال التي رغّبت سورة الأعلى بها من قبلها.
إذ أن وجود سورة الغاشية عقب سورة الأعلى لتشرحها وتبينها، وقد سُمّيت سورة الغاشية بذلك الاسم لحديثها عن يوم القيامة وما به من الأحداث والأهوال، والغاشية أحد أسماء يوم القيامة، ويعني ما يغشى جميع النّاس.
تتحدث سورة الغاشية حول أصول الاعتقاد بموضوعات ثلاثة، والتي تأتي كما في التالي:
وصف أهوال وشدائد يوم القيامة
وما بها من عناء وبلاء، وأنّ الناس فريقان يوم القيامة، وبيان لما سوف يلقاه المؤمن والكافر بها من السعادة والشقاء، ووصف لأهل النار وأهل الجنة.
إثبات وحدانية وقدرة اللَّه
وحكمته وعلمه بالبراهين والأدلة مثل قدرته على خلق السماوات بلا عمَد، والجبال والإبل الشاهقة، والأرض المنبسطة، وغيرها الكثير من عجائب الصنعة الإلهية منها ما يراه الإنسان وما خفي علمها عنه.
ختمت السورة بتذكير الناس بالرجوع إلى اللَّه
للجزاء والحساب، وأمر الله سبحانه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بتذكير الخلق، بما أنزل من الأحكام والشرائع إليهم، حيث إن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي هداية وتذكير الناس بطريق الحق، فمن كفر وتولى بعد ذلك فله العذاب الأليم.
جاء بها بيان أحوال طائفتين من الناس
تضمنت سورة الغاشية على الكثير من المقاصد والأغراض التي نزلت لتوضحها وتبيّنها، ومن تلك المقاصد ما يلي:
سميت في التفاسير والمصاحف سورة الغاشية؛ وذلك لوقوع لفظ الغاشية بأول السورة، والغاشية من أسماء يوم القيامة مثلما فسّرها بعض المفسرين، وكما ثبتت تسميتها بالسنة النبوية في سورة (هل أتاك حديث الغاشية).
كما ورد بحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ وفي الجُمُعَةِ بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَ{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ})، كما تسمى كذلك سورة (هل أتاك) اختصاراً بدون حديث الغاشية، وكل تلك الأسماء تؤدي إلى نفس المعنى.
أتى ختام سورة الأعلى من خلال الحديث عن الآخرة، بكونها الحياة الباقية الخالدة المستحقة أن يعمل الإنسان لها ويبذل من أجلها كل جهده، ويؤثرها على الدنيا الزائلة الفانية وإيثار الحقّ والعدل على الباطل، ولكن حب الدنيا غلب على معظم الناس حبهم للآخرة، فصرفوا جل همَّهم للاهتمام بالدنيا.
ولم يمنحوا الحياة الآخرة من اهتمامهم شيئاً، ونسوا السبب الحقيقي الذي لأجله خلقهم الله تعالى، فجاؤوا معدَمين مفلسين يوم القيامة، ليس بأيديهم لها زاد، ولكن كل ما يحملونه آثامهم وأوزارهم.
وهنا ورد الحديث عن أهوال يوم القيامة والغاشية؛ لتذكير العباد بها، وتنبيهاً لما سوف يلقاه المجرمون بها من عذاب، ففصّلت تلك السورة ما ورد بسورة الأعلى، من أوصاف الكافر والمؤمن والنار والجنة.
وحين قال تعالى بسورة الأعلى (سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى)، لقوله تعالى (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)، فقد فصّل هذا بسورة الغاشية بقوله تعالى (عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً).
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم (من أدمن قراءتها حاسبه اللّه حسابًا يسيرا، ومن قرأها على مولود أو كتبت له بشرًا كان أو حيوانًا سكّنته وهدّأته).