قصص عن دهاء العرب تساهم في تعلم الكثير من الحكم والمواعظ ومعرفة كيفية تطبيقها على أرض الواقع، حيث إننا عبر موقع مخزن سوف نذكرها لكم بالتفصيل، كما سنشير إلى المزيد من القصص عن هؤلاء القوم ومواقفهم العظيمة والمناظرات المفحمة التي أظهرت مدى ذكائهم.
اشتهر العرب بمدى ذكائهم ودهائهم وكذلك حنكتهم، بسبب تمتعهم بالعقل الراجح والعلم الواسع فضلًا عن حسن النظر والقدرة على التعامل بحكمة واستخدام الفطنة في شتى المواقف الحياتية، فلقد تحدثت عنهم كتب التاريخ كثيرًا، فمن القصص التي جاءت عنهم وساهم في برز دهاء العرب ما يلي:
قصة المال الضائع
ذهب رجلًا ذات ليلة إلى الإمام أبي حنيفة وقال له يا إمام لقد دفنت مالًا في مكان ما منذ مدة طويلة، ومن المؤسف أنني قد نسيت هذا المكان، فهل يمكنك أن تساعدني في حل هذه المشكلة.
فأخبره الإمام فإن هذا الأمر ليس من عمل الفقيه، ليتمكن من إيجاد الحل المناسب له، ثم فكر لحظة وأخبره مرة أخرى بأن يذهب إلى منزله ويصلي إلى أن يطلع الصبح وسوف يتمكن من استذكار مكان المال بأمر الله – عز وجل-.
فذهب الرجل بالفعل إلى منزله وفجأة وبعد مرور وقت قصير وأثناء الصلاة تمكن من تذكر المكان الذي وضع فيه المال فتوجه سريعًا إليه وذهب لكي يحضره.
وفي الصباح ذهب مرة أخرى إلى الإمام أبي حنيفة وأخبره بأنه تمكن من العثور على المال، وسأله كيف علم بأنه سيتذكر المكان عند الصلاة.
فابتسم الإمام وأخبره بأنه علم بأن الشيطان لن يتركه يصلي، حيث سيشغل عقله بتذكر المال عن الصلاة.
قصة صديق الخليفة
قام أحد الرجال ذات يومًا بإيداع عقدًا ثمينًا للغاية لدى عطار ما، فلما طلبه منه بعد فترة من الزمن أنكر العطار أنه أخذه.
فتوجه إلى الخليفة العباسي عضد الدولة، حيث نصحه بالذهاب والوقوف أمام محل العطار لمدة ثلاثة أيام دون التحدث إليه، وقال له بإنه سيمر عليه مع مجموعة من رجاله في اليوم الرابع.
إذ سينزل عن فرسه ويسلم عليه، وأمره بأن يرد عليه السلام وهو جالسًا وأن يجيب على أسئلته بالإجابة اللازمة وألا يزد شيئًا، وعليه أن يذكر العطار بالعقد بعدما ينصرف.
وبالفعل في اليوم الرابع مر الخليفة العباسي على الرجل وسلم عليه وقال له لم أرك من مدة فأين كنت، فقال له الرجل سوف أمر عليك قريبًا.
وبمجرد انصراف الخليفة نادى الرجل على العطار وسأله عن العقد، فقال له العطار صف لي العقد الذي تتحدث عنه، ومن ثم أحضره إليه.
فذهب الرجل إلى الخليفة مرة أخرى وأخبره بما حدث، فأحضر الخليفة العطار ومن ثم عاقبه أشد العقاب على خيانته.
قصة بيت أبي تمام
ذات يوميًا دخل الشاعر أبو تمام على الخليفة المعتصم وأخبره قصيدة قد كتبها يمتدحه فيها، حيث شبهه في أحد أبيات هذه القصيدة بعمر بن معد يكرب في القوة والشجاعة، بينما شبهه في الكرم بحاتم الطائي، وفي والحُلم بالأحنف بن قيس وفي الذكاء بإياس بن معاوية، إذ كتب: “إقدام عمرو في سماحة حاتم * في حلم أحنف في ذكاء إياس”.
فأراد البعض أن يثيروا الفتنة بين أبي تمام والمعتصم وقالو لقد شبهت أمير المؤمنين بمجموعة من صعاليك العرب، فرد عليهم أبو تمام قائلًا:
لا تنكروا ضربي له من دونه * مثلا شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره * مثلا من المشكاة والنبراس
وبذلك تمكن أبو تمام من جعلهم يصمتون بذكائه، ووضع لهم أن تشبيه المعتصم بهؤلاء الأشخاص لا ينقص من قدره، فإن الله – عز وجل- شبه نوره بنور مصباح في مشكاة.
قصص قصيرة عن العرب
هناك العديد من القصص القصيرة التي توضح أن العرب يتميزون بسرعة البديهة أيضًا، حيث تتسم بقصر فقراتها، وبسهولة استيعابها، فمن أبرز هذه القصص ما يلي:
قصة القارب العجيب
في يوم من الأيام تحدى أحد الأشخاص من الذين لا يؤمنون بالله ويُطلق عليهم الملحدين علماء المسلمين في بلد من البلاد، فأختاروا أذكاهم حتى يرد عليه، وقاموا بتحديد وقت مناسب للقاء.
فعند مجيء الموعد المناسب، كان من المفترض أن يصل العالم المسلم ولكنه تأخر، فقال الملحد باستهزاء للحاضرين أنظروا فلقد هرب وخاف عالمكم لأنه علم بأنني سأنتصر عليه، وسأتمكن من إثبات بأن هذا الكون ليس له إله.
وبينما كان يتحدث الملحد حضر العالم المسلم واعتذر من الحضور عن تأخره، وقال إنه أثناء سيره في الطريق لم يجد أي قارب ليعبر النهر، وانتظر مدة طويلة على الشاطئ إلى أن وجد ألواح من الخشب في النهر، فقام بتجميعها وتصميمها وأصبحت قاربًا ثم ركبه وجاء إليهم.
فقال الملحد للحضور إن هذا الرجل مجنون، فكيف له أن يُجمع الخشب ليتحول إلى قارب دون أن يصنعه أحد وكيف تحرك دون وجود من يقوم بتحريكه.
فابتسم العالم ثم قال للملحد أخبر نفسك بهذه الأمر، فكيف لك أن تقول إن هذا الكون العظيم لا إله، فهنا بهت الملحد ولم يجد ردًا على كلامه.
قصة الرجل المجادل
ذهب أحد المجادلين في يوم من الأيام إلى الإمام الشافعي وقال له كيف خلق الله – عز وجل- إبليس من النار، وسوف يعذبه في النار.
ففكر الإمام حينها قليلًا ثم توجه إلى إحضار قطعة من الطين الجاف وقذف الرجل بها، حيث ظهرت حينها على وجهه الكثير من علامات الغضب والألم.
فقال الإمام الشافعي له هل أوجعتك، فأجاب نعم، فقال مرة أخرى كيف تكون مخلوقًا من الطين ويصيبك الطين بالوجع.
فلم يجيب المجاد وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك حينها أن الله خلق الشيطان من النار وسوف يُعذب في النار ويشعر بالألم والندم على ما ارتكب.
قصة القاضي والحلوى
ذات يومًا حدث خلاف كبير من أحد الأمراء وزوجته على نوعين من الحلوى، حيث دار الخلاف حول أيهما أطيب من حيث المذاق.
وفي ليلة من الليالي زار أحد القضاة هذا الأمير ودعاه إلى تناول الطعام معه، وبينما كانا يتحدثان عن أمورهما أخبره الأمير بالخلاف الذي تم بينه وبين زوجته وطلب منه أن يحكم بينهما.
فقال القاضي أنا لا أحكم على غائب وهو يضحك، ومن ثم توجه الخدم إلى إحضار نوعي الحلوى ليقوم بتحديد أيهما أفضل.
فأكل القاضي في البداية من الحلوى التي يحبها الأمير ثم قال له إنها من النوع الطيب، ثم أكل من الحلوى التي تحبها زوجة الأمير وقال إنها من النوع الطيب أيضًا، وظل يأكل من هذه مرة ومن الأخرى مرة أخرى إلى أن شبع.
وعقب الانتهاء من تناول الحلوى قال أيها الأمير ما رأيت أفصح منهما، فإذا أردت أن أحكم لأحدهما قدم الآخر أدلته، ولقد ضحك جميع الحاضرون.
قصة السارق الحقيقي
ذهب في يوم من الأيام بعض الناس إلى قاضٍ وأخبروه بأن أحد التجار تعرض للسرقة، ولقد أمسكوا بهذين الرجلين على الرغم من أنهم لا يعرفوا أيهما السارق.
فأمرهم القاضي بالانتظار وأخبرهم بأنه يريد شرب الماء وطلب بالفعل من خادمه أن يحضر إليه زجاجة من الماء.
فعندما أحضر الخادم الزجاجة رفعها القاضي إلى فمه وبدأ يشرب ثم فجأة تركها فسقطت على الأرض وأحدثت صوتًا مفزعًا وانكسرت.
اندهش حينها الحاضرون من تصرفه المفاجيء، بينما أسرع القاضي وأمسك بأحد الرجلين وقال له أنت السارق، وظل يردد هذه الكلمة إلى أن اعترف الرجل بفعلته ثم سأله كيف عرف بأنه السارق.
فضحك القاضي وقال إنه لم يفزع عند سقوط الزجاجة على الأرض، فإن اللصوص معرفون بقسوة قلوبهم، ولقد ارتعد زميلك وخاف، وهذا ما جعلني أثق بأنك السارق.