ابحث عن أي موضوع يهمك
ييحث الكثير من المسلمين عن صيغة دعاء الاستسقاء حيث يدفع الإيمان بالله صاحبه إلى الجوء لله بالرخاء حتى يديم النعمة عليه، وبالشدة والكرب توبة ورجاء في كشف الغم، ومن أفضل صور اللجوء لله بالكرب هي صلاة الاستسقاء، والتي تصلى طلباً منه سبحانه لإنزال المطر عقب انحباسه لوقتٍ طويل، وفي مخزن سنتعرف على دعاء الاستسقاء كما ورد عن النبي الكريم.
اتّفق الفقهاء على تقديم الدعاء المأثور على غيره من الأدعية الأخرى، وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يلي:
أقرأ أيضًا: دعاء ختم القرآن لابن تيمية
يُعرّف الاستسقاء باللُّغة بأنه طلب السُقيا، وذلك سواءً كان من الله جل وعلا أو طلبه من النّاس، بينما معناه في الاصطلاح فإنه دُعاء الله سبحانه بطلب السُقيا على هيئةٍ مخصوصة منه، وذلك حين الحاجة للماء، والاستسقاء يكون سواء بالصّلاة؛ والمعروفة بصلاة الاستسقاء، أو عن طريق الدُّعاء بخُطبة الجُمعة، أو بالدُّعاء عقب الصّلوات، أو من خلال الدّعاء من غير خُطبة ولا صلاةٍ، وسبب أداء صلاة الاستسقاء؛ هو قلّة المطر، واحتياج النّاس إلى الماء من أجل سقي الحيوان والزرع، والذي يكون ابتلاء من الله عز وجل للنّاس.
تُعتبر صلاةُ الاستسقاء أحد السُّنن المؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتم أدائها بأيّ وقتٍ باستثناء الأوقات المنهي عنها، ولكن يستحب أن يتم صلاتُها عقب طُلوع الشّمس تقريبًا بِمقدار رُمح، وذلك باتفاق أهل العلم، وقد ذهب الإمام أبو حنيفة لأنّه ليس هناك صلاة للاستسقاء، ولكن يُكتفى فقط بِالدُّعاء، أما المالكيّة فذهبوا لأنّ وقتُها مثل وقت اداء صلاة العيد؛ وهو منذ طُلوع الشمس حتى زوالها بميلها قبل الظهر عن وسط السماء، وذهب الشافعيّة لجواز صلاتها وإن كان ذلك بوقت نهي؛ لأنّها من بين الصّلوات ذات السّبب.
ويستحب ألا تُصلّى بأوقات النّهي؛ لكي يتم الخُروج عن الخِلاف، وأن يتم أدائها بوقت صلاة العيد أوّل النّهار؛ حيث يتشابهان في كلٍ من الصِّفة والموضع، والوقت، وتعد صلاةُ الاستسقاء سنة مؤكدة بحقّ الرِّجال والنِّساء على حدٍ سواء، وتُصلّى فُرادى وجماعةً، سواءً كانت بالمسجد، أو الصحراء وذلك هو الأفضل، كما وذهب الفُقهاء بالإجماع لسُنّيّتها كذلك بالحضر والسفر حين الحاجة، لِفعل الرسول صلى الله عليه وسلم لها ورد بعددٍ من الأحاديث المشرفة.
اتفق الفقهاء غير الإمام أبي حنيفة أنّ صلاة الاستسقاء يتم أداؤها ركعتين في جماعة، ومن دون أذانٍ أو إقامة، وتكون بمصلى البلد، وأن تُصلى في غير أوقات الكراهة، واختلفت آراء الفقهاء بصفة أدائها، و فيما يأتي بيان ذلك:
قول الجمهور
قال الشافعية والحنابلة وبقولٍ لمحمد من الأحناف إنّها مثل صلاة العيد، يكبّر الإمام فيها سبع تكبيرات بالركعة الأولى، ثم يُكبّر في الركعة الثانية خمس تكبيرات، مستدلين قي ذلك بحديث ورد عنعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، إذ قال (خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ متواضعًا متبذلًا متخشعًا مترسلًا متضرعًا، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد، ولم يخطب خطبكم هذه)
قول المالكية
وهو القول الثاني كذلك لمحمد من الأحناف، إذ قال في صلاة الاستسقاء أنها تصلّى ركعتين مثلما تُصلّى ركعتا التطوّع والنافلة، واستدلوا في ذلك بحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه، إذ قال (إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استسقى فصلَّى ركعتينِ).
واتفق العلماء أنّها تؤدّى جهريةً مثل جميع الصلوات التي يجتمع الناس بها لسماع الخطبة، ويكون لإمام أن يقرأ بها من آيات القرآن وسوره ما شاء، ويستحب أن يقرأ بها بسورتي “الغاشية والأعلى”، مثلما يفعل بصلاة العيد.
وكذلك للإمام أن يقرأ بها بسورتيّ “نوح وق “، أو “الشمس والأعلى”، ولا تَفسد الصلاةُ عند ترك التكبيرات، أو حين الإنقاص منها، كما لا تفسد بالزيادة عليها، وإن ترك الإمام التكبيرات أو بعذها فلا يسجد سجود السهو.
أقرأ أيضًا: دعاء اللهم اشفي امي مكتوب مستجاب بإذن الله
ذكر أهل العلم العديد من الآراء حول خطبة صلاة الاستسقاء، وفيما يأتي بيان ذلك:
استدل الفقهاء حول طلب الخطبة باعتبارها عقب الصلاة، بالحديث الوارد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم يومًا يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبَنا، ودعا الله عز وجل، وحوَّل وجهه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم قلَب رداءَه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن).
حيث يوصي الخطيب المسلمين بالإنابةِ والتوبةِ والتقربِ لله تعالى بالطّاعات ككثرة الاستغفار والصيامِ، وأداء زكاة الله بأموالهم، وردِّ المظالم، للحديث الوارد عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال به (ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا).
ذهب الشافعية والمالكية ومحمد بن الحسن من الأحناف لأن الخطبة تكون عقب الصلاة مثل الخطبتين عقب صلاة العيد، واستدلوا على ذلك من حديث ابن عباس أنه قال (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متخشعًا متذللًا، فصنع فيه كما يصنع في الفطر والأضحى).
الاستغفار بخطبة الاستسقاء، حيث يستحب بدل التكبير الاستغفار بخطبة الاستسقاء؛ لأنّه يعد مفتاح نزول الغيث من السماء؛ وهو ما ورد في قول الله تعالى في سورة نوح الآيات 11، 12 (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم دْرَارًا)، وللعلماء أقوال في ذلك:
أقرأ أيضًا: دعاء اللهم امطر على قبر ابي
توجد الكثير من الحِكم وراء مشروعيّة أداء صلاة الاستسقاء، ومن بينها ما يلي:
الصدقة والتوبة، والمصالحة بين المتخاصمين، والخروج من المظالم، وصوم أيام ثلاثة، ثم الخروج باليوم المعين لهذا، ويخرج الصبيان، والعجائز والشيوخ، ويباح إخراج الصغار والبهائم.