الاحتكار هو واحد من الطرق التي يمنع بها التجار الناس من مجموعة من السلع الأساسية الغذائية الخاصة، فأحياناً نجد أن هناك سلعة ما قد اختفت نهائياً، ثم بدأت في الظهور بشكل مفاجئ ولكن بثمن باهظ للغاية، لذا فقد حرم الله -عز وجل- الاحتكار نهائياً، لذا سوف نقوم بعرض مجموعة من الشروط الخاصة بتحريم الاحتكار فيما يلي:
أن يكون المحتكر طعاماً: بمعنى أن يكون الشيء الذي تم احتكاره شيئاً خاصاً بالمواد الغذائية والأطعمة، أي ما شيء يكون الناس بحاجة له بصفة دورية وفي حال اختفائه أو منعهم عنه يحدث لهم ضراراً بالغاً، لذا فأي شخص يقوم باحتكار أي سلعة من السلع الأساسية، فهو يقوم بارتكاب إثم وذنب كبير بل أن هناك العديد من الفقهاء الذين أشاروا بأن الاحتكار واحد من الكبائر التي حرمها الله عز وجل.
أن يكون تملك السلعة المحتكرة تم عبر شرائها: فهذا يعني أن الشخص المحتكر يكون قد قام بشراء السلعة التي يريد حجبها عن الناس من كافة الأسواق، ولكن في حال إن كانت تلك السلعة قد حصل عليها عبر الهبة أو الميراث على سبيل المثال، فهذا لا يعد احتكاراً، ففي حين إن كانت تلك السلعة مثلا حصل عليها الشخص جراء قيامه بحصاد أرضه، ثم لم يقم ببيعها، فهذا لا يعد احتكاراً.
أن يكون الشراء تم وقت الغلاء: وهذا يُعني أن الشخص قد قام بشراء السلعة حتى يقوم بحبسها وحجبها عن السوق لفترة ما، حتى يعود بها إلى السوق مرة أخرى ولكن بعد رفع سعرها، وهذا الفعل يعتبر محرماً تحريماً شديداً وذلك؛ نظراً إلى أنه بذلك قد يكون استغل حالة السوق تجاه هذه السلعة، ويقال بأنه في حال إن قام الشخص بشراء سلعة ما وقت رخص هذه السلعة، وقام بحبسها حتى ارتفع سعرها، وبعد ذلك قام ببيعها فهذا لا يُعد احتكاراً، ولكن هذه النقطة تعتبر محل خلاف بين العديد من الفقهاء.
أن يترتب على حبس السلعة التضييق والضرر على الناس: وهذا يشير إلى النية التي تكمن في نفس المحتكر أي أنه يكون قاصداً حبس تلك السلعة ومن ثم يقوم برفع ثمنها على الناس، لذلك فهو يقصد أن يقوم بعمل أزمة مالية في المجتمع، وهذا ما حرمه الله عز وجل، نظراً لما في ذلك الفعل من ظلم للناس المحتاجين.
مفهوم الاحتكار
يشير مصطلح الاحتكار لغوياً إلى قيام شخص ما أو جهة بحبس سلعة معينة من الطعام بنية رفع قيمة تلك السلعة على الناس؛ بسبب حاجة السوق إليها.
كما يُعني مصطلح الاحتكار شرعاً كما عرفه الإمام أبو حنيفة بأنه شراء نوع معين من أنواع الطعام وتخزين هذا النوع، حتى يكون السوق بحاجة شديدة إليه بنية رفع سعر هذا النوع من الطعام.
إلى جانب أن المالكية عرفت الاحتكار بأنه رصداً للأسواق من أجل انتظار ارتفاع ثمن سلعة معينة، وعرف الشافعية الاحتكار بأنه قيام شخص ما بشراء القوت وقت الغلاء وتخبئته ثم بيعه بأكثر من قيمته، بينما عرف الحنابلة الاحتكار بأنه شراء القوت وقت الرخص، ثم حبسه انتظاراً لوقت غلائه وبيعه بسعر باهظ للغاية.
العقوبة الدنيوية للمحتكر
اتفق الفقهاء وعلماء الأزهر على أن حاكم الدولة يجب أن يأمر المحتكر بإن يقوم بإخراج كافة السلع المحتكرة إلى السوق وبيعها بسعرها الأصلي من دون أي زيادة، فإن لم يمتثل المحتكر لأمر حاكم الدولة فيكون له عقوبة تطبق عليه، وتعتبر تلك العقوبة محل خلاف بين عدد كبير من الفقهاء، وهذا يتضح عبر الأسطر التالية:
اتفق غالبية الفقهاء على أن في حال إن كان هناك ضرر قد وقع على كافة أفراد الدولة، ففي تلك الحالة يقوم الحاكم بإجبار المحتكر بأن يرجع كافة السلع التي قام بشرائها، وإن لم يرجعها فيجب أن يقوم الحاكم بأخذ تلك السلع منه وبيعها، ويعطي المحتكر القيمة الأساسية لتلك السلع، وهذا العقاب اتفق عليه كافة الأئمة، ولم يشهد هذا العقاب وقوع أي من الخلافات.
وفي حال إن كانت تلك السلعة المحتكرة لا تمثل أهمية بالغة للناس، ويمكنهم الاستغناء عنها، فهذه الحالة شهدت خلافاً بالغاً بين الفقهاء؛ حيث إن الآراء انقسمت إلى ما يلي:
رأى المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن أن في تلك الحالة بأنه ينبغي على حاكم الدولة بأن يجبر المحتكر على إخراج بضاعته للأسواق بسعرها الأصلي.
بينما يرى أبو حنيفة وأبو يوسف أن في حال إن كانت السلع غير ضرورية، فإن المحتكر في تلك الحالة لا يجب أن يتم إجباره على بيع هذه السلعة حتى وإن امتنع عن البيع، فيجب أن يعزره حاكم الدولة.
ومن ما تم ذكره في السابق نرى بأن الأمر المتعلق بالعقوبة الدنيوية للمحتكر يعتمد اعتماداً كلياً على السياسة الشرعية أي أنه المسألة ترجع إلى مراعاة مصلحة غالبية الناس، بمعنى ففي حين أن تأثرت مصلحة الغالبية تأثيراً سلبيا عن غياب تلك السلعة، فهذا يجعل الحاكم يطبق عقوبة دنيوية بالغة على المحتكر، ولكن في حين إن كانت السلعة غير ضرورية فهنا يكون هناك بعض من المرونة من قبل الحاكم.
لذا فيجب قبل أن يأخذ حاكم الدولة قراره فيما يخص العقاب الذي سيوقعه على المحتكر يجب أن يقوم بدراسة حالة السوق جيداً وكذلك دراسة مدى اعتماد الناس على تلك السلعة، وهل من الممكن أن يلجأ الناس إلى بعض البدائل التي تغنيهم عن تلك السلعة أم لا.
حيث إن كافة الاعتبارات والعوامل المذكورة في الفقرة السابقة يجب أن تؤخذ في اعتبار الحاكم قبل أن يحدد العقوبة اللازمة لهذا المحتكر، ولكن مع التنويه بأن حاكم الدولة عليه بأن يخدم المصلحة العامة لغالبية الناس من أجل توفير لهم كافة الاحتياجات الرئيسية.
أسئلة شائعة
متى يحرم الاحتكار؟
حرمت الشريعة الإسلامية الاحتكار في كافة الأشياء التي يحتاج إليها الإنسان في حياته اليومية، حيث إن هناك العديد من الناس من هم يعتقدون بأن الاحتكار مقتصر على المواد الغذائية أي الطعام فقط، ولكن هذا ليس صحيحاً بالمرة، فالاحتكار تم تحرميه نظراً إلى أنه يلحق عدة أضرار على الناس؛ بسبب أنه يمنع عنهم أشياء أساسية في حياتهم اليومية.
من السلع التي يحرم الاحتكار فيها؟
هناك العديد من الفقهاء الذين رجحوا أن في حال إن قام أحد باحتكار أي من السلع الغير ضرورية لاستمرار حياة الإنسان كالحلوى مثلاً أو السيارات الفارهة أو أي شيء آخر قد يتمكن الإنسان من أن يستغنى عنه، فهذا لا يُعد محرماً إطلاقاً، حيث إن الاحتكار المحرم شرعاً هو الذي يكون موجهاً للسلع والخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الناس في حياتهم اليومية.
هل الاحتكار من الكبائر؟
نعم الاحتكار يُعد كبيرة من الكبائر التي حرمها الله -عز وجل- وذلك نظراً إلى أن هذا الفعل يضر بالعديد من الناس، كما أن الاحتكار يؤثر تأثيراً بالغاً على أقوات الناس وخاصةً في أوقات الأزمات والحروب، لذا فهو يُعد محرماً، وهناك العديد من الشيوخ الذين يشيرون أنه بالإضافة إلى الاحتكار يُعد واحد من الكبائر المحرمة شرعياً، إلا أنه أيضا يدل على خسة القائم به.