ابحث عن أي موضوع يهمك
ذكر الله جل وعلا كفارة الصوم بكتابه العزيز، إذ أمر بالإطعام لكي تُجزئ الكفارة؛ وما ذُكر به لفظ الطعام يلزم أن يكون كذلك، حيث قال تعالى في سورة البقرة الآية 184 (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، ومثل ذلك قال جل وعلا بكفارة اليمين، وكذلك أمر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بأن يتم إخراج صدقة الفطر والقيمة عدول عن النص، كما لا يجزئ بالإطعام لدى بعض أهل العلم.
يقول جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة، بأن المال لا يجزئ في الكفارات عن الطعام، واستدلوا بعدةِ أدلة على ذلك وهي ما يلي:
يقول الإمام الأوزاعي والإمام أبو حنيفة رحمه الله بجواز إخراج المال نقدا في الكفارات بدلًا من الطعام، واستدلوا بعدة أدلة على ذلك ومن بينها ما يلي:
يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله بتلخيص ذلك التباين “إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك؛ فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد رحمه الله قد منع القيمة في مواضع وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص ومنهم من جعلها على روايتين”.
إن مقدار كفارة الصوم التي تلزم المُكفر، إطعام مسكين مقدار مدّ من الطعام عن كل يوم وهو ما يعادل تقريبًا سبعمئة وخمسين جرامًا، وهو ما ذهب الشافعية إليه، بينما قال الحنابلة أنّ الواجب بالإطعام هو مدّ من القمح، وما يعادل نصف صاع من غيره، ويقدر نصف الصاع تقريبًا بكيلو ونصف، وفي ذلك قال ابن قدامة رحمه الله “إذا ثبت هذا فإن الواجب في إطعام المسكين مدّ بر، أو نصف صاع من تمر أو شعير، والخلاف فيه كالخلاف في إطعام المساكين في كفارة الجماع”.
وجب على من يدفع كفارة الصوم له خمسة شروط، وتلك الشروط هي:
من لا يقدر على الصوم لمرض أو كبر لا يرجى شفاؤه فإنه يفطر مع إطعام مسكيناً عن كل يوم، وقد قال تعالى في ذلك بسورة البقرة الآية 184 (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، والفدية لا تعطى لأي أحد بل تعطى للمساكين، فإن كانت تقدم وجبة الإفطار لمن لا يحتاج ولم يكن فقيراً أو مسكيناً، فمن غير الجائز أن يتم إعطاء الكفارة لهم.
وإن كانت مثلاً وجبة الطعام مقدمة من أم إلى أبنائها وأولادهم، وكانوا ممن ليسوا في حاجة فمن غير الجائز إعطاء الكفارة لهم؛ وذلك لأن الكفارة من غير الجائز دفعها لمن تجب عليه النفقة، إذ أن الأصول والفروع تجب النفقة عليهم، بينما إن كانت لا تقدر لقلة مالها النفقة عليهم فلا تجب نفقتها عليهم، يجوز أن يتن تقديمه لهم.
قال الفقهاء أن دفع كفارة الصوم جائز للأقارب ممن لا تجب نفقته عليهم من الأقارب، وذلك أولى إن هم من أهل الاستحقاق؛ وفي حاجة لها، وكانول من الفقراء؛ حيث إن الصدقة على الأقارب صلة وصدقة، وجمع بين أمرين وهما صلة الرحم الصدقة، وذلك أمر لا حرج به، وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصَّدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ اثنتان: صدقةٌ وصِلةٌ).
في حين إن كان الأقارب ممن تجب نفقتهم عليه فلا يجوز أن يتم دفع الكفارة إليهم؛ حيث إن دفعها له يتوجب إسقاط النفقة عن الشخص، فيكون دفع الكفارة أو الزكاة واجب يلزمه سوى الكفارة أو الزكاة، ولا يمكن صرف الكفارة بواجب غيرها فهي واجب بذاتها، ولا تجزىء إن دُفعت لمن تجب النفقة عليه.
وإن كان عند الشخص أخ وله أبناء ولا تجب نفقتهم عليه؛ نتيجة عدم التوارث بينهم لوجود أبناء، فمن الجائز دفع الكفارة إليه إن كان من أهلها؛ ويعني ذلك بحاجة إليها، وإن كان للشخص أقارب وكانوا ممن لا يحتاجون الأموال للنفقة، ولكن عليهم قضاء دين يجوز سداد ديونهم عنهم من الكفارة، وإن كان بنتاً أو أباً أو ابنا، ما دام ذلك الدين الواجب عليهم لا يوجد به تقصير بنفقتهم، مثل أب حصل حادث مع ابنه والزم بغرامة.
ومن الجائز دفع الكفارة إلى الأخت المتزوجة وأبنائها، إن كان زوجها يعجز عن النفقة، حيث إنّ الإعطاء إليها بتلك الحالة يكون أفضل من غيرها؛ لأن به أجر صدقة، وصلة رحم، فإنها ممن لا تجب نفقتهم عليه، فجاز عندها إعطائها كفارة الصيام.
اختلفت الأقوال بجواز إعطاء كفارة الصوم لشخص واحد، والتي أتت على النحو التالي:
لا يقوم إخراج المال مقام الصوم سواء كان الصيام قضاء أو أداء، إلا ببعض الحالات كالمريض الذي لا يرجى شفائه.
المراجع