يمكننا أن نقوم بتلخيص الآلية الخاصة بالدماغ في تخزين المعلومات والحفاظ عليها من خلال النقاط التالية:
في بداية الأمر يتم تخزين المعلومات المراد الاحتفاظ بها على هيئة مواد كيميائية في الدماغ البشرية وتحديداً على هيئة نقاط اتصالية للعصبونات فيما بينهم، والعصبونات هي الكلمة الجمع من العصبون الذي يُطلق على الخلية العصبية المسؤولة على نقل كافة الإشارات العصبية بين الأعصاب المختلفة.
ثم تقوم بعد ذلك الدماغ بتخزين المعلومات في الذاكرة عبر طريقين، منهم الطريق الخاص بالذاكرة القصيرة الأمد الذي يتم فيه معالجة كافة المعلومات التي سوف يتم تخزينها في الذاكرة بواسطة الجزء الأمامي للدماغ وبالتحديد في الجزء الذي يطلق عليه العلماء الفص الجبهي Pre – frontal lobe.
وبعد ذلك يتم نقل تلك المعلومات من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة الطويلة الأمد التي تقع في منطقة عميقة للغاية في الدماغ البشرية والتي تُسمى بمنطقة الحُصين.
إذ تقوم تلك المنطقة بأخذ الذكريات والمعلومات المتزامنة من المناطق الحسية المختلفة في الدماغ البشري وربطها ضمن جزء محدد من الذاكرة طويلة الأمد.
ومن خلال ما سبق يتم تشكيل الذاكرة، ومن هنا تبدأ كافة المعلومات في التدفق من منطقة القشرة التي تعتبر من أهم المناطق الدماغية الغنية بمجموعة كبيرة من الخلايا العصبية إلى منطقة الحُصين التي تعتبر بمثابة النقطة التحولية المركزية للذكريات في الدماغ.
والجدير بالذكر أنه في حال الرغبة في استعادة أي معلومة ما من الذاكرة فهذا سيكون في اتجاه معاكس لاتجاه الحصين نحو القشرة.
أنواع الذاكرة
هناك ثلاث أنواع من الذاكرة سوف نقوم بعرضهم في التالي:
الذاكرة الحسية
تقوم الذاكرة الحسية بدور هام وفعال في استقبال المعلومات معتمدة في ذلك على الحواس المختلفة مثل حاسة السمع وحاسة البصر، حاسة الشم وحاسة التذوق وكذلك حاسة اللمس.
مع العلم أن الذاكرة حسية لا تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات سوى بضع ثوانٍ ولا تزيد تلك الثواني عن خمس ثوانٍ فقط، ومثال على ذلك رؤية أحد الأشخاص المجهولين في الشارع مرة واحدة في زحام وعدم التركيز في ملامح هذا الشخص وتميزها نهائياً.
وهذا معناه أن الذاكرة الحسية لا تقوم بالاحتفاظ بالمعلومات سوى الفترة التي تأخذها الحواس حتى تتحفز.
ولكن من أكثر ما يميز الذاكرة الحسية هي قدرتها الفائقة على مساعدة المخ في تكوين صورة كاملة وشاملة لكافة التفاصيل عن المكان والزمان الذي تعمل فيه الذاكرة الحسية.
الذاكرة قصيرة الأمد
تُعرف تلك الذاكرة من قبل بعض العلماء بانها الذاكرة العاملة وذلك بسبب أنها تحوى على مجموعة من المعلومات النشطة التي يفكر فيها الإنسان كما أنها تمتاز بامتلاكها عدة مراحل تتعلق بعملية تخزين المعلومات.
ومن المهم أن نذكر أن الذاكرة قصيرة المدى تعتبر نوع من أنواع التذكر وهذا بسبب أنها تقوم باستقبال المعلومات ذات الأهمية من خلال الحواس مثل الذاكرة الحسية ولكنها تمتاز عنها بانها تقوم بالاحتفاظ بتلك المعلومات حتى تتمكن من التعامل معها
وهذا الاحتفاظ بالمعلومات يكون تحديداً في الذاكرة المتوسطة ويكون عبارة عن تخزيناً إدراكياً للمعلومات سواءً كانت تلك المعلومات مكونة من معلومات بصرية أو معلومات لفظية.
ولكن سعة التخزين الخاصة بهذا النوع من الذاكرة تكون ذا كم معلوماتي محدود، فعلى سبيل المثال لا يستطيع الشخص أن يفكر في تسعة أشياء مختلفة في الوقت ذاته حيث أن هذا لا يمكن الذاكرة بإن تقوم بدورها في حفظ المعلومات حتى لو كان هذا الحفظ بصورة مؤقتة، وكذلك لا تستطع الذاكرة في ذلك الحين ان تقوم باستقبال أي معلومات جديدة.
الذاكرة طويلة الأمد
يُعد هذا النوع هو المفهوم العام للذاكرة، حيث أن الذاكرة في العموم تكون ذا مسؤولية كاملة عن تجميع كافة الخبرات التي يقوم الفرد باكتسابها خلال مراحل حياته المختلفة.
إلى جانب أن الذاكرة الطويلة المدى هي التي تنتقل إليها المعلومات التي تقوم كل من الذاكرة الحسية والذاكرة قصيرة مدى أي المتوسطة باستقبالها، كما أن الذاكرة طويلة المدى أيضاً تستطيع أن تقوم بتفسير تلك المعلومات وإعطائها عدة معاني مترادفة ومتقاربة من أجل أن ترتبط بغيرها من المعلومات.
وبعد أن تقوم الذاكرة طويلة الأمد بعمل تحليل وتنظيم لهذه المعلومات تبدأ الذاكرة في أن تقوم باستدعاء جميع المعلومات والمواقف المتشابهة التي سبق وتم تخزينها في الذاكرة الطويلة المدى منذ عشرات السنوات، وهذا يتم من أجل ضمان جودة عملية الربط بين المعلومات الجديدة والمعلومات القديمة الموجودة بداخل الذاكرة بالفعل.
وعلى الرغم من جميع ما سبق ذكره فإنه من الممكن أن يتم فقدان مجموعة من المعلومات التي تم تخزينها منذ عدة سنوات في الذاكرة طويلة المدى، وهذا الفقدان قد يرجع لعدة أسباب تختلف طبقاً للحالة الصحية العقلية للشخص.
ولكن هذا ما جعل العلماء يرجحون أن التخزين الذي يحدث في الذاكرة طويلة الأمد سواء للمعلومات أو للمواقف أو غيرها يكون تخزيناً لا نهائياً سواء من حيث السعة الخاصة بالتخزين أو الوقت الذي تمت فيه عملية التخزين، ولكن التنظيم الذي تقوم به الذاكرة للمعلومات من حيث الأهمية والفترة الزمنية بالطبع قد يجعلها قادرة أن تقوم بالحفاظ على المعلومات القديمة الأكثر أهمية.
أسئلة شائعة
هل المخ يخزن المعلومات؟
أكد العديد من الباحثين في المعهد الأمريكي Salk institute من خلال مجموعة من الدراسات أن كل نقطة اشتباك عصبي موجودة في المخ من الممكن أن تقومي تخزين حوالي 4.7 بيتا بايت من المعلومات، وأضافوا أن هذا يعني أن الدماغ البشرية لديها قدرة على أن تقوم بتخزين واحد بايت من المعلومات بما يعادل ألف تريليون بايت، وهذا يساوي بالتقريب عشرين مليون خزانة من الأربعة أدراج التي تعمل على حفظ الملفات على هيئة بيانات.
كيف ادخل المعلومات في مخي؟
هناك العديد من الطرق التي تساعد في دخول المعلومات إلى المخ وتثبيتها من أكثر الطرق الفعالة التي تساعد على ذلك هي أن يقوم الفرد بتبسيط المعلومات حتى يتمكن من فهمها حيث أنه من دون أن يفهمها لن يتمكن من حفظها أبدا، كما أنه عندما يلجأ الشخص إلى استخدام أكثر من حاسة خلال عملية الحفظ فإن هذا بالطبع سوف يؤثر في تسهيل دخول المعلومات إلى المخ، ثم أن العديد من العلماء ينصحون الأشخاص بضرورة الذهاب إلى النوم بعد الحفظ من أجل إعطاء فرصة للمخ ليستريح ويقوم بتحويل المعلومات إلى الذاكرة طويلة الأمد.
متى يقل تركيز الانسان؟
يرى العلماء أن الأشخاص الذين يتمتعون بذاكرة قوية هم الأشخاص الذين يتبعون نظاماً صحياً في حياتهم اليومية، النظام الصحي لا يرتبط فقط بنوعية الطعام، لا بل أن النوم لفترة كافية في الليل وتجنب السهر أيضا يُعد ضمن النظام الصحي، بالإضافة إلى تناول المكسرات والخضروات والفاكهة، والاهتمام بشرب كَمّيَّة وفيرة من المياه.