تعتبر هذه المؤلفات بمثابة حجر الأساس بالنسبة للعديد من المجالات، فالهمداني يعتبر واحد من أهم المؤرخين والفلاسفة والأدباء في العالم بأجمعه، فهو اسمه بالكامل أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني.
تمتع الهمداني بعدة ألقاب عديدة منها ابن يعقوب، والنسابة وابن الحائك وابن الدمينة وكذلك لسان اليمن، ولكنه اختار اسم شهرته أن يكون الهمداني، وذلك نسبة إلى القبيلة التي ينتمي إليها وهي قبيلة بني همدان الواقعة في اليمن وبالتحديد في صنعاء التي تعتبر هي محل ميلاد الحسن بن يعقوب الهمداني.
الجدير بالذكر أن البيئة التي نشأ فيها الهمداني، وترعرع فيها ساهمت بشكل كبير في أن يكون له العديد من المؤلفات الشهيرة والمعتمدة، كما أنه قد تأثر بمجموعة كبيرة من الكتب المترجمة وخاصة الكتب اليونانية والفارسية والهندية، وتتميز أبرز مؤلفات الهمداني فيما يلي:
كتاب الجوهرتين العميقتين
هذا الكتاب يعتبر من الكتب التي تمثل كنزاً كبيراً جدا في مجال المعادن عموماً، حيث أن هذا الكتاب يعتبر من الكنوز بالفعل، والتي أهتم به العديد من المنقبين عن المعادن والذهب.
ولا تتوقف أهمية الكتاب عند هذه الوظيفة فقط لا، بل يقال إن هذا الكتاب ورد فيها أول إشارة حقيقة عن الجاذبية الأرضية، لذلك هناك العديد من العلماء يعتبرون أن هذا الكتاب هو من ساهم في تأسيس مفهوم الجاذبية الأرضية بوجه عام، كما أنه في فترة من الفترات كان هناك بعض الناس يظنون أن الهمداني هو الذي قام باكتشاف الجاذبية الأرضية، ولكن سرعان ما تصححت هذه المعلومة، وعرف الناس من هو مكتشف الجاذبية الأرضية وهو العالم نيوتن.
كتاب الجوهرتين العميقتين يتناول بعمق جميع أنواع المعادن المختلفة حيث اهتم هذا الكتاب بدراسة هذه المعاجن من كافة جوانبها سواء بدراسة الخصائص الخاصة بها أو المواد المكونة لهذه المعادن وحتى كيفية التنقيب عنها واستخراجها بشكل صحيح.
من أهم المبادئ التي اعتمد عليها الهمداني في هذا الكتاب هو أنه اعتمد على المنهج التجريبي وبحسب شهادة العديد من العلماء أن تتبع الهمداني لهذا المنهج بالتحديد هو الذي جعله يقترب من حقيقة الجاذبية الأرضية في كتابه.
كتاب اليعسوب
كتاب اليعسوب للهمداني هو واحد من الكتب النادرة التي تناولت مجال الصيد والرمي بالسهام، واهتم بتقديم رأي الفقهاء في الصيد عموماً، حيث أن هذه الموضوعات كانت لا تجد اهتماماً كبيراً من قبل الكتاب ولا العلماء في هذا الوقت.
لذلك قرر الهمداني أن يقوم بتأليف هذا الكتاب موضحاً فيه كل العناصر التي تخص الصيد بجميع أنواعه وكذلك كل الأمور التي تخص الرمي بالسهام إلى جانب الصيد باستخدام السهام.
كما اهتم الهمداني في هذا الكتاب بتوضيح الحكم الإسلامي في الأمور المتعلقة بالصيد ورمى السهام، فاستطاع أن يوضح الحلال والحرام في هذا الأمر بالإضافة إلى أنه تمكن من توضيح الطرق الصحيحة للصيد.
واحتوى هذا الكتاب على طبيعة الأشياء التي يهتم العرب بصيدها، وكذلك احتوى ذلك الكتاب على جزء مخصص للغرائب والأساطير التي تعرض العرب لها أثناء عمليات الصيد ورمي السهام.
كتاب الزيج
هذا الكتاب يعتبر واحد من أهم الكتب التي كانت مخصصة لأهل اليمن فقط، حيث أن هذا الكتاب أهتم بحركة الكواكب من منظور اليمن فقط.
وهذا هو السبب الرئيسي وراء تطور العلماء اليمن في أمور الفضاء في الأزمنة السابقة، حيث أنهم يعتبرون أول العلماء العرب الذين توافرت لديهم معلومات عن حركة الكواكب الشمسية.
هناك عدد كبير من مؤلفات الهمداني الهامة وهم: (كتاب سرائر الحكمة – كتاب الإبل -كتاب أخبار الأوفياء – كتاب الأيام – كتاب أسماء الشهور -كتاب الأنساب “والذي يعتقد أنه واحد من الأجزاء المفقودة من سلسلة كتب الإكليل” – كتاب عجائب اليمن – كتاب القوى في الطب – كتاب الحرث والحيلة – كتاب المسالك والممالك – كتناب الدامغة وشرح الدامغة – كتاب المطالع والمطارح – كتاب الحيوان المفترس )
أهمية كتاب صفة جزيرة العرب في الجغرافيا الإقليمية
هذا الكتاب يعتبر من أكثر الكتب التي تميزت في مجال الجغرافيا وخاصةً الجغرافية الإقليمية، فحتى الآن يتم الاعتماد على هذا الكتاب من قبل العديد من علماء الجغرافيا والجيولوجيا من أجل الاستفادة من المعلومات الكامنة بداخل هذا الكتاب أو كما يطلق عليه بعض العلماء الموسوعة الجغرافية الإقليمية.
وذلك يرجع إلى الأسلوب الذي اعتمده الهمداني في كتابة هذا الكتاب حيث أن ذلك الكتاب توجد فيه حصيلة كبيرة من المعلومات التي جمعها الهمداني من التجار والبحارة المختلفين، كما أن الهمداني قد استعان بمعلومات من خلال الأشخاص الذين تمكنوا من زيارة بيت الله الحرام.
والجدير بالذكر أن هذا الكتاب ساهم بدور فعال في إيجاد طريقة مبسطة لتحديد خطوط الطول ودوائر العرض التي ساهمت في تقسيم البلاد على الخريطة، وذلك ساهمت في معرفة طبيعة الطقس في العديد من البدان.
وأهم ما فعله الهمداني في هذا الكتاب أنه استطاع أن يقوم بتقسيم الجزيرة العربية إلى خمسة أقاليم مختلفة منها الحجاز واليمن ونجد وغيرهم.
وكل هذه الأسباب التي ذكرناها في السابق هي التي ساهمت في جعل هذا الكتاب واحد من أفضل الكتب التي تخص مجال الجغرافيا، وقد حصر العلماء أسباب نجاح هذا الكتاب في كونه استطاع أن يقوم بتكرار عدد كبير من المعلومات متعددة الأغراض على وتيرة واحدة فقط، حيث أن الرحلات التي أعتمد الهمداني عليها في الحصول على المعلومات كانت من أجل أغراض مختلفة منها طلب العلم أو التجارة أو أداء المناسك الدينية.
الجدل المثار حول كتاب الإكليل المفقود للهمداني
يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب التي قام الهمداني بكتابتها حيث أن هذا الكتاب تحديداً أخذ وقت طويل للغاية في كتابته، وهذا يعود إلى أن الكتاب يتكون من حوالي عشرة أجزاء منفصلة.
وهذا الكتاب بالتحديد مثار حوله جدل واسع بسبب أنه اختفى بشكل مفاجئ بجميع النسخ المنسوخة منه حتى أصبح جميع الناس في حالة من الدهشة بشأن هذا الاختفاء.
ثم في وقت مفاجئ ظهر أربعة أجزاء فقط من هذا الكتاب وهم الجزء الأول والجزء الثاني والجزء الثامن والجزء التاسع فقط.
وحتى يومنا هذا باقي الأجزاء مفقودة ولا أحد يعرف عنها أي شيء فجميع الأجزاء الخاصة بهذا الكتاب كانت تحتوي على الأنساب الخاصة باليمن وأخبار الحمير.
والجدير بالذكر أن الهمداني في هذا الكتاب بالتحديد أهتم باللغة بشكل كبير جدا؛ مما جعله يستعين بالعديد من الألفاظ الغريبة التي أعطت انطباعاً كبيراً على تعمقه وتبحره في اللغة العربية، حيث أن الألفاظ التي قام باستخدامها في هذا الكتاب كانت تبدو غريبة على أغلب الناس.
ولكن من خلال بعض أقوال علماء اللغة فيما يخص الأجزاء التي ظهرت من هذا الكتاب أن هناك العديد من الألفاظ التي قام الهمداني باستخدامها، والتي تعتبر ليس لها أي أصول في اللغة العربية نهائياً، ورجح العلماء أن هذا يعود إلى التحريف الذي تعرض له مؤلفات الهمداني.
وفاة أبو محمد الهمداني
توفي أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني في ريده، وتم دفنه في المقابر الموجودة في ريده بجانب أسرته، ولكن مكان قبره بالتحديد ما زال مجهول حتى يومنا هذا.
فالهمداني من الشخصيات التي تعتبر مليئة بالألغاز حيث أن هناك العديد من المعلومات الخاصة به مجهولة فحتى اليوم الذي توفي فيه غير معروف بسبب أن هناك عدة أقاويل متضاربة عن التاريخ، ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الهمداني قد عاش إلى ما بعد 336 هجرياً و 947 ميلادياً.