يوم القيامة هو اليوم الذي سوف يأتي بعد نهاية الرحلة الدنيوية التي نعيشها الآن أي أنها سوف يأتي بعد نهاية الحياة الدنيا، سوف يأتي يوم القيامة عند هلاك كافة الكائنات الحية الأحياء من على وجه الأرض، ولن يبقى أحد في ذلك الحين إلا الله عز وجل، فالله تبارك وتعالى هو الحي الذي لا يموت أبدا، وهذا طبقاً لما ورد في القرآن الكريم كما قال الله تعالى:”كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ” (الرحمن: 26,27).
يوم القيامة هو يوم البعث، الذي يبعث الله -عز وجل- فيه جميع المخلوقات والكائنات الحية، حتى يقفوا بين يدي الله سبحانه وتعالى، ليحاسبهم على جميع الأشياء التي قاموا بها في الحياة، حتى يحاسب كافة الناس على جميع الأعمال سواء كانت هذه الأعمال حسنة أم كانت أعمال سيئة، وسوف يجزى كل إنسان في هذا اليوم بما فعل.
وتم تسمية هذا اليوم بيوم القيامة لأن في هذا اليوم يحدث ثلاثة أمور وهم:
سوف يقوم جميع الناس من قبورهم من أجل لقاء الله -عز وجل- طبقاً لقول الله سبحانه وتعالى: “أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ*يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” (المطففين:4,5,6)
ثم إن هذا اليوم سوف يشهد قيام الأشهاد الذين سوف يشهدون للأنبياء والرسل بأنهم قد قاموا بدورهم على أفضل وجه، كما أن هؤلاء الأشهاد سوف يشهدون على الأمم التي كفرت بالله -عز وجل- بالإضافة إلى أنهم سوف يشهدون على الأمم التي ظلمت المسلمين وافترت عليهم.
كما سمي هذا اليوم بهذا الاسم لأنه اليوم الذي سوف ينتهي به الظلم الكامن في الحياة الدنيا، حيث إن هذا اليوم هو يوم العدل، العدل الذي تفتقده الحياة المليئة بالظلم، ولكن في يوم القيامة، وفي الآخرة على وجه الخصوص لا يوجد أي ظلم الله -عز وجل- لا يظلم أحد من عباده، وسوف يجازي كل إنسان طبقاً لأفعاله.
أسماء يوم القيامة
تعددت أسماء يوم القيامة التي وردت في القرآن الكريم في مختلف الآيات البيانات ومن بين تلك الأسماء العديدة ما يلي:
يوم التغابن: كما ورد في قول الله تعالى: “يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ” (التغابن:9)
يوم التلاقِ: كما ورد في قول الله تعالى في سورة غافر حيث قال الله تعالى: “رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ” (غافر: 15)
يوم التناد: قال الله تعالى: “وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ” (غافر:32)
يوم الحاقة: تضمنت مجموعة من الآيات البينات في سورة الحاقة على قول الله تعالى: “الْحَاقَّةُ *مَا الْحَاقَّةُ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ” (الحاقة 1,2,3)
يوم الحسرة: ورد في قوله تعالى: “وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ” (مريم:39)
يوم الخلود: قال الله تعالى: “ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ” (ق:34)
يوم الوعيد: كما قال الله تعالى: “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ” (ق:20)
يوم الطامة: قال الله تعالى: “فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ” (النازعات:34)
أهوال يوم القيامة
وصف الله -عز وجل- يوم القيامة بأنه اليوم العظيم الذي سوف تكون فيه الشمس فوق رؤوس جميع المخلوقات، ثم أن الناس سوف يكونون في العرق حسب أعمالهم، بالإضافة إلى أن من شدة أهوال هذا اليوم والخوف الذي سوف يسكن في نفوس الناس سوف يجعل كل شخص منشغل بنفسه وبحاله فقط، ولا يهتم سوى لنفسه فقط.
ولن يتوقف الأمر فقط عند أن كل شخص سوف ينشغل بنفسه، دون أن يعير اهتماماً بالآخرين لا، بل الناس سوف يفرون من أحب الناس إليهم في هذا اليوم، حيث إن الله -عز وجل- أكد على ذلك في سورة عبس أن المرد سوف يفر من أخيه وأمه وأبيه أي أنه سوف يهرب منهم، وهذا يدل على أن الإنسان سوف يهرب من أقرب الأقربين له.
من شدة خوف الإنسان في هذا اليوم والفزع الذي سوف يشعر به من هول الموقف سوف تنشغل المرضعة عن رضيعها، بل الحوامل سوف يفقدون أجنتهم، وسوف يكون الناس كالسكارى، أي سوف يكونون مغيبي العقل، أي مثل الذين فقدوا عقولهم بسبب شربهم للخمر وغيره من المسكرات، وهذا ورد في قول الله عز وجل:”يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ” (الحج:2)
وجميع تلك الأهوال سوف تجعل الناس يظنون بأن يوم القيامة خمسون ألف سنة وليس يوماً، ولكن الله -تبارك وتعالى- وعدنا في كتابه الكريم بأنه سوف يخفف على المؤمن، أي العبد الصالح هذا اليوم وأهواله، بل أن يوم القيامة سوف يكون يوماً مملوءاً بالخيرات للعباد الصالحين الذين سوف يدخلون الجنة بإذن الله تعالى جزاءً للخيرات والأعمال الصالحة التي قاموا بفعلها طول فترة حياتهم.
كيفية الاستعداد ليوم القيامة
في البداية يجب أن يتأكد الإنسان بأن الحياة الدنيا ما هي إلا مرحلة عابرة في حياة الإنسان أي إنها طريق أو وسيلة تجعل الإنسان يصل إلى دار الخلود أي دار المستقر.
لهذا السبب يجب أن يستعد الإنسان ليوم القيامة بزيادة معدل الأعمال الصالحة التي يقوم بفعلها بالإضافة إلى أن الإنسان يجب أن يحافظ على تأدية فروضه الدينية سواء كانت تلك الفروض عبارة عن الصلوات الخمس أو الأذكار أو قراءة ورد يومي من القرآن الكريم.
ثم إن الإنسان لا بد من أن يقوم بفعل العديد من الصدقات والمداومة على الزكاة حيث إن في يوم القيامة جميع أجزاء جسمنا سوف تشهد علينا، فسوف تشهد علينا أيدينا وأرجلنا لذلك يجب أن يقوم الإنسان باستخدام جميع أجزاء جسمه في فعل الخير.
يجب على العبد الصالح أن يتجنب كافة المعاصي والمنكرات التي حرمها الله عز وجل على عباده، ففي مراحل الإنسان الحياتية سوف يجد أن الله عز وجل يقوم باختباره عدة اختبارات وذلك لأن الحياة الدنيا في الأساس ما هي إلا دار ابتلاء واختبار للعباد ولا ينجو من تلك الابتلاءات سوى من يقوم بعمل أعمال صالحة فقط.
لهذا السبب لا بد أن يقوم الإنسان بالابتعاد عن الأفعال السيئة التي نهانا الله عز وجل عن القيام بها كالنميمة على سبيل المثال، بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون الإنسان لديه قدر كبير من الأمانة بحيث ألّا يفتش أي أسرار خاصة بالآخرين، وإذا قام أحد الأشخاص بإعطاء العبد الصالح أي أمانة فيجب أن يقوم بالحفاظ عليها حتى يردها إلى صاحبها مرة أخرى.
إلى جانب أنه يجب على الإنسان ألا يظلم غيره نهائياً حيث إن الله عز وجل يغفر كافة الذنوب إلا ظلم الآخرين، حيث إن ظلم أحد ما مرهون فقط بغفرانه هو فقط، فعلى سبيل المثال إذا قمت بظلم أحد الأشخاص وتبت إلى الله عز وجل عن هذا الذنب لن يقوم الله تبارك وتعالى بغفران هذا الذنب لك إلا بعدما يسامحك الشخص الذي ظلمته.
ومن هنا يتضح لنا بأن العبد الذي يريد أن يستعد ليوم القيامة يجب أن يكون عبداً صالحاً مواظب على تأدية كافة الطاعات والفروض بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون صافي القلب متمنياً لغيره الخير ولا يحمل في قلبه أي مشاعر سيئة، كما أنه يجب أن يتجنب القيام بالمعاصي وإذا قام بأي من المعاصي فيجب عليه أن يتوب قبل أن يلقى الله تبارك وتعالى.