منذ قديم الزمان، ويتم الاهتمام بدراسة الأحلام والخيال سواء في العصور الوسطى وحتى الوقت الحالي، حيث اهتم علماء النفس بدراستها بشكل تفصيلي وقاموا بوضع تفسيرات بدائية وصولا إلى التفسيرات حديثة، وما زالت تتجدد بصورة مستمرة، أما بالنسبة إلى أحلام اليقظة، فهي تعد جزءاً من أجزاء الظواهر النفسية التي يقوم معظم البشر بممراستها مع مراعاة عدم المبالغة فيها.
ولهذا السبب يمكن القول إن أحلام اليقظة عالم كبير وواسع يتمكن من خلاله الفرد أن يتخيل أحلامه المستقلية التي تتميز باستحالة تحقيقها، ويمكن القول إنها عملية يتم فيها استخدام جميع المهارات الذهنية من أجل تحقيق الرغبات والأهداف حتى يصل الفرد إلى حالة الإشباع، وهناك بعض المعاجم التي وضعت تعريف لأحلام اليقظة بأنها عبارة عن الاسترسال في الخيال أثناء مرحلة اليقظة.
أحلام اليقظة في علم النفس
قام عالم النفس فرويد ولمن لا يعلم عنه فهو صاحب المدرسة التحليلة بدراسة أحلام اليقظة، ويرى أنها عبارة عن وسيلة يعبر الفرد من خلالها عن جميع رغباته وأهدافه المكبوتة التي كان يقوم بكبتها بسبب سلطة الأهل أو المجتمع بالإضافة إلى تحديده وقت أحلام اليقظة وهي التي توجد بين الاستيقاظ والنوم.
ولكن خلال عام 1980 قام العالم إريك كلينجر بوضع العديد من الدراسات التي تتعلق بأحلام اليقظة، واكشتف أنها جميعها تتعلق بالأحداث التي مرت على الفرد خلال اليوم، فوضع مثالاً لذلك الأمر في قيام سائقي الشاحنات باستخدام أحلام اليقظة للابتعاد عن حالات الضجر والملل التي تصاحب طبيعة عملهم.
وظائف أحلام اليقظة
قام علماء النفس بتحديد وظائف أحلام اليقظة والتي سوف نقوم بذكرها بصورة تفصيلية خلال السطور التالية:
يعتبر علماء النفس أن أحلام اليقظة تعد أرضاً خصبة للفرد حتى يبتكر العديد من الأفكار الإبداعية المختلفة، ولكن معظمها تعمد بصورة أساسية على عنصر الابتكار.
يرى علماء النفس أن أحلام اليقظة هي حلقة وصل بين كل من الماضي والحاضر والمستقبل، وذلك من خلال وضع الفرد تجارب وأحداث مستقبلية تعتمد بصورة أساسية على التجارب السابقة، حيث يقوم الفرد هنا بوضع العديد من البدائل والحلول المختلفة، والتي تعتمد على إعطاء نتيجة أفضل مما يترتب عليه شعور الفرد بالسعادة والاطمئنان، ولهذا السبب يمكن القول إن أحلام اليقظة هي وسيلة يعتمد عليها الإنسان للتخلص من الحاضر.
يعتمد الفرد على الخبرات السابقة في تخطيط الأفكار المستقبلية؛ ولهذا السبب يمكن القول إن أحلام اليقظة تعتمد بصورة أساسية على التخطيط والتعلم من خلال الاستجابة للحالة العاطفية التي خاضها الفرد في الماضي حتى ينفتح ويدرك أبعاداً جديدة للأخطاء السابقة من خلال التفكير في أفكار جديدة عكس الأحداث القديمة.
قام علماء النفس بتحديد وظيفة أحلام اليقظة في أنها تتكيف مع خبرات الفرد، وذلك من خلال وضع الفرد لبعض الأشياء والأحداث والعناصر الجديدة على التجارب السابقة لإعطاء عنصر الإثارة والتشويق على التجارب المملة.
يعتبر علماء النفس أحلام اليقظة أحد الأبواب الرئيسية والطرق التي تظهر فيها قدرات الفرد الفنية، وذلك من خلال قدرته الكبيرة على الإبداع والتكيف بالإضافة إلى وضع العديد من الإجابات للمشاكل التي حدثت في الماضي والعمل على تحويلها للإبداعات فنية.
أنواع أحلام اليقظة
قام علماء النفس بتقسيم أحلام اليقظة إلى نوعين وسوف نقوم بذكرهم خلال السطور التالية:
أحلام اليقظة الإيجابية: تتميز تلك الأحلام بأثرها الإيجابي الذي يقع على الفرد، وذلك لأنه يعتمد من خلالها على التخطيط للمستقبل، بالإضافة إلى خلق قصص تقوي وتعزز من استقراره النفسي، وذلك من خلال تنشيط الجزء الأيمن من الدماغ بجانب تعزيز الروابط العصيبة كما تساهم في تقوية الذاكرة بصورة كبيرة، ويجب التنويه أن اعتماد الفرد على ذلك النوع من أحلام اليقظة تنمي من قدرة الفرد الإبداعية واكتشافه للعديد من الحلول المختلفة، وتم إثبات ذلك من خلال التصوير المغناطيسي للمخ أثناء قيام الفرد بأحلام اليقظة أن المناطق المسؤولة عن حل المشاكل يزيد نشاطها بصورة كبيرة.
أحلام اليقظة السلبية: يعتمد هنا الفرد على أحلام اليقظة بشكل مبالغ وبصورة مستمرة، مما يتسبب في بعد الفرد عن الحياة الواقعية، وأحيانا يمكن أن يصل الأمر إلى معاناة الفرد في التفريق بين الحياة الواقعية وأحلام اليقظة؛ مما تؤثر بصورة سلبية على تفكيره.
مضار أحلام اليقظة
عند اعتماد الفرد على أحلام اليقظة بصورة مستمرة وبشكل مفرط خاصة أثناء قيامه للعديد من الأعمال المختلفة أو خلال عملية التعليم يمكن أن تتسبب في إصابة الفرد بضعف الانتباه وفقدان التركيز وبناء عليه يفقد الفرد القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات بصورة جيدة بجانب معاناته الشديدة في تقبل الواقع الذي يعيش به؛ مما يؤثر على صحته النفسية بصورة كبيرة، والذي يمكن أن يصل إلى حد الانتحار.
فوائد أحلام اليقظة
تتميز أحلام اليقظة بعدة فوائد تقع على الفرد، ولكن عند الالتزام باستخدمها في أوقات مناسبة مثل استخدامها عند الانتهاء من العمل، فإنها تقلل من حدة الضغط والتوتر النفسي بجانب نسيان الأفكار والخبرات السلبية بجانب وجود العديد من الفوائد مثل:
ينتج عند استخدام أحلام اليقظة بصورة صحيحة تدريب وتمرين الدماغ على التفكير في العمليات المعقدة، وذلك من خلال الربط بين أحداث الماضي وخلق أحداث جديدة في المستقبل بجانب أن أحلام اليقظة ترتبط بالتكوين المادي الخاص بالدماغ؛ مما يعمل على خلق تغيير مستمر بصورة متواصلة في المسارات العصبية.
بجانب أنها تجعل الفرد أكثر تعاطفا مع الآخرين، ويتمكن من تقبل جميع الأفكار المختلفة وبجانب زيادة حاسة استشعار الحب من الآخرين وكيفية التواصل معهم بصورة جيدة.