ابحث عن أي موضوع يهمك
يقصد بالعسكران منى وعرفة الواقعتان بمكة المكرمة، ولتلك الأماكن قدسية كبيرة لدى المسلمين، حيث ورد ذكرها مرات عديدة في القرآن الكريم، والتواجد بهما ضروري وهام لإتمام مناسك الحج، ويرجع استخدام مصطلح العسكران لزمان بعيد، والسبب في ذلك تعسكر وتجمع الأمم بهما لأداء مناسك فريضة الحج، حيث يشهد جبل عرفة باليوم التاسع من شهر ذي الحجة كل عام تهافت المسلمين واجتماع حشودهم لجبل عرفة، يتعبدون لخالقهم ويتضرعون إليه ويرددون الأدعية تقربًا لله جل وعلا وطلبًا لرحمته وعفوه ورضاه.
وجبل عرفة هو أطهر وأهم البقاع على الأرض، والمعروف بجبل الرحمة نظرًا لمدى قدسيته وما يشعر به المؤمن من اطمئنان عند الصعود إليه، وفيما يتعلق بمنى فهو مكان صلاة الحجيج لصلاة الظهر والعصر قصرًا، قبل صعودهم إلى جبل عرفة والوقوف به، ويبدأ المسلمين بعد الصعود إلى جبل عرفة برمي الجمار والحجار به.
يختلف معنى مصطلح العسكران عن معناه في الدين الإسلامي، حيث إن العسكران في اللغة اسم مثنى، ومفرد العسكران عسكر، وجمعها عساكر، ومُعسكَر اسم المفعول منه، ومعناه الجيش، ومعنى العسكر يختلف باختلاف الجملة الواقع بها مثل ما في التالي:
كلمة عسكر تعني تجمع شيء ما، أو ازدياده ولاجتماع الحجاج جميعهم به في منى وجبل عرفات، وهو ما يعني أن كل من منى وعرفة من الأماكن المقدسة التي يتعسكر المؤمنين بها، وهو السبب في تسميتهما بالعسكران، والصعود إلى جبل عرفات ركن أساسي من أركان الحج لا يكتمل إلا به والذي يعد من أركان الإسلام الخمس الهامة، وحين الصعود أعلى عرفة يتعسكر جميع الحجاج به فيرددون الاستغفار والدعوات والأذكار، حتى يستجاب الله لهم دعائهم ويتقبل حجهم ويغفر ذنوبهم.
أما السبب في تسمية جبل عرفات بذلك الاسم يعود إلى العديد من الأسباب أهمها أن جبريل عليه السلام التقى بإبراهيم عليه السلام عليه وتعرفا في ذلك المكان، وعرفه جبريل عليه السلام بأركان الحج جميعها، وبعد الانتهاء من تعريفه بها سأله هل عرفت، فأجاب إبراهيم عليه السلام (عرفت)، فسمي ذلك المكان بعرفات أو عرفة، والسبب الآخر أن نبي الله آدم وامؤأته حواء تعارفوا بجبل عرفات والتقوا بعد نزولهم من الجنة.
في حين عرفت منى بالمعسكر للعديد من الأسباب من أهمها اجتماع الحجيج في ذلك المكان المقدس للصلاة، أما السبب الثاني فهو كثرة الأدعية التي يدعوا الحجيج بها عند اجتماعهم في منى وصلاتهم به، وثالث الأسباب هو الدماء الكثيرة التي يرشقها الحجاج في سبيل الله أيام الحج، وآخر الأسباب يرجع لتمني نبي الله آدم عليه السلام الفوز بالجنة في ذلك المكان، وهو الموضع الذي تم النحر به.
يقع منى بالجهة الشرقية من المسجد الحرام، والذي يعد من أقدس وأهم بقاع الأرض، ولا يفصله عن المسجد الحرام سوى أمتار قليلة لا تزيد عن أربعة أمتار، والصلاة في منى تعد من أهم شعائر الحج، ومن الجهة الشرقية يحيط بمنى جمرة تعرف بجمرة العقبة، ومن الناحية الشمالية والناحية الجنوبية يحيطها الجبال العالية الشاهقة، ومن الناحية الغربية يحيط بمنى وادي محسر، وقد ذكر في منى العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، حيث قال تعالى في سورة البقرة الآية 203 (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
حيث تشير الآية الكريمة إلى منى وشعائرها، وقد فسر الكثير من المفسرين والأئمة والعلماء أن الأيام المعدودات في الآية الكريمة يقصد بها أيام التشريق وأيام المنى، كما ذكر معنى منى في سورة الحج الآية 28 (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ).
فضل الله جل وعلا يوم زيارة الحجاج لمنى عن غيره من أيام الحج بالعديد من الشعائر وهي عبادات وأعمال مقدسة وعظيمة ينبغي على كل حاج تأديتها، ومن أهم تلك الشعائر رمي الجمار والحجار، والنحر، وقد قال الله سبحانه عن شعائر يوم منى في سورة الحج الآية 36 (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
كما يعتبر حلق الرجال لشعورهم من شعائر الحج الهامة، والتي يحصل الحاج من خلالها على الثواب والأجر الكبير، وفي تلك الشعيرة ورد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم (وأما حلاقك رأسك، فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، وتمحى عنك بها خطيئة)، وفي قول آخر للحبيب المصطفى (للمحلقين بالرحمة ثلاثا، وللمقصرين مرة).
كما يعد المبيت بمنى من شعائر الحج المقدسة وبقاء الحجاج به إلى ما بعد منتصف الليل بالليلة الثامنة من ذي الحجة، وفي عرفات بالليلة التالية لها، بالإضافة إلى أيام التشريق وهي الليلة الحادية عشر، والليلة الثانية عشر، والليلة الثالثة عشر من ذي الحجة، ووفق ما ذكره علماء كثيرون فإن المبيت بمنى في تلك الأيام المباركة من العبادات المقدسة.
ويستدل على فضل المبيت بمنى ما ورد عن الإمام النووي، وابن عبد البر عن مبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وما ورد بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الذي قال فيه (أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبةٍ من شعرٍ تضرب له بنمرة).
يوم عرفة من أعظم أيام العام عند المسملين، وله الكثير من الفضائل التي سنذكر لكم منها ما يلي:
الإكثار من الدعاء من الأعمال المستحب إتيانها في يوم عرفة، ويكون الدعاء به من أعظم الدعاء، ويكون الدعاء فيه مجاب بأمر الله، ومن أفضل ما يمكن للمسلم أن يدعوا به في يوم عرفة (لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)، ويستدل على ذلك مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيونَ مِن قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ).