ابحث عن أي موضوع يهمك
يشرع للحاج إذا وصل جمرة العقبة الكبرى أداء ماذا؟، فالحج هو ركن الإسلام الأعظم الذي جعله الله ـ عز وجل ـ واجباً على كل مسلم قادر مستطيع جسدياً ومادياً، والذي يتكون من عدة واجبات وأعمال يجب الالتزام بها حتى يكون حج المرء المسلم صحيحاً، لذا فإنه يشرع للحاج إذا وصل جمرة العقبة الكبرى قطع التلبية.
والتي تُعد من آداب رمي جمرة العقبة في الحج، وقد تم تسمية جمرة العقبة بهذا الاسم لكونها في عقبة مأزم مُنىَ، وجاء في خلفها من ناحية الشام ذاك الوادي الذي بايع فيه الأنصار النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- بيعة العقبة والتي تُعد ملاصقة للجبل ويكون بجانبها طريق متوازياً مع الجبل هو طريق العقبة، وقد تمت إزالة طرف الجبل المتصل بجمرة العقبة عقب صدور الفتوى الشرعية من مفتي المملكة العربية السعودية في هذا الوقت.
كما أنه من آداب رمي جمرة العقبة في الحج أيضاً أن يجعل الحاج جبل مُنى عن يمينه والكعبة عن يساره وتكون جمرة العقبة عن أمامه، ثم يرميها بسبع حصى متتالية، على أن يرفع يده في رمي كل حصاة منهم، وعلى التأكد من أن الرمي قد وقع في الحوض داخل المرمى.
ويكون الوقت المحدد لرمي جمرة العقبة هو ضُحى يوم النحر في عيد الأضحى المبارك بينما في باقي الأيام فلا يتم رمي الجمرات الثلاث إلا عقب الزوال، وتكون جمرة العقبة هي الجمرة الأخيرة فيما يلي مكة المكرمة، ثم يحين بعدها على الحج نحر الهدية أن كان عليه هدىَ.
يُقصد بلفظ الرمي في اللغة العربية الدفع والقذف، بينما يُشير الرمي في الاصطلاح إلى دفع وقذف الحصى الصغيرة بقوة إلى موضع الرمي داخل حوض الجمرة، ويُشير لفظ الجمرة في اللغة العربية إلى الحصاة الصغيرة وجمعها جِمار وحمرات، وقد جاء اشتقاق لفظ الجمر من التجمّر إي التجمع ويعني ذلك لاجتماع الحصى في ذلك الموضع الذي يُرمى فيه من يد المسلمين، أو تمت تسميتها الجمرة من التجمع لاجتماع الحجاج المسلمين عند موضع رميها.
وتشير الجمرة اصطلاحاً إلى مجتمع الحصى الذي يتواجد أسفل العمود القائم الذي يقع في وسط الحوض في الحمرة الصغرى والجمرة الوسطى، ويقع هذا الحوض في الجهة الغربية الجنوبية من جمرة العقبة، فإن تم وقوع الحصى في داخل الحوض أسفل العمود الواقف فقد أجاز العلماء ذلك، وذلك لكونه نفس الموضع الذي قام فيه النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرمي فيه، وقد أصبح حالياً حوض الجمرة الكبرى أي جمرة العقبة من جميع الجهات.
مع بزوغ فجر اليوم العاشر من ذي الحجة أي أول أيام عيد الأضحى المبارك يتوافد الحجاج المسلمين إلى مسعر منى مكبرين مهللين عامرة قلوبهم بالفرحة والسعادة، وذلك بعد أن منّ الله ـ عز وجل ـ عليهم بالوقوف على صعيد جبل عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة (وقفة عرفات)، وبعد أن أتموا أداء الركن الأعظم من أركان الحج في الإسلام، ثم باتوا ليلهم في مزدلفة.
وعقب وصول الحجاج مباشرةً إلى مشعر منى يشرعون في رمي جمرة العقبة الكبرى وهي القريبة من مكة المكرمة لما في ذلك من اتباع وهدى بسنة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويأتي رمي الجمرات تذكيراً للمسلمين بعداوة الشيطان الذي قام بمعاداة واعتراض نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ في هذه الأماكن، ليعرف المسلمون عداوة الشيطان للإنسان ويحذرون من أعماله.
ويشرع للحجاج في اليوم العاشر من ذي الحجة أن يقوموا بأداء أربعة أعمال هي :
ويكون رمي جمرة العقبة الكبرى في اليوم العاشر من ذي الحجة أو يوم النحر، بحيث يتوجه الحجاج بعد وصولهم مشعر منى لرمي جمرة العقبة الكبرى والتي تتكون من سبعة جمرات متتابعات مع التكبير ورفع اليد في رمي كل جمرة منهم ،وذلك بعد أداء صلاة فجر اليوم الأول من عيد الأضحى، ويُشترط في رمي الجمرات بأن يكون المرمى موجود به حصى، وأن تقع الجمرات في الحوض الدائري ويتم رميها متفرقة أي رمي واحدة تلو الأخرى، ولا يصح للمسلم أن يرمي السبع جمرات جميعا ً بيد واحدة، وإن قام برمي السبع بيد واحدة فإنه تُعد له رمية واحدة فقط.
ويكون موعد رمي الجمرة العقبة الكبرى بدايةً من طلوع شمس يوم النحر وحتى غروبها، فمن قام برميها في هذا الوقت فقد أصاب واتباع سُنة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووقت الرمي المحدد، ولا يتم الرمي في يوم النحر سوى لجمرة العقبة، ويجوز للضعفاء والمرضى وكبار السن وما نحوهم ممن انصرفوا من مزدلفة إلى مشعر منى أن يقوموا بالرمي بعد مغيب شمس ليلة النحر.
فمتى كان وصولهم إلى موضع جمرة العقبة الكبرى جاز لهم الرمي، بحيث يكون من الجائز لهم رمي جمرة العقبة بعد منتصف الليل من يوم النحر، كما يجوز للمسلم العاجز أن يوكل شخصاً آخر للرمي عنه، ومن الأفضل للمسلمين الأصحاء أن يكون الري في يوم العيد بعد طلوع الفجر.
إن من أهم شروط رمي الجمرات في الحج هو ن يتم وقوع الحصى في المكان المحدد للرمي فيه، وهو ذلك المكان الذي تجتمع فيه الحصى، وفي هذا الشأن فقد قال الإمام الشافعي: “الجمرة مجتمع الحصى، لا ما سال من الحصى، فمن أصاب مجتمعه أجزأه، ومن أصاب سائله لم يجزئه” ، بينما جاء قول مذهب الحنفية على النحو الآتي : “لو رماها فوقعت بالقرب من الجمرة يكفيه ذلك، لأن ما يقرب من المكان يعطي حكمه، ولأن الاحتراز من ذلك مما يصعب على الحاج، لذا كان معفو عنه ومرجع البعد أو القرب عندهم العرف”.
ويجوز أن يتم رمي كل من الجمرة الصغرى والجمرة الوسطى من كل ناحية وجهة، بينما في أمر جمرة العقبة فيتم رميها في جهة واحدة فقط وهي جهة أسفل الوادي، بحيث يجعل الرامي عن يمينه مستقبلاً القبلة، فعن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ قال: (أنَّه حجَّ مع ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فرآه يرمي الجَمْرةَ الكُبرى بسَبْعِ حَصَياتٍ فجعل البيتَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينِه، ثم قال: هذا مقامُ الذي أُنْزِلَتْ عليه سورةُ البَقَرةِ))، وفي قول آخر: (أنَّه انتهى إلى الجَمْرةِ الكُبرى، جَعَلَ البيتَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينِه، ورمى بسَبْعٍ، وقال: هكذا رمى الذي أُنْزِلَت عليه سورةُ البَقَرةِ -صلى الله عليه وسلم-)
وخلاصة القول في هذا الشأن بأن إن تيّقن المرء المسلم بأن رميه لجمرة العقبة الكبرى لم يكن على النحو المذكور سلفاً بأن يتم رميها في جهة واحدة فقط وهي جهة أسفل الوادي، بحيث يجعل الرامي عن يمينه مستقبلاً القبلة، فإنه لم يجزئه عمله عن نفسه ولا عمن أنابه، ويكون على كل شخص منهم دم أو هدىَ لتركهم واجباً من واجبات الحج الضرورية لصحته.