ابحث عن أي موضوع يهمك
يتصدر السؤال عن الحكم الشرعي في نصيحة السلطان محركات عناوين البحث، ومن ثم تكمن الإجابة في أنه يمكن لأي شخص من الناس الذين يكون السلطان مسؤولاً عنهم تقديم النصيحة له، ولكن يلزم أن تكون تلك النصيحة في أُطر محددة، ونستند في ذلك إلى الحديث النبوي الشريف:
“- جلَدَ عِياضُ بنُ غَنْمٍ صاحِبَ دارَا حينَ فُتِحتْ، فأغلَظَ له هشامُ بنُ حَكيمٍ القَولَ حتى غضِبَ عِياضٌ، ثمَّ مكَثَ لياليَ، فأتاه هشامُ بنُ حَكيمٍ، فاعتذَرَ إليه، ثمَّ قال هشامٌ: ألم تسمَعْ بقَولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
إنَّ مِن أشدِّ الناسِ عذابًا أشَدَّهم عذابًا في الدُّنْيا للناسِ. فقال عِياضُ بنُ غَنْمٍ: يا هشامُ بنَ حَكيمٍ، قد سمِعْنا ما سمِعْتَ، ورأَيْنا ما رأَيتَ، أولم تسمَعْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن أرادَ أنْ ينصَحَ لذي سُلْطانٍ بأَمْرٍ فلا يُبْدِ له علانِيةً، ولكنْ ليأخُذْ بيَدِه؛ فيخلُوَ به، فإنْ قبِلَ منه فذاكَ، وإلَّا كانَ قد أدَّى الذي عليه. وإنَّكَ أنتَ يا هشامُ لأنتَ الجَريءُ؛ إذ تجتَرِئُ على سُلْطانِ اللهِ، فهلَّا خشِيتَ أنْ يقتُلَكَ السُّلْطانُ، فتكونَ قتيلَ سُلْطانِ اللهِ”، رواه كلا من هشام بن حكيم وعياض بن غنم رضي الله عنهما.
ومن ثم يتوجب على الفرد المسلم الإنكار باللسان لمن كان قادراً عليه، حيث يكون الدين نصيحة للسلطان ولغيره من الناس، ومن الممكن أن ينكر الفرد المسلم الفعل بقلبه بدلا من أن ينكره بلسانه.
يجب أن ننوه أنه على المسلم اتباع الأسلوب الحسن والتعامل باللطف عند تقديم النصيحة للسلطان أو لغيره من الناس، وتقدم النصيحة سراً بين الناصح وغيره وليست علانية حتى لا يتعرض الشخص الآخر للإحراج، وعند تقبل السلطان للنصيحة فيكون من خير الأمور وأن فعل عكس ذلك يكون المسلم قام بنصحه وأن لم يفعل به.
تكمن الإجابة على هذا السؤال في أن الصحابة والسلف الصالح كانوا لا ينتقدون السلاطين من فوق المنابر، وذلك تفادياً لأي فوضى أو تمرد تتعرض له السلطة.
بينما كان السلف الصالح يتبع حسن الأسلوب في تقديم النصيحة، حيث كانوا يقدمون النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، ولا يقدمونها علناً، كما كان من الممكن أن يتصلوا بالعلماء المقربين للسلطان، أو أن يكتبون له الرسائل.
يجب أن ننوه أن تقديم النصيحة للسلاطين في العلن كان يتسبب في كثيرا من الأذى الذي يلحق بالحاكم والمحكومين، وأشهر مثال على ذلك نقد الخوارج علناً لعثمان بن عفان رضى الله عنه، الذي أدى إلى نشر الفتن ومن ثم فسد المجتمع، ونتج عن هذه الفتن نشوب خلافات بين كلا من عبى ومعاوية، وتم قتل كلا من عثمان وعلى رضى الله عنهما، بالإضافة إلى قتل عدد كبير من الصحابة.
يعتقد أهل السنة أن حكم مناصحة الحكام أمر جائز في الدين الإسلامي، وأضافوا أن ذلك الأمر يعد اتباع لما ورد في شرائع الإسلام، واستندوا في ذلك إلى الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “- إن اللهَ يرضَى لكم ثلاثًا ويسخطُ لكم ثلاثًا يرضَى لكم أن تعبدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرَّقوا وأن تناصحوا مَن ولَّاه اللهُ أمرَكم”.
ومن ثم يكون تقديم النصيحة من شخص للسلطان في حالة إيجاد الشخص لمنكر من الفعل والقول، هو أمر جائز بل مستحب، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدين نصيحة، حيث روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “- إن الدينَ النصيحةُ _ إن الدينَ النصيحةُ_ إن الدينَ النصيحةُ. قالوا : لمَن يا رسولَ اللهِ ؟ قال : للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمةِ المسلمين وعامَّتِهم”.
يرى الأمام النووي رحمه الله في حكم مناصحة الحاكم ““وأما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم وتألف قلوب الناس لطاعتهم”.
يوجد عدد من الطرق التي يتم اتباعها في تقديم نصح الحكام أو ولي الأمر على المسلمين، شرع الإسلام تقديم النصح، لكنه أيضا نصح باتباع الأسلوب الحسن، ومن خلال النقاط التالية سوف نذكر عدد من النصائح في ذلك:
يشرع الدين الإسلامي تقديم النصيحة للحاكم أو السلطان عندما يكون على ضلالة في أمر ما، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” : مَن أرادَ أنْ ينصَحَ لذي سُلْطانٍ بأَمْرٍ فلا يُبْدِ له علانِيةً، ولكنْ ليأخُذْ بيَدِه؛ فيخلُوَ به، فإنْ قبِلَ منه فذاكَ، وإلَّا كانَ قد أدَّى الذي عليه.
وهذا الحديث صحيح الرواية والإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صححه الشيخ الألباني في تخريج كتاب السنة وأيضاً في كتاب ظلال الجنة، وهو حديث نبوي يوضح لأبناء الأمة الإسلامية، مناصحة الحاكم، ويلزم على الشخص تقديم النصيحة للمسلمين، حيث ينتج عن ذلك حدوث الفوضى بين المجتمع الإسلامي.
يعد حكم العدل لمن تولى المسؤولية واجب شرعي على كل مسلم ويكون للمسلم وغيره، حيث عمل الإسلام على تنظيم العلاقات بين المسلمين بين الحاكم والمحكومين، وحدد التفاعل بين أهل الشرائع والأحكام، لابد أن يتسم بالعدالة.
ومن الواجب على المسلم أن يدعى غيره لاعتناق الديانة الإسلامية ويشرح قلبه للإسلام، ويحرم خداعهم، ومن الجدير بالذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنه على المسلم الذي يشتري فردا من اليهود أو الكفار يعاملهم بالخير، كما يدعو الإسلام، ولا يفرق في تعامله مع المسلمين وغيرهم من معتنقي الديانات الأخرى.
يدعو الإسلام إلى المساواه بين الناس دون النظر إلى اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة، حيث ميز الله الناس فيما بينهم بهذه الأمور حيث قال الله تعالى في سورة الحجرات في الآية رقم 13 ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ“، ومن ثم تكون هذه الفروق للتعارفوا وليس للتنافر.
يقوم الإسلام على احترام الغير، والدليل على ذلك ما قاله الله تعالى في سورة العنكبوت في الآية رقم 46 ” وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ“، حيث يقوم الدين على تحقيق الإنسانية والعدالة بين الناس دون النظر لديانتهم أو عرقهم.