إن يوم الجمعة من الأيام المباركة لدى المسلمين، ففيه خُلق الكون لذا يعتبره المسلمون عيداً، كما شُرعت فيه صلاة يوم الجمعة وهي أفضل الصلوات عند الله، لذا يُستحب على المرء المسلم في هذا اليوم الإكثار من الدعاء بما تشتهيه نفسه إلى الله ـ عز وجل ـ مع الإكثار من الصلاة على خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لذا يجب اغتنام هذا اليوم بأداء الكثير من الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله لعلها تكون المنجية، ويتساءل البعض عما يسن للخطيب يوم الجمعة ، وذلك ما سنتعرف عليه تفصيلاً في السطور التالية من موقع مخزن المعلومات، فتابعونا.
يُسن للخطيب في يوم الجمعة الدعاء لجميع المسلمين في شتى بقاع الأرض، كما أنه يُسن للمسلمين عامةً بما بينهم الخطيب عدة أمور صالحة ترفع من قدر أعمالهم عند الله ـ عز وجل ـ ومن بين هذه الأمور:
يُسن لجميع المسلمين بما فيهم الخطيب أو الإمام الاغتسال والتطيب أي التعطر، وذلك بدليل ما جاء عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم : “من غسَّل يومَ الجمعةِ واغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركبْ، ودنا من الإمام، واستمع، وأنصت، ولم يَلْغُ، كان له بكلِّ خطوةٍ يخطوها من بيتِه إلى المسجدِ، عملُ سَنَةٍ، أجرُ صيامِها وقيامِها”.
كما يُستحب مداورة المرء المسلم على التكبير خلال مشواره للذهاب إلى الصلاة، حيثُ جاء عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ :” إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، كانَ علَى كُلِّ بَابٍ مِن أبْوَابِ المَسْجِدِ المَلَائِكَةُ، يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ”.
قراءة آيات سورة الكهف، فسورة الكهف من السور القرآنية الجليلة التي لها فضل كبير في حماية المسلم من كل سوء وإنارة ما بين السموات والأرض إليه يوم القيامة، وذلك لما ورد عن سيدنا محمد في حديثه:” مَن قرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجمُعةِ سطَعَ له نورٌ من تحتِ قَدَمِه إلى عَنانِ السماءِ يُضيءُ به يومَ القيامةِ، وغُفِرَ له ما بينَ الجمُعَتَينِ:.
الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل، فقد أورد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله عن ذكر يوم الجمعة لنا:” فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئاً، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا”.
ما يسن في خطبة يوم الجمعة
هناك بعض الأمور التي جاءت في السُنة النبوية الشريفة عن خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي يُسن للخطيب ويُستحب قيامه بها في صلاة يوم الجمعة، والتي أوردها علماء المذاهب الأربعة لنا على النحو الآتي:
اعتماد الخطيب على عصا أو قوس
فمن المُستحب أن يتكأ الخطيب أو يعتمد في خطوته على العصا أو القوس، وذلك وفقاً لجمهور الشافعية، المالكية، الحنابلة، كما أورده ابن باز بالإجماع، وذلك ما جاء دليلاً عليه في السُنة النبوية أنه عن الحَكمِ بنِ حَزْنٍ الكُلَفيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (وفدتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأقمنا أيَّامًا شهِدْنا فيها الجُمُعةَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام متوكئًا على عصًا أو قوسٍ، فحمِدَ اللهَ، وأثْنَى عليه كلماتٍ طيِّباتٍ، خفيفاتٍ مباركاتٍ).
كما أن الاعتماد على العصا هو أمر اعتاد فعله النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الماضي القديم، وأتبعه الخلفاء من بعده، وفيه عون للخطيب على السير، كما أن به ربطاً للقلب وإبعاداً ليديه عن العبث.
إقبال الخطيب على الناس
يُشرع للخطيب أن يخطب في صلاة الجمعة مستقبلاً أهل المستجد ومستدبراً القبلة، وذلك ما جاء في السنة النبوية الشريفة أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، صلَّى على المنبرِ، قال سهلُ بن سعدٍ: (فلمَّا فرَغ أقبلَ على الناسِ، فقال: إنَّما صنعتُ هذا لتأتمُّوا بِي، ولتَعْلَموا صَلاتِي)، كما نقل ذلك الإجماع ابن رجب.
توجّه أبصار الناس إلى الخطيب
من المستحب على المصلين من المسلمين استقبال الإمام إذا بدأ في خطبته، وذلك مذهب الجمهور من الشافعية، الحنابلة، المالكية، وتم إيراد الإجماع عن ذلك لدى جمهور العلماء، فذلك الأمر هو ما يقتضيه الأدب، كما ورد عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه كان إذا أخذ الإمام في الخطبة يستقبله بوجهه حتى يفرغ من خطبته، بالإضافة إلى أن استقبال المصلين للخطيب في قوله أبلغ لهم في سماعهم، مثلما يستقبل الخطيب إياهم في حديثه.
رفع الخطيب صوته
جاء باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة أن يستحب للخطيب أن يرفع صوته في خطبة صلاة الجمعة، كما جاء في السنة النبوية الشريفة أنه عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خَطَب احمرَّتْ عيناه، وعلَا صوتُه، واشتدَّ غضبُه، حتى كأنَّه منذرُ جيشٍ، يقول: صبَّحَكم ومسَّاكم، ويقول: أمَّا بعدُ، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ تعالى، وخيرَ الهُدَى هُدَى محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثاتِها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ)، فمن أجل ذلك قد شُرعت الخطبة على المنبر، وذلك لأن هذا الأمر أبلغ في الاستماع لدى المصلين.
حكم قيام الخطيب في الخطبة
أختلف العلماء في حُكم قيام الخطيب في خطبة يوم الجمعة على عدة أقوال، من أقواها القولان التاليان:
القول الأول: أن أمر قيام الخطيب في خطبة يوم الجمعة شرط القدرة عليه، وذلك مذهب الإمام الشافعي، كما أنه قول الأكثرية من المالكية، بالإضافة إلى رواية الإمام أحمد، فعن عن سِماكٍ، قال: أَنبأنِي جابرُ بنُ سَمرُة رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخطبُ قائمًا، ثمَّ يجلسُ، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا. (قال جابر:) فمَن نبَّأك أنَّه كان يَخطُبُ جالسًا فقد كذَب؛ فقد- واللهِ- صليتُ معه أكثرَ من ألْفَي صلاةٍ!) ، كما قال النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (صَلُّوا كما رَأيتُموني أُصلِّي).
القول الثاني: أنه يُسن للخطيب أن يخطب قائماً، وذلك مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، ودليل على ذلك ما جاء في قوله تعالى :(وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا).
فضل يوم الجمعة
إن ليوم الجمعة العديد من الفضائل التي دلّت عليها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة ومن بينها أنه عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:خيرُ يومٍ طلَعَت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ؛ فيه خُلِق آدَمُ، وفيه أُهبِط، وفيه مات، وفيه تِيبَ عليه، وفيه تقومُ السَّاعةُ، وما مِن دابَّةٍ إلَّا وهي مُصِيخةٌ يومَ الجمعةِ مِن حينِ تُصبِحُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ شفَقًا مِن السَّاعةِ إلَّا الجِنَّ والإنسَ، وفيه ساعةٌ لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي يسأَلُ اللهَ شيئًا، إلَّا أعطاه إيَّاه).
كما ورد عن أبي هُرَيرةَ، وحُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالا: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “أضلَّ اللهُ عنِ الجُمُعة مَن كان قَبْلَنا، فكانَ لليهودِ يومُ السَّبت، وكان للنَّصارى يومُ الأحد، فجاءَ اللهُ بنا فهَدَانا ليومِ الجُمُعة، فجَعَل الجُمُعة والسَّبتَ والأَحَد، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامَةِ، نحنُ الآخِرونَ من أهلِ الدُّنيا، والأَوَّلونَ يومَ القِيامَةِ، المقضيُّ لهم قبلَ الخلائقِ”.
تكون الصلاة على النبي في يوم الجمعة شفاعة للمرء يوم القيامة، كما أنها سبب من أسباب استجابة الدعاء، وتُؤدي لطرح البركة في البيت والأبناء والأموال، وهي سبب لتثبيت قدمي المرء المسلم أثناء عبوره على الصراط المستقيم يوم القيامة، وفيها إحياء لقلب المسلم بالإيمان، ومن داوم على صلاة يوم الجمعة والدعاء على النبي هذا اليوم كان هذا سبباً لدفع الفقر عنه، والتقرب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونيّل ما يريده من خيرات في الدنيا والآخرة.
وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد تعرفنا معكم على عما يسن للخطيب يوم الجمعة ، وما هي الأمور المُستحب على الخطيب فعلها في صلاة يوم الجمعة، فضل يوم الجمعة على المسلمين، وللمزيد من الموضوعات تابعونا في موقع مخزن المعلومات.