ابحث عن أي موضوع يهمك
خلق الله تعالى جسم الإنسان غاية في الدقة والتنظيم، وقد اهتم العلماء ببحث ودراسة تكوينه والطريقة التي تعمل بها مختلف مكوناته وخلاياه، ويعتبر علم الوراثة واحد من أهم العلوم الحديثة التي تعني بتفسير كيفية انتقال الصفات الوراثية المختلفة بين الآباء والأولاد، ويعرف الجزء من dna المحمول على الكروموسوم بالجين أو الموروثة (Gene).
والجينات أو الموروثات هي التي تحمل مختلف الصفات لجميع الكائنات الحية، وهي العنصر الرئيسي الذي يهتم بدراسة علم الوراثة وطريقة انتقاله وتأثيره عبر الأجيال، من الأم والأب إلى الأجداد، ويوجد بشكل أساسي على DNA ونادرًا ما يتواجد على الـRNA، وتحدد بعد ما يدخل بتركيبها من النوكليوتيدات، والتي تقبل للإصابة بالطفرات، فتمنح صفة جديدة غبر موجودة بجيل الآباء وغير موروثة.
الدي إن أي (dna) هو الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين، والذي يتواجد في صورة سلسلة مركبات كيميائية تعرف بالنكليوتيدات، المرتبة بأسلوب معين، والحمض النووي يحتوي على المعلومات الوراثية، والذي يؤدي دورًا رئيسيًا بالتكاثر والنمو والتطور، إلى جانب ما يعطيه من تعليمات ضرورية للجسم لكي يصنع البروتين عبر عمليتي الترجمة والانتساخ، ويذكر أنه يتواجد في صورة جزيء في خلايا الكائنات الحية من الداخل، ويحتوي ذلك الجزيء الضخم على جميع المعلومات الوراثية التي تساعد على تطور تلك الكائنات وتكاثرها.
والـ (dna) يتخذ شكل سلم حلزوني مزدوج مكون من شريطتين من مجموعات الفوسفات، ومجموعات سكر الريبوز منقوص الأوكسجين، وتكون مجموعة الفوسفات مع مجموعة السكر، ويضاف لهما أساس آزوتي يعرف بالنكليوتيد، الذي يمثل درجة بذلك السلم وتعرف كل ثلاثية من الأسس الآزوتية باسم الشيفرة، حيث إن كل شيفرة منها تكون مُرمزة للبروتين أو بالجين أكثر.
يعرف علم الوراثة بأنه ذلك العلم الذي يدرس الجينات، والتي تعتبر هي الوحدة الرئيسية التي تنقل مختلف الصفات الوراثية من الأم والأب إلى الأبناء، ودراسة ال(dna) وهو الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين، المكون للجينات، وما له من تأثير على ما يحدث من تفاعلات بالخلية الحية، ويعني علم الدراسة كذلك بدراسة ما للعوامل البيئية من دور في ظهور الصفات الوراثية.
ويرجع الفضل بتطور علم الوراثة إلى العالم غريغور مندل (Gregor Mendel)، مكتشف القوانين التي تحكم الصفات الوراثية من حيث انتقالها من جيل إلى آخر بمنتصف القرن التاسع عشر، دون أن يعلم شيء عن طبيعة الجينات الكيميائية أو الفيزيائية، وقد عرفت في تلك المرحلة المبكرة بالوحدات، أو العوامل، وقد عرف مصطلح علم الوراثة (Genetics)، عام 1905 ميلادية، على يد ويليام باتسون (William Bateson) عالم الأحياء الإنجليزي، وهو من روج بشكل أساسي لتجارب وأفكار مندل.
بدأ الاهتمام بعلم الوراثة منذ وقت مبكر من تاريخ البشرية، حيث اعترف الإنسان البدائي بمدى ما للوراثة من تأثير، حيث طبق مبادئها من أجل تحسين ما يقوم بزراعته من محاصيل زراعية، كما طبقها على الحيوانات الأليفة، وفي مثال على ذلك تُظهر واحدة من الألواح البابلية التي ترجع لما يزيد عن ستة آلاف عام شجرة عائلة لمجموعة من الخيول، مع الإشارة لبعض الصفات التي يمكن أن تتوارثها، وتظهر كذلك بعض المنحوتات القديمة عملية التلقيح المتقاطع (التهجين) لشجر النخيل، وعلى الرغم من هذا فإن أول تسجيل لما يتعلق بنظريات الوراثة كان بزمن الإغريق القدماء.
وقد وضع العالم أبقراط (Hippocrates) نظرية وفرضية شموليّة التّخلّق (Pangenesis)، وقد نصت هذه الفرضية على أن أعضاء كلا الأبوين تكون بذورًا غير مرئية تنتقل إلى رحم الأم عبر الجماع، إذ تعيد تشكيل نفسها مرة أخرى لتصبح طفلًا، في حين افترض أرسطو (Aristotle) أن الدم هو الذي يقوم بتزويد الجسم بما يتكون منه من مواد بنائية.
وهو المسؤول عن عملية نقل الصفات الوراثية من جيل إلى جيل آخر، حيث يعتقد أن ما ينتجه الذكر من سائل منوي هو دم منقى، وأن دماء الأنثى خلال الحيض يماثل السائل المنوي، ومن خلال اتحادهما داخل رحم الأم ينشأ ويتكون الطفل.
وقد اقترح جان باتيست لامارك (Jean-Baptiste Lamarck) العالم الفرنسي فرضية وراثة الصفات المكتسبة وفرضية الإهمال والاستعمال، حيث افترض أن البعض من الأعضاء قد تتطور بسبب التغيرات البيئية، وتلك الصفات التي اكتسبتها الكائنات الحية قد يورثها إلى سلالته، وافتقد أن الرقبة الطويلة لدى الزرافة كانت بسبب محاولة حيوانات تشبهها مثل الغزال بمد رقبتها لمسافات طويلة خلال محاولة الوصول لأوراق الشجر العالية.
ثم قدم كل من العالم تشارلز داروين (Charles Darwin)، وألفريد راسل والاس (Alfred Russel Wallace) فرضية الانتخاب الطبيعي، حيث افترض العالم داروين أن لكل من الحيوانات والإنسان أصل مشترك، ولكن تلك الأفكار تعارضت في ذلك الوقت مع التجارب التي أجراها مندل بالوراثة.
تفترض تجارب العالم مندل أن الجين السائد يعمل على إخفاء أثر الجين المتنحي حين يجتمعان معًا، فإن اجتمع الجين المسؤول عن الشكل في البذور الملساء، مع الجين المسؤول عن الشكل في البذور المجعدة تظهر حينها البذور ملساء، وذلك هو ما يعرف بمبدأ السيادة التامة (Complete Dominance)، وهو ما يتحكم بصفة شكل البذور، والصفات التي عمل مندل عليها، ولكن يوجد أنواع أخرى من الصفات الوراثية، تعرف بالصفات الغير مندلية، وهو ما يرجع لأن قوانين مندل لا تنطبق عليها، ومن بينها ما يلي: