ابحث عن أي موضوع يهمك
يتسائل الكثير من المسلمين مع بداية العشر الأوائل من شهر ذي الحجة حول ما إذا كان من الجائز صومهم بنية التطوع والقضاء أو أن ذلك غير جائز بالإسلام، وقد اتفق علماء المسلمين على أنه من الجائز صومهم بنية التطوع القضاء، فلا حرج للمسلم أن يقضي ما فاته بأيام رمضان في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، مع قصد صوم القضاء والتطوع في الوقت ذاته، بل يرجى للصوم في تلك الأيام الفضيلة والمباركة أن يكون أكبر وأعظم ثوابًا.
ولكن حدث خلاف عند السلف الطاهر بكراهة الصوم في تلك الأيام، ولكن الراجح هو عدم الكراهة، وهو ما أخذ به عمر رضي الله عنه، كما وقال ابن رجب في ذلك (وقد اختلف عمر وعلي رضي الله عنهما في قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، فكان عمر يحتسبه أفضل أيامه، فيكون قضاء رمضان فيه أفضل من غيره، وهذا يدل على مضاعفة الفرض فيه على لنفل، وكان علي ينهى عن ذلك والسبب: لأن القضاء يفوّت فضل صيام التطوّع، وقد قيل: إنه يحصل به فضيلة صيام التطوّع).
في حين قال المرداوي في حكم صوم العشر الأوائل من ذي الحجة بنية القضاء والتطوع (لا يكره القضاء في عشرة من ذي الحجة، لأنها أيام عبادة، وروي عن عمر أنه كان يستحب القضاء فيها).
حدث خلاف بين العلماء المسلمين حول حكم صوم النافلة قبل صوم القضاء، حيث حرم بعض العلماء ذلك، حيث إن البدء بصوم الفرض آكد عن النافلة، في حين أجاز علماء آخرين صوم النافلة، ومن ثم صوم القضاء، وفي ذلك قال ابن عثيمين رحمه الله (لا شك أنه من المشروع أن يبدأ المسلم بالفريضة قبل النافلة، لأن الفريضة دَيْن واجب عليه، والنافلة تطوّع إذا تيسرت له وإلا فلا، لذا من عليه قضاء من شهر رمضان وأراد البدء بصيام تطوّع مثل صيام العشر من ذي الحجة، عليه أن يقضي ما عليه من رمضان أولاً، ثم يبدأ بصيام التطوّع إذا تمكّن من ذلك، وإذا تطوع قبل أن يقضي ما عليه فصيامه جائز، لأن قضاء رمضان يمتد حتى يأتي رمضان الثاني، فما دام الأمر موسعًا، فصيام النفل قبل الواجب جائز، بل يثاب المسلم إذا نوى القضاء والتطوّع).
إن صوم العشر الأوائل من ذي الحجة مستحب ومندوب، ويستدل على ذلك بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ : ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ).
ومعروف أن الصوم بشكل عام من أفضل الأعمال الصالحةِ، وذكر كلمة الأيام بالحديث الشريف دلَّيل على استحباب الصوم، حيث يبدأ اليوم من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وأفضل عمل النهار عند المسلم هو الصوم، كما ويجوز بدء صوم هذه الأيام المباركة منذ ثاني يوم بها، كما ويجوز صوم بعضها وإفطار البعض الآخر، ومن يفعل ذلك له الثواب والأجر بإذن الله تعالى.
جعل الله تعالى العشر الأوائل من شهر ذي الحجة من أفضل أيام العام، وذلك من أوجه عدة، نعرض لكم البعض منها فيما يلي:
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صوم يوم عرفة له فضل عظيم، فهو أفضل وأعظم الأيام عند الله تعالى، وفيه أجر وثواب كبير للمسلم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ)، حيث يكفر صوم يوم عرفة ذنوب عامين كاملين، كما وأن لصوم ذلك اليوم في الليالي العشر من ذي الحجة أجر وفضل مضاعف، وهو ما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيامٍ العمَلُ الصالحُ فيها أحَبُّ إلى اللهِ من هذه الأيامِ العَشْرِ، قالوا: ولا الجهادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قال: ولا الجهادُ في سَبيلِ اللهِ، إلَّا رجُلٌ خرَجَ بنَفْسِه ومالِه، ثم لم يَرجِعْ من ذلك بشيءٍ).