ابحث عن أي موضوع يهمك
يترتب على كل عمل يقوم به المسلم حصوله على الأجر والثواب أو العقاب، وذلك يتعلق بقدر ما يحصل عليه الإنسان من حسنات عبر تلك الأعمال، أو السيئات التي يجنيها من عمل ارتكبه يتنافى مع القواعد المعروفة للإيمان، ودومًا ما يصبو المسلم الطامع في رضا الله تعالى ودخول الجنة لتحصيل أكبر قدر من الحسنات، وهو ما يجعل البعض يتساءل حول جواز عد الحسنات التي يتلقاها مقابل ما يفعله من أعمال خير وحسابها.
وعد المسلم للحسنات أو استخدام عداد لحساب عدد ما يتم الحصول عليه منها عند قراءة القرآن هو أمر مكروه عند بعض السلف، وذلك خشية على صاحبه من الوقوع بالغرور والعَجب بالعمل حين يرى الحروف التي قرأها وعدد ما قام به من أعمال صالحة، حيث إن الله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا، وحصول أجره من باب الوعد بالحسنات.
ولكن من غير الثابت بحق الشخص حصول الحسنات دون قبول العمل من الله تعالى، والقبول في علم الغيب، إذ لا يعلمه سوى الله تعالى، وقد ورد بحديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال “مسعود رضي الله عنه قال: (ثم مضى ومضَينا معه حتى أتى حلقةً من تلك الحلقِ فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون قالوا يا أبا عبدَ الرَّحمنِ حصًى نعُدُّ به التكبيرَ والتهليلَ والتَّسبيحَ قال فعُدُّوا سيئاتِكم فأنا ضامنٌ أن لا يضيعَ من حسناتكم شيءٌ ويحكم يا أمَّةَ محمدٍ ما أسرعَ هلَكَتِكم”.
حيث إن عبدالله بن مسعود أنكر على القوم ممن كانوا يعدّون حسناتهم ما يفعلونه، ويدل ذلك الحديث على أنه ينبغي على المؤمن أن يحذر من السيئات والمحدثات والبدع، والوقوف عندها ومحاسبة نفسه عليها، والإكثار من الحسنات، وذلك أنها لا تضيع عند سبحانه، والذي أحصى كل شيء عددا.
عد وإحصاء حروف القرآن الكريم جائز ومباح، حيث ثبت أن بعض السلف الصالح كانوا يفعلون ذلك، وقد قال مجاهد “هذا ما أحصينا من القرآن، وهو ثلاثمائة ألف حرف، وواحد وعشرون ألف حرف، ومائة وثمانون حرفًا”، وعلى ذلك فإن الشخص الذي يقول إن عدد حروف القرآن تبلغ كذا، ووفقًا لذلك فإن من يقرأ القرآن الكريم كاملًا يرجى له أن يحصل على الثواب والأجر بقدر عدد هذه الحروف، والحرف من القرآن بعشر حسنات، وعلى ذلك لا حرج بإحصائها، ويستدل على ذلك من الحديث الوارد عن عبدالله بن مسعود عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ”.
تنتشر بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل الواتساب نوع من الرسائل تتمثل صيغتها فيما يلي: “أرسلها إلى ثلاثين شخصًا، لو قالوها تحصل على خمسة ملايين ومائتي ألف حسنة، وإن أرسلها كل واحد لثلاثين شخصًا، سوف تحصل على 4680000000، أرسلها فأنت لا تدري متى ستموت، فاجعلها تكون حسنة جارية، واحسبها صح، في كل مرة تقوم بإرسالها لشخص تتضاعف الحسنات بها، ولن تخسر شيئاً أو تضيع الكثير من وقتك فلو أرسلت هذه الرسالة إلى شخص، ترى كم حسنه لو تقبلها الله، مجموع الحسنات في ثلاثين رسالة فيها أحد الأدعية لو ربي تقبلها ======> يساوي مليار وأربعين مليوناً وتسعمئة وثلاثة وسبعين ألفاً وثمانمائة وأربعة وعشرين حسنه”.
ولا خلاف على أهميّة الدلالة إلى الخير، ويُرجى حصول الداعي على الأجر من عمل ذلك، ولكن الطريقة السابق ذكرها بالأعلى والتي يتداول بها آلاف الرسائل على ذلك النمط فإنها غير صحيحة، ويُخشى أن تكون من باب القول بالدّين بغير علم لذلك ينبغي تجنّب تلك الرسائل والابتعاد عن تداولها وإرسالها.
يجب على المسلم المؤمن أن يكون شديد الحرص على تحصيل الكثير من الحسنات، وهو ما حثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أمر كل مسلم بالسعي نحو الحصول على الحسنات لدخول الجنة، وقد ورد سعد بن أبي وقاص أنه قال (كنا عند رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: (أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة).
ويعتبر التسبيح من أكثر الأذكار جزاءً وأعظمها ذكرًا، وقد شجع الحبيب المصطفى صحابته الكرام للإكثار من الحمد والتسبيح بالكثير من المواقف، وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثلما قال، أو زاد)، وكذلك فإن المسلم يحصل على الأجير الوفير والكثير من قول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، حيث يغفر الله له ذنوبه وخطاياه مهما عظمت.