عادة ما يتداول سؤال هل للرجل عدة مثل المرأة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ومحركات البحث الإلكترونية أيضا، فالمرأة لها عدة كما هو المتعارف عليه من القرآن الكريم بالإضافة إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما عن الرجل فله عدة حقا؟ هذا ما سوف نقوم بالإجابة عنه من خلال السطور القادمة وفقا للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وآراء العلماء والفقهاء في هذا الأمر.
ففي حقيقة الأمر أن الرجل ليس عليه عدة في حال وفاة زوجته أو إذا طلقها، وهذا لأن العدة خصصت للنساء عن الرجال.
والجدير بالذكر أن هناك بعض الحالات التي تمنع فيها زواج الرجل في وقت معين، فتقتصر على المنع فقط دون العدة، وهي في حال إن أراد الزواج بعمة زوجته أو خالتها أو أختها أو غيرها ممن لا يحل له الجمع بينهما.
ويمكن أيضا زواج الرجل فيب حال إن طلق الزوجة الرابعة ويريد الزواج بأخرى، ففي هذه الحالة وجب عليه أن ينتظر في عدة الطلاق الرجعي بالاتفاق، أو البائن عند الحنفية، أما عن جمهور الفقهاء يذهبون إلى أنه لا يجب عليه الانتظار.
إن منع الزوج من الزواج هنا لا يمكن أن يطلق عليه مصطلح العدة، وهذا ما قال عنه النفراوي: “إن المراد من حقيقة العدة منع المرأة؛ وذلك لأن مدة منع من طلق رابعة من نكاح غيرها لا يقال له عدة، لا لغة، ولا شرعا، لأنه لا يمكّن من النكاح في مواطن كثيرة، كزمن الإحرام أو المرض ولا يقال فيه إنه معتد”.
أما عن ابن قدامة يقول: “وكذلك إن تزوج الحر أربعا، حرمت الخامسة تحريم جمع وإن تزوج العبد اثنتين، حرمت الثالثة تحريم جمع فإذا طلق زوجته طلاقا رجعيا، فالتحريم باق بحاله في قولهم جميعا، وإن كان الطلاق بائنا أو فسخا”.
وإلى هنا نكون قد توصلنا إلى أن الرجل ليس عليه عدة، وإنما هناك حالات يمنع فيها الرجل من الزواج بأخرى.
عدة الرجل عند الشيخ ابن الباز
يقول الشيخ ابن الباز عن عدة الرجل في الإسلام:
“لا يجوز له الزواج بامرأة رابعة قبل انتهاء عدة الزوجة الرابعة التي طلقها، إذا كان الطلاق رجعيًا -بإجماع المسلمين- لأن المطلقة الرجعية لها حكم الزوجات، أما إذا كان الطلاق بائنًا، ففي جواز نكاح الخامسة خلاف بين العلماء، والأحوط تركه حتى تنتهي عدة المطلقة”.
عدة الرجل إسلام ويب
ذكر في موقع إسلام ويب فتوى عن عدة الرجل:
“فالرجل لا عدة عليه شرعاً ولا لغة، وقد تطلق عليه العدة مجازاً في بعض الحالات كطلاق زوجته ويريد الزواج ممن يحرم عليه جمعها معها كأختها أو عمتها مثلاً، أو كان لديه أربع نسوة وطلق إحداهن فيحرم عليه الزواج حتى تنقضي عدة زوجته المطلقة. والمقصود بالطلاق في الحالتين الرجعي اتفاقاً والبائن عند الحنفية والحنابلة، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 8096”.
مفهوم العدة لغة واصطلاحا
توصلنا من خلال الفقرة السابقة التي قدمناها لك عزيزي القارئ من خلال مخزن إلى أن الرجل ليس عليه عدة، وإنما العدة في الإسلام تجب على المرأة فقط، فما هو إذن مفهوم العدة في اللغة العربية وفي الاصطلاح؟ هذا ما نقوم بالإجابة عنه من خلال النقاط التالية.
مفهوم العدة في اللغة
كلمة العدة في اللغة العربية: هي إِحْصاءُ الشيءِ، فهي من الفعل عَدَّه يَعُدُّه عَدًّا وتَعْدادًا وعَدَّةً وعَدَّدَه، ومن الاسم العدد والعديد.
والعَدَدُ: هو مقدار ما يُعَدُّ ومَبْلغُه، والجمع هو؛ أَعداد والعِدَّةُ؛ والعِدّةُ هي مصدر كالعَدِّ، والعِدَّة هي: الجماعة، فيمكنك القول إذن: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، أَنْفَذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ أَي جماعة كتب، وما إلى ذلك من الأمثلة.
مفهوم العدة اصطلاحا
مفهوم العدة اصطلاحا: هي الفترة الزمنية الواجب على المرأة انتظراها حتى يحل لها موعد الزواج بعد وفاة زوجها أو حدوث الطلاق.
ونستدل على ذلك من خلال قوله تعالى في الآية رقم 228 من سورة البقرة: “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ”.
بالإضافة إلى قوله تعالى في الآية رقم 4 من سورة الطلاق: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا”.
وفي الآية رقم 234 من سورة البقرة يقول الله تبارك وتعالى: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ “.
فالعدة هي حدث حدده الشرع على المرأة التي فارقت زوجها سواء عن طريق الطلاق أو إذا مات، وأي سبب من الأسباب تمتنع عن التزوج بغير زوجها الأول لمدة معينة يجب انقضاؤها.
والعدة أيضا هي عبارة عن مدة تتربص فيها المرأة من أجل أن تطمئن وتتأكد من براءة رحمها، أو للتعبد، أو لتفجعها على زوج.
والتربص في العدة يكون للمرأة التي فارقت زوجها بوفاة أو حياة، إلى جانب ذلك فالعدة هي مدة حددها الشرع بعد الفرقة، فيها يجب على المرأة أن تنتظر بدون زواج حتى تنقضي مدة العدة.
أنواع العدة
عدة المرأة التي تحيض، وتكون مدتها ثلاثة حيض.
عدة المرأة التي يئست من الحيض، وتكون مدتها ثلاثة أشهر.
عدة المرأة التي مات عنها زوجها، وهي مدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، في حال إن لم تكن حاملًا.
عدة الحامل حتى تضع حملها.
حكم العدة
إن حكم العدة في الإسلام واجب على كل امرأة وجد عندها دافع لانقضاء فترة معينة بدون زواج ما بين الزيجة الأولى والثانية.
أجمع العلماء على أن العدة فرض وواجبة الانقضاء كما هي محددة في الشرع، والدلالة على ذلك كانت من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
فيقول الله تبارك تعالى في الآية رقم 228 من سورة البقرة: “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ”.
بالإضافة إلى قوله تعالى في الآية رقم 4 من سورة الطلاق: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا”.
وفي الآية رقم 234 من سورة البقرة يقول الله تبارك وتعالى: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ “.
وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم).
كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض).
عدة الحامل
عدة الحامل واجبة في حال موت زوجها أو طلاقها، وتنقضي العدة بوضع الحمل.
فيقول الله تبارك وتعالى في الآية رقم 4 من سورة الطلاق: “وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ”.
إذا كانت المرأة الأرملة حاملا من زوجها فتنقضي عدتها بوضع حملها، حتى وإن كانت الولادة بعد الوفاة بزمن قريب أو بعيد.
وإذا لم تكن حاملا فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها من تاريخ الوفاة.
فيقول الله تبارك وتعالى في الآية رقم 234 من سورة البقرة: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا”.
عدة المطلَّقة
إذا المرأة المطلقة حاملا من زوجها فتنقضي عدتها بوضع حملها، حتى وإن كانت الولادة بعد الطلاق بزمن قريب أو بعيد.
أما إذا لم تكن حاملاً وكانت من ذوات الحيض سواء من طلاق أو فسخ ثلاثة قروء “ثلاث حيضات كاملة” وذلك من بعد الطلاق للتأكد من براءة الرحم، فتحيض وتطهر هذه واحدة ثمّ تحيض وتطهر وهذه الثانية، ثمّ تحيض وتطهر وهذه الثالثة الأخيرة، فتنقضي العدة هنا.
فيقول الله تبارك وتعالى في الآية رقم 4 من سورة الطلاق: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ”.
وإذا كانت مرضعة ولم يأتها حيض إلا بعد الفطم، فتنظر حينئذ ثلاث حيضات كاملة بعد الطلاق للتأكد من براءة الرحم.
أما في حالة إن كانت المرأة المطلقة لا تحيض لمرض ما أو كبر في السن، فتكون إذن عدتها بعد الطلاق هي ثلاثة أشهرٍ فقط، وفي حالة أنها تعلم بعودة الحيض مرة أخرى، تنتظر وتحيض ثلاثًا وتطهر ثلاثًا.
عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، فَانْظُرِي إِذَا أَتَى قَرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي، فَإِذَا مَرَّ قَرْؤُكِ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقَرْءِ إِلَى الْقَرْء).
عدة الصغيرة والآيسة
أما عن عدة الصغيرة والآيسة فتكون ثلاثة أشهر، وذلك وفقا لما جاء في قوله تعالى في الآية رقم 4 من سورة الطلاق: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ”.
المرأة التي ارتفع حيضها دون علة تعرف
عدة المرأة التي ارتفع حيضها دون علة تعرف تكون تسعة أشهر كمرتابة الحمل، وتضيف إليها عدة اليائسة ثلاثة أشهر، فهذه سنة، وفي حال أنها أتمت السنة دون أن تحيض فيحل لها الزواج.
أما في حالة أن حاضت خلال هذا العام، فعليها أن تنتظر لانقضاء ثلاث حيضات.
وعلى هذا قال ابن قدامة في المغني: (وإن حاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه لم تنقص عنها إلا بعد سنة بعد انقطاع الحيض)
عدة المفقود زوجها
عدة المفقود زوجها في حرب مثلا أو سفر، ولا تدري هل هو حي أم ميت.
فيقول كلا من الحنفية والشافعية في الجديد: “هو حي في حق نفسه، فلا يورث ماله، ولا تبين منه امرأته، فلا تعتد زوجته حتى يتحقق موته استصحاباً لحال الحياة السابق. أما المنعي إليها زوجها، أو التي أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات، أو طلقها ثلاثاً، أو أتاها منه كتاب على يد ثقة بالطلاق؛ فلا بأس أن تعتد وتتزوج”.
أما عن المالكية والحنابلة: “تنتظر امرأة المفقود أربع سنين، ثم تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشرة أيام”.