هل السب يفسد الصيام

مع اقتراب شهر رمضان لابد من الإلمام بالتعاليم الخاصة بالصيام وما يفسده، فشهر رمضان هو شهر الطاعات وشهر البركات، ففيه تصفد الشياطيين وتفتح أبواب الجنان على مصارعها فيتسابق المسلمين في الطاعات ونيل الثواب والعتق من النيران، ولكن يتوجه الإنسان في الشهر الكريم إلى مواجهة الشيطان الأكبر وهي النفس، فيسعى جاهدًا إلى جهادها ومقاومة الشهوات المتنوعة، ومن هذا المنطلق يتبادر سؤال هل السب يفسد الصيام ، ولهذا نوضح الإجابة على هذا السؤال عبر الفقرات التالية لموقع مخزن، مع الإشارة إلى البعض من مبطلات الصيام فيما يلي.

هل السب يفسد الصيام

يختلف المعنى المقصود من السب سواء من سب للدين وليعاذ بالله أو سب المسلم لأخيه المسلم، ومن خلال النقاط التالية نوضح الفرق بين المعنيين، وحكم كل منهم في صيام رمضان، وهذا عن طريق النقاط التالية:

• إذا كان المقصود بلفظ السب هو سب الدين، فمن يقع في هذا الفعل ارتد عن الإسلام، ويعتبر سب الدين كبيرة من الكبائر التي تبطل الصيام، ومن المهم المبادرة بالتوبة في الحال ونطق الشهادتين من جديد، ولابد من أن تكون التوبة صادقة يندرج بها نية عدم العودة للأمر من جديد.
• إذا وقع الفرد في هذا الأمر لابد له من قضاء هذا اليوم من جديد، عند انتهاء شهر رمضان، فيقول المغني: “ومن ارتد عن الإسلام، فقد أفطر لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم في أثناء اليوم، أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئًا أو غير مستهزئ؛ وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج، ولأنه عبادة محضة، فنافاها الكفر، كالصلاة“.
• أما إذا كان المقصود من لفظ السب هو الشتم بشكل عام، ففي هذه الحالة يعد واحد من المعاصي المكروهة التي يأثم الفرد عليها ولكنها لا تبطل الصيام، ولا يحتاج المسلم لقضاء اليوم من جديد بعد الإفراغ من صيام رمضان.
• يُشار إلى التكلم في عرض شخص ما بما يحزنه ويؤذيه، أو الشتم والتحدث ببذيء الكلام ، والإشارة إلى الفسق والفجور والخروج عن الحق بالسب، وهي من المعاصي التي لابد من جهادها والامتناع عنها في نهار رمضان ولكنها لا تبطل الصيام.
• لكن ينقص الثواب العائد من الصيام في هذه الحالة، ومن الممكن ألا يثاب الشخص إلا على الجوع والعطش، وهذا ما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة، عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “ربَّ صائمٍ حظُّه من صيامِه الجوعُ والعطَش، وربَّ قائمٍ حظُّه من قيامِه السَّهر”.
• هذا بجانب الحديث الذي جاء برواية البخاري ومسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أصْبَحَ أحَدُكم يَوْمًا صائمًا، فلا يَرفُثْ، ولا يَجْهَلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَه، فلْيَقُلْ: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائمٌ”.
• المقصود بالرفث في الحديث الشريف الكلام البذيء والفاحش، أما لا يجهل فالمقصود بها عدم الوقوع في الأفعال التي يقوم بها الجاهلين مثل الصياح والرد بالسب والسفه وأشياء من هذا القبيل، والمقصود من الحديث الشريف ألا يتم التعامل بالمثل، بل يجب أن يقتصر الأمر على قول إني صائم والاستعانة بالله عز وجل.

مبطلات الصيام

يقصد بمبطلات الصيام كل عمل يجعل من الصوم غير صحيح، ومن بطل صيامه في نهار رمضان دون رخصة يجب عليه الإمساك عن الطعام والشراب طوال اليوم، لحرمة الوقت، ولابد له من قضاء اليوم من جديد بعد ذلك، أما من بطل صيامه بعذر مثل المريض أو المرأة الحائض وغيرها لا يجب عليها الإمساك عن الطعام والشراب، ولكن يتم قضاء أيام الفطر بعد شهر رمضان، أما عن مبطلات الصيام فتتمثل فيما يلي:

ما ينزل إلى الجوف عمدًا

• أي ما يتم بلعه من مأكل ومشرب وما يشابه الأمر ليصل إلى الجوف بشكل متعمد، والجوف هو يبدأ من الحلق لينتهي إلى المعدة والبطن، وما يصل إلى الدماغ.
• سواء كان الأمر عن طريق الفم وهو الطبيعي، أو عن طريق الأنف والأذن مثل الدواء الذي يصل إلى الجوف.
• كذلك إذا جرح شخص نفسه أو جرحه شخص آخر ليصل إلى الجوف، وهذا ما أشار إليه الشافعي.
• يشترط الأمر في هذه الحالة التعمد، فإذا وصل شيء إلى الجوف عن طريق النسيان ففي هذه الحالة لا يبطل الصيام.
• فيقول صلى الله عليه وسلم: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه” (متفق عليه).
• من المهم الإشارة إلى أن بلع الريق لا يعد من مبطلات الصوم، أما بلع النخامة عمدًا يعد من مبطلات الصوم.

الجماع

• باجتماع الختانيين، وتغييب الحشفة في واحد من السبيلين يبطل الصوم، سواء حدث النزول أو لا، وهذا إذا كان الأمر في وعي وعمد.
• فإذا جامع العبد في نهار رمضان وهو واعي ومتعمد للأمر مبطل صومه، وفي هذه الحالة يجب عليه الإمساك حتى أذان المغرب لعظم الذنب والوقت الذي أسرف فيه، وعليه القضاء بعد الانتهاء من شهر رمضان، وإخراج الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة.
• وإذا لم يتمكن من عتق رقبة مؤمنة لابد له من صيام شهرين متتاليين، وإذا لم يستطع عليه إطعام ستين مسكينًا.

الاستقاء

• المقصود بالأمر هو تعمد الاستفراغ، وبهذا يبطل صيام العبد، وإذا غلب القيء الفرد وخرج كرهًا منه ولكنه أعاده إلى جوفه متعمدًا بطل الصيام، وهذا لأنه في هذه الحالة أعاده إلى جوفه متعمدًا، وهو مبطل للصيام.
• أما إذا غلب أحد القيء وخرج منه دون إدراك أو تعمد فلا يَبطل الصيام.
• إذا استقاء الشخص ناسيًا بأنه صائم، لم يبطل صيامه، وهذا ما جاء في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “من ذرعه القيء، فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض”.

الردة

• المقصود بالردة هي الرجوع أو الخروج من الإسلام، وتكون باختيار الكفر الصريح.
• أبسط مثال على هذا ما ذكرناه سابقًا في إجابة سؤال هل السب يفسد الصيام، بأن سب الدين، وسب الله عز وجل ورسوله هو ارتداد واضح عن الدين وهو من الكبائر التي تبطل الصيام، ولابد من نطق الشهادتين من جديد، وقضاء اليوم إذا ارتد الفرد للإسلام.

الحيض والنفاس والولادة

• واحدة من أكث الأمور المتعارف عليها والمبطلة للصوم تتمثل في خروج دم الحيض أو دم النفاس من رحم المرأة، أما النفاس فهو الدم الذي يخرج من المرأة بعد الولادة.
• فيبطل الصيام بخروج الدم ولو كان قبل الغروب بدقائق، وهذا ما اتفق عليه علماء المسلمين جميعهم، وهذا ما جاء عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم؟”
• كما أن الولادة تبطل الصوم، وهو الأمر الذي غالبًا ما يعقبه النفاس.

الاستمناء

• خروج المنى متعمدًا يبطل الصيام، أي أن خروج المنى بسبب الشهوة واحد من مبطلات الصيام، لأن المقصد الصوم تهذيب النفس وامتناعها عن كل الشهوات.
• أما خروج المنى عن طريق الاحتلام، أي خلال النوم لا يبطل الصيام.

الجنون والإغماء

• إذا أصاب الجنون الصائم ولو لحظة يبطل صيامه.
• ويبطل الصيام إذا وقع الإغماء طوال نهار رمضان، وإذا أفاق الشخص ولو لحظة في اليوم صح صيامه.