ابحث عن أي موضوع يهمك
هل الاحساس بالموت صحيح هو أحد الأسئلة الهامة التي تتردد على أذهان الكثيرين، حيث أحيانًا ما يكون لدى المرء شعور قوي بأن أجله قد اقترب في فترة من حياتهم، وهو ما يدفعهم للتساؤل حول ما إذا كان لذلك الشعور دلالة حقيقية أم أنها مجرد أوهام، لذا نتناول من خلال مقالنا الذي نقدمه لكم عبر مخزن الإجابة التفصيلية على ذلك الأمر، فتابعونا.
تأتي الإجابة على سؤال هل الإحساس بالموت صحيح بالنفي وذلك لأنه لا يمكن لأي من الأشخاص أن يشعر باقتراب أجله الذي حدده الله تعالى له، وجميع ما يتردد من أقاويل حول شعور الإنسان بموته لا صحة له مطلقًا، حيث إن عمر الإنسان وأجله بيد خالقه سبحانه وتعالى، والخشية من الموت لا تنقص أو تقدم من عمر البشر، والموت آتٍ لا محالة، فهي سنة الله جل وعلا في خلقه.
وحتى الرسل والأنبياء ماتوا، فهي حقيقة لا بد من استيعابها وتذكرها بشكل دائم، والخوف من الموت، أو الشعور باقتراب الأجل من الأمور الإيجابية التي تدفع العباد على إتيان الأمور الحسنة والعمل الصالح، وتذكر الحساب وحياة البرزخ والحياة الآخرة، وفي الوقت ذاته ينبغي على الإنسان أن يعمل لحياته دون انتظار اقتراب الأجل أو انتظار الموت، ولا يوجد داعي لشغل النفس بتلك المشاعر التي ترهق الروح والنفس.
وقد تحدث الفقهاء وعلماء النفس والكثير من المختصين حول أن الموت من الحقائق في حياة البشر التي يحيطها الغموض، والتي لا يمكن معرفة موعدها أو الكشف عنها، ولا حتى الهروب منها، وفي ذلك الصدد يقول الله تعالى في سورة آل عمران الآية 185(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
ويستدل من الآية الكريمة أنه من غير الممكن التعرف على موعد الموت أو تحديد ساعته، وهو ما قال فيه الله تعالى في سورة لقمان الآية 34 (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
أوضحت العديد من الدراسات أن أشخاص كثيرون يشعرون أن أجلهم قد اقترب، وهو ما يعود إلى أن الإنسان يكون مهيئًا نفسيًا وداخليًا إلى ذلك، ولكن يذكر أن ذلك لا يعد دليلًا على أن موته قد اقترب، فهو مجرد إحساس زائف، حيث لا يعلم الغيب إلا الله تعالى وحده، وحتى إن حدث ومات من كان يشعر باقتراب الموت بعد وقت قليل من ذلك الشعور أو من كتابته أو مشاركته من حوله الإحساس بأن موته أصبح قريب.
وقد يتردد التساؤل لدى البعض عن السبب الذي من أجله يشعرون باقتراب الموت، بل إن البعض يصل الأمر لديهم ألا يفارقهم ذلك الشعور، وذلك لأنهم تركوا الأمر يتملكهم واستسلموا له إلى أن أصبح مبالغ به، حتى يصبح مثل الوسواس عن اقتراب الأجل.
لا يشعر الإنسام باقتراب أجله، ولا يمكن لأحد أن يعرف الموعد الذي سوف يكون به، وبالرغم من ذلك يوجد بعض من الأشخاص تسيطر عليهم فكرة ووسواس الموت وهواجسه، وهو ما يجعلهم دومًا ما يفكرون باقترابه، ولكن ذلك لا يدل على أنهم يدركون أن موعد موتهم قد اقترب حقًا، حيث ما من علامات مؤكدة لاقتراب الأجل أو الموت.
لا يمكن للإنسان الإحاطة بموعد الموت، وعلى الرغم مما توصل إليه العلم من وسائل تكنولوجية حديثة لم يتمكن حتى الأطباء من التعرف أو تحديد الموعد الذي قد يموت به الشخص، وقد أبقى الخالق جل وعلا على موعد الموت وجعله مجهولًا بالنسبة للإنسان لكي يعمل ويجتهد حتى آخر لحظة في العمر، ويلتزم بأداء الأعمال الصالحة، ويبتعد عن إتيان المنكر، ولكي يقابل الله سبحانه ويحاسبه على ما فعله من أعمال بالدنيا، فيجازيه على الصالح جنات النعيم التي تجري من تحتها الأنهار، وأما العمل الطالح فيجزيه عليه جهنم وساءت مصيرًا.
تنتشر الكثير من الأقاويل والمعتقدات حول شعور الإنسان بالموت قبل أربعين يوم من وقوعه، وهو ما يدفعهم للبحث حول حقيقة وصحة ذلك الأمر، وإن كان يوجد علامات احتضار تتضح على المريض قبل وفاته بأربعين يوم، وأن من اقترب أجله قد يشعر بأمور أو يرى أشياء لا يراها أو يحس بها من حوله والمحيطين به، ولكن يذكر أنه ما من دليل في السنة النبوية المطهرة أو في كتاب الله العزيز الحكيم تشير إلى صحة تلك الأقوال، بل جميع ما ورد يؤكد أن الموت لا علامات تسبقه سوى سكرات الموت، وعلى ذلك لا يوجد دلائل على الموت قبل أربعين يوم مطلقًا.
من الأفضل لمن يجد أن الشعور بالخوف من الموت يسيطر عليه ولا يقدر على مقاومته |أ التخلص منه أن يتوجه الشخص لاستشارة طبيب أو معالج نفسي ذو خبرة في ذلك الصدد للحصول على النصيحة الصحيحة والمناسبة، حيث قد ينصح الطبيب بتناول الأدوية المضادة للاكتئاب أو الخوف، حيث يوجد العديد من الأدوية المناسبة والجيدة التي تعالج مثل تلك الحالة.
ومن تلك الأدوية (أنفرانيل) الذي يتم تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرام لمدة شهر كامل مرة كل يوم، ثم رفع الجرعة لخمسين مليجرام مرة واحدة ليلًا لمدة شهرين، يليها خفض الجرعة مرة ثانية مع الاستمرار عليه لمدة ثلاث أشهر، ثم إيقاف تناوله، ويعتبر ذلك النوع من الأدوية غير مكلف، كما لا يترتب على تناوله سوى أعراض جانبية خفيفة في الأيام الأولى فقط من العلاج، ولكن يجب استشارة الطبيب أولًا قبل تناوله.
ومما يساعد على التخلص من تلك الحالة غير الأدوية صلة الرحم وزيارة الأقارب والأصدقاء، وهو ما يجلب لروح والنفس الطمأنينة والسكينة، إلى جانب ممارسة الرياضة بانتظام، الأمر الذي يساهم في تفريغ الطاقة السلبية من الجسم، والمواظبة على الصلاة وزيارة المساجد، وقراءة القرآن الكريم، إذ يعمل ذلك على منح الشخص الدعم النفسي الكبير الذي يحتاج إليه، كما ويزيل من القلق والوساوس.
يقصد بسكرات الموت غمراته وسكراته، وهي عبارة عن حالة تعرض بين الإنسان وبين عقله، وتختلف سكرات الموت بين إن كان الشخص مؤمن أو كان كافر، حيث يجدها المؤمن الحق خفيفة وبسيطة لا تقارن بشيء مما يلقاه العاصي أو الكافر في موته من سكرات، وهو ما ورد فيه قول البراء بن عازب رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وإنَّ العبدَ الكافِرَ إذا كان في انقِطَاعٍ من الدنيا، وإقبالٍ من الآخِرةِ، نزل إليه من السماءِ ملائكةٌ سُودُ الوجُوهِ معَهُمُ المُسُوحُ، فيجلِسُونَ منه مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الموتِ حتى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: يَا أيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إلى سَخَطٍ من اللَّهِ وغَضَبٍ، فَتَفْرُقُ في جَسَدِهِ فيَنتَزِعُهَا كَما يُنتَزَعُ السَّفُّودُ من الصُّوفِ المَبْلُولِ)، حيث قد يرى المحتضر رؤى العين إما ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، يخاطبونه ويحدثونه بما لا يسمع به غيره، والله تعالى أعلم.
هل الاحساس بالموت صحيح ذلك هو ما دار حوله مقالنا والذي قدمناه لكم في مخزن حيث تعرفنا على أنه ما من صحة للشائعات المتداولة من قبل الكثيرون حول الشعر بالموت قبله بوقت، أيًا كانت المدة، حيث اختص الله تعالى نفسه وحده بمعرفة أجل جميع العباد.