ابحث عن أي موضوع يهمك
هل الأخلاق فطرية أم مكتسبة ؟ ، يُمكن للإنسان الارتقاء بنفسه في سُلم القيم والحضارة فقط عندما ترتقي أفعاله بالفضائل والأخلاق عن غيره من الناس، وقد استمد الإنسان أخلاقه خلال سنوات التاريخ القديم من الفطرة السوية والهيئة الطاهرة التي أوجدها الله ـ عز وجل ـ عليها في الأرض، إلا أنه خلال تفاعل الإنسان مع الحياة فقد اكتسب عدد من الصفات والخبرات والعادات التي تحولت لصفات أصيلة في نفسه بعد ذلك نتيجة للتعلم والإدراك لأهمية الإدراك وقيمتها للإنسان، كما جاءت الشرائع السماوية لتُكمل الأخلاق وترتقي بها وتضعها في موضعها الصحيح وفقاً للضوابط والمناهج الواضحة بعيداً عن الأهواء البشرية التي تميل لفعل ما لا يجوز، أو تُحرم ما أباحه الله ـ جل شأنه ـ من الطيبات، لذا تكون الأخلاق نتيجة ومحصلة للفطرة الإنسانية السوية بالإضافة إلى الاكتساب السليم للقيم والفضائل من الشرائع والتجارب والحياة، وللمزيد من الحديث حول الأخلاق وماهيتها تابعونا في السطور التالية من موقع مخزن المعلومات.
جاءت الإجابة بشأن هل أخلاق الإنسان فطرية أم مكتسبة واضحة، فإن الأخلاقيات الإنسانية تنقسم إلى قسمين منها ما هو فطري غريزي نشأ به الإنسان فطرياً بما أوجده الله عليه من فطرة سوية ونفسية طيبة، ومنها ما هو مكتسب نتيجة للتعلم والتفاعل مع الحياة والأشخاص من حوله، وهذا الأمر
ما يؤكده قول النبي محمد ، صلى الله عليه وسلم ـ عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ” إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يؤتي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يؤتي الإيمان إلا من أحب، فإذا أحب الله عبدًا أعطاه الإيمان، فمن ضن بالمال أن ينفقه، وهاب العدو أن يجاهده، والليل أن يكابده؛ فليكثر من قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله”.
فالصفة الأولى وهي الأخلاق الغريزية التي تتواجد في النفس البشرية كما أوضح النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قوله لأحد الصحابة الكرام : ” فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة، قال الصحابي: يا رسول الله، أنا أتخلق بهما، أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل جبلك الله عليهما، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله”.
والصفة الثانية وهي الأخلاق المكتسبة فيتم تحصيلها في نفس الإنسان من خلال التفاعل والتعامل مع الآخرين، وذلك ما جاء في قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم :” إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم”.
وهنا يُمكن الإشارة إلى أن الأخلاق الفطرية للإنسان يُمكن أن يتم تعديلها وتقويمها، وذلك لأن وجود الأخلاق الفطرية إشارة إلى وجود استعداد فطري للتقويم والتهذيب والتعديل من خلال الخبرات والتدريب، لتجد أن هناك فطرة الغيرة عند البعض أكثر من الآخرين، وكذلك الطمع فهناك من يكون بطبعه راضياً قنوعاً وهناك من تميل نفسه للتملك والطمع، وذلك ما يظهر في الأطفال حال صغر سنهم قبل أن يبدأوا في اكتساب المهارات والخبرات الحياتية، وما يؤكد ثبوت هذا التفاوت الفطري في الأخلاق والطبائع البشرية هو قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “ألا إنَّ بَني آدمَ خُلِقوا على طَبقاتٍ شتَّى، ألا وإنَّ منهمُ البطيءَ الغضبِ سريعَ الفَيءِ ، وَمِنْهُم سريعُ الغَضَبِ سريعُ الفيءِ )، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :” الناسُ معادِنٌ كمعادِنِ الذهبِ والفضةِ ، خيارُهم في الجاهلِيَّةِ ، خيارُهم في الإسلامِ إذا فَقُهوا”.
أشار الجرجاني إلى الأخلاق بونها عبارة عن هيئة للنفس راسخة، تصدر عنها الأفعال بيسر وسهولة دون الحاجة إلى وجود فكر ورويّة، فإن كان ما يصدر عنها هو الأفعال الحسنة تكون الهيئة خُلقاً حسناً، وإن مان ما يصدر منها الأفعال السيئة القبيحة فإن الهيئة حينها تكون هي مصدر الخُلق السيئ، ويكون موضوع الأخلاق هو كل ما يتصل بعمل المرء المسلم ونشاطه، علاقته بربه، علاقته مع نفسه، علاقته مع جميع الأشخاص غيره من بني جنسه، وكذلك علاقته بما يحيط به من حيوان وجماد.
تتشكل الأخلاق الإنسانية من عدة مصادر منها ما هو فطري غريزي ومنها ما هو مكتسب على مدار الحياة، وتتمثل أهم مصادر الأخلاق الإنسانية في:
تتمثل الفطرة الإنسانية فيما أوجد الله عليه الإنسان في الأرض من تقبيح لكل منكر حرام أو تحسين لكل حلال طيب من القول والفعل والعمل، وهنا قد جاءت لنا العديد من النصوص الدينية في القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة والتي تبرز طبيعة فطرة الإنسان التي خلقه الله عليه، والتي تبعثه على التحلي بالأخلاق الطيبة في الدنيا وفي تعامله مع الآخرين، ومن بينها قول الله تعالى في سورة البلد (وهديناه النجدين) أي خلقنا الإنسان على فطرة سليمة تعرف يقيناً طريق الخير وطريق السوء، وكذلك حديث النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (الناسُ معادنُ، خيارهم في الجاهليةِ خيارهم في الإسلامِ، إذا فَقِهُوا)
خلق الله ـ عز وجل ـ الإنسان وأنعم عليه بنعمة العقل والفكر السليم، فالإنسان من خلال عقله وإدراكه الصحيح لطبيعة الأشياء من حوله يُمكنه اكتساب الأخلاق الحميدة الطيبة، وذلك من خلال التفرقة بين الأخلاق الحسنة والأخلاق الذميمة، وقد عبر الأعرابي البسيط عن هذا الأمر في قوله (ما رأيت من شيءٍ أمر به الإسلام فقال العقل لِمَ لم ينهى عنه، أو شيء نهى عنه الإسلام فقال العقل لِمَ لم يأمر به).
جاءت الشرائع السماوية المختلفة من عند الله ـ عز وجل ـ وأخرها الشريعة الإسلامية لضبط الأخلاق الإنسانية وإكمالها، فلا يكفي وجود العقل الإنساني وحده لإيجاد الأخلاق واكتسابها عن اقتناع، حيثُ لابد من وجود الشرائع الدينية التي تساعد في تجميل هذه الأخلاق وتتويجها.
حثّنا ديننا الإسلامي الحنيف على الأخلاق الحميدة والتمسك بالصفات الطيبة التي ترتقي بنفس الإنسان في الدنيا وترفع من قدره وعمله في الأخرة، وتتمثل أهمية الأخلاق في:
وختاماً نكون قد توصلنا حول سؤال مقالنا اليوم ( هل الأخلاق فطرية أم مكتسبة ؟ ) في أن الأخلاق فطرية ومكتسبة معاً في آن واحد ، فالفطرة السوية هي الجوهر والمعدن للأخلاق الإنسانية القويمة، ويأتي الاكتساب والتطبع ليكون داعماً لهذا المعدن، والزيادة من قوته وصلابته ويجعله معدناً أصيلاً متألقاً يشع ضوءاً ونوراً بين الناس ، وللمزيد من الموضوعات تابعونا في موقع مخزن المعلومات.