موضوع عن حرف الانبياء ومهنهم توضح لنا أن عملهم لم يكمن فقط في دعوة الناس إلى عبادة الله – عز وجل- وتوحيده وتبشيرهم بالجنة وإنذارهم من النار، فلقد كانوا يمارسون المهن الدنيوية مثل البشر للإنفاق على أنفسهم وأهليهم وأبنائهم، فمن خلال موقع مخزن سوف نتحدث بالتفصيل عن حرف بعض الأنبياء وأهمية هذه الحرف في الحياة.
إن الله -سبحانه وتعالى- رزقنا بالعديد من النعم ولقد أمرنا بالمحافظة عليها إلى جانب تعمير الأرض، وذلك من خلال العمل باجتهاد لضمان بقائها، فمن هذا المنطلق حث الرسل الكرام والأنبياء إلى جانب الدعوة إلى الإسلام والتوحيد بالعمل والكسب الحلال حتى يكونوا بمثابة قدوة لغيرهم كما هو في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون، 51] فلا بد وأن يقتدي كل مسلم بهم ويعمل بجد واجتهاد ليتمكن من توفير قوت يومه.
موضوع عن حرف الانبياء ومهنهم
يعد العمل بمثابة الوسيلة التي تحقق الأمن والاستقرار في الحياة، فلقد كان الأنبياء يعملون في شتى المجالات، وذكر هذا الأمر في القرآن الكريم، إذ إن أغلبهم كانوا من الفقراء والساعين وراء تأمين احتياجات حياتهم، ففيما يلي سوف نذكر حرف ومهن البعض منهم:
نبي الله آدم عليه السلام
بعدما نزل سيدنا آدم – عليه السلام- من الجنات إلى الأرض مع زوجته حواء لم يكن حينها بين يديه أي عمل يُمكنه من خلال الحصول على الرزق.
فلقد لجأ إلى زراعة الأرض وكان كسب رزقه مما تجنيه يداه من المحاصيل.
أي أنه – عليه السلام- كان فلاحًا إذ يصنع بيديه الأدوات البسيطة من الخشب لمساعدته في الفلاحة والزراعة.
ومن الجدير بالذكر أنه إلى جانب عمله بالزراعة فلقد عمل في الرعي مثل باقي الأنبياء.
نبي الله نوح عليه السلام
لقد ارتبط اسم نبي الله نوح – عليه السلام- بالطوفان العظيم الذي تعرضت له الأرض في زمنه.
حيث إنه عمل كنجار بسبب هذا الطوفان، إذ صنع الفلك أي السفينة لكي يتخذه طريقًا للنجاة منه هو ومن آمن معه كما أمره الله – عز وجل-..
فلقد كان هذا النبي بارعًا في مهنة النجار كما جاء في قوله تعالى (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37)وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) ) [هود].
نبي الله إدريس عليه السلام
عمل إدريس – عليه السلام- في مهنة الخياطة، حيث إنه كان يقوم بخياطة الملابس لمختلف الناس من جلود وأصواف الحيوانات.
كما أنه كان يصنع الملابس البيضاء من أجل الصابئة في عصره، فلقد ورث هذه المهنة عن والده.
ويُجدر بالإشارة إلى أنه كان يعتبر أول من خط بالقلم، حيث إن الله – تعالى- وهبه العلم النافع حتى يستخدمه في دعوته وإقامة الحجة على الكافرين، وذُكر كتب العديد من الصحف والكتب.
نبي الله إبراهيم عليه السلام
كان إبراهيم – عليه السلام- أو كما يُعرف باسم الخليل يعمل في مهنة البناء.
حيث أمره الله – سبحانه وتعالى- ببناء الكعبة أي البيت الحرام.
ولقد ساعده في هذه المهمة ولده إسماعيل – عليه السلام- كما هو في قوله تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة، 127].
نبي الله داود عليه السلام
عمل نبي الله داود – عليه السلام- كحداد، حيث كان يصنع الدروع التي تُستعمل في الحروف.
وهو أول من استخدم هذه الدروع في حربه ضد جالوت مع الملك طالت، إذ استطاع قتل جالوت بأن الله آتاه الحكمة والملك.
فلقد أثنى سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- عليه حيث قال “ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ”.
ويُجدر بالإشارة إلى أن الله – تعالى- ألان له الحديد حتى يستخدمه في صناعته كما في قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبإ، 10].
نبي الله إلياس عليه السلام
عمل إلياس – عليه السلام- نساجًا، حيث إنه تعلم هذه المهنة عن والده.
ولقد كان كلما قام بخياطة غرزة واحدة في النسيج كان يذكر الله – تعالى- معها إذ كان يسبحه ويشكره وكذلك يُثنى عليه.
نبي الله عيسى عليه السلام
وهب الله – عز وجل- سيدنا عيسى – عليه السلام- من العلم ما جعله قادرًا على علاج مختلف الأشخاص، حيث إنه عمل في الطب.
ولقد كان يعالج الأكمه والأبرص ويستطيع إحياء الموتى بأمر الله، كما هو في قوله تعالى (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران، 49].
نبي الله موسى عليه السلام
عمل سيدنا موسى كليم الله – عليه السلام – في رعي الأغنام وذلك بعدما تزوج من ابنة الشيخ وترك قصر فرعون.
حيث كان يرعى الغنم من أجل توفير المأكل والمشرب لوالد زوجته الشيخ الكبير.
وعندما عجز في رجله استخدم عصا يتكئ عليها ويرعى الأغنام، كما هو في قوله تعالى (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ (18)) [طه].
نبي الله يوسف عليه السلام
عمل في البداية سيدنا يوسف – عليه السلام- بعدما نجا من البئر بفضل الله – عز وجل- كخادم لدى عزيز مصر.
ثم دخل فيما بعد السجن بسبب ما الحادثة المعروفة بينه وبين زليخة امرأة العزيز.
ولقد منحه الله موهبة تفسير الأحلام، حيث إنها كانت السبب الرئيسي وراء نجاته من السجن.
إذ استخدمها لتفسير حلم العزيز، وهذا ما جعله يطلبه ليكون خادمه الشخصي.
فمهنة الخادم بالنسبة له كانت مهنة مليئة بحياة الرغد والترف، لذا اقترح على العزيز أن يعينه في مهنة القضاء للاستفادة من قوته البدنية والعقلية.
فعمل يوسف – عليه السلام- على خزائن الأرض، إذ قال الله – تعالى- عنه (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف، 55].
نبي الله صالح عليه السلام
اتبع النبي صالح – عليه السلام- مهنة قومه ثمود التي اشتهروا بها بسبب قوة البنيان حيث إنه عمل في البناء.
فلقد كان قوم ثمود يفضلون نحت البيوت في الجبال، وذكر ذلك في قوله تعالى (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ) [الفجر، 9].
نبي الله أيوب عليه السلام
كان نبي الله أيوب – عليه السلام- يعمل في الزراعة، حيث إنه اشتهر بين الناس بالكرم.
إذ كان يعمل وليمة كل يوم ويدعوا الفقراء إلى القدوم لتناول الطعام.
وهذا قبل أن يُصاب بابتلاء من الله – سبحانه وتعالى- ليختبر إيمانه وصبره وقوته.
إذ ظل طريح الفراش لعدة سنوات، ثم شفاه الله – عز وجل- ورزقه بالخير في ماله وولده.
نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم
إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عمل في مهنة الرعي في بداية حياته مثل باقي الأنبياء.
حيث بدأ العمل بها وهو في عمر السادسة، ولقد كان يفتخر بذلك، كما هو في الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة وهو “ما بعثَ اللَّهُ نبيًّا إلَّا راعيَ غنَمٍ، قالَ لَهُ أصحابُهُ: وأنتَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: وأَنا كُنتُ أرعاها لأَهْلِ مَكَّةَ بالقَراريط قالَ سُوَيْدٌ: يعني كلَّ شاةٍ بقيراطٍ”.
ثم عمل بعد ذلك في التجارة وهو في عمر العاشرة، وهذا لأن التجارة وقتها كانت مهنة قريش.
فلقد كان – صلى الله عليه وسلم- تاجرًا ماهرًا للغاية وهو ما جعل السيدة خديجة – رضي الله عنه- تطلب منه أن يتاجر لها بمالها.
الحكمة من عمل الأنبياء
للعمل أهمية كبيرة في حياة كل فرد تجلت منذ أن اتجه الأنبياء إلى اتخاذ الحرف والمهن البشرية سبيلًا لتعزيز حياتهم والكسب الحلال، إذ تكمن هذه الأهمية في:
إعمار الأرض إلى جانب استثمار خيراتها التي رزقنا الله – تعالى- بها.
إثبات أن الله لم يخلق البشر عبثًا بل خلقهم لعبادته والعمل وذلك لتبين المؤمن منهم من الكافر كما في قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57)) [الذاريات].
التأكيد على أن دين الإسلام هو دين عمل وليس دين كسل.
خاتمة موضوع عن حرف الانبياء ومهنهم
يحتل العمل في الإسلام مكانة عظيمة للغاية، فلقد جاءت العديد من الآيات القرآنية التي تعرض مهن الأنبياء للترغيب في العمل والكسب الحلال، فإن الله – عز وجل- خلق الإنسان لعبادته وتعمير الأرض بالحلال وحثه عن الابتعاد عن الحرام والكسب غير المشروع، ولقد ضرب لنا الأنبياء كمثالًا رائعًا للعمل الحلال والاجتهاد ولاتخاذهم قدوة في حياتنا.
تؤكد الحرف التي عمل بها الأنبياء على أنهم مثل باقي الكائنات التي خلقها الله – عز وجل- حيث كانوا يسعون إلى تعمير الأرض، فمن الممكن الطلاع على هذه الحرف من خلال تحميل موضوع عن حرق الأنبياء بصيغة pdf.