ابحث عن أي موضوع يهمك
ورد بموقع إسلام ويب أن زيد بن عمرو بن نفيل واحد من المؤمنين الموحدين بالله الذين اعتنى الإمام البخاري رحمة الله عليه بالتعرف على سيرته، وكان من قبيلة قريش، ولد بعصر الجاهلية، وقد عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينطلق فجر الدعوة الإسلامية، وتزوج من فاطمة بنت بعجة بنت أمية، وكان موحد بالله قبل الإسلام في عصر الجاهلية، فكان على ملة إبراهيم الحنيفية، إذ كان ينكر عبادة قريش للأصنام والأوثان، وكيفية تعاملهم مع الذبائح، لذا قرر التوجه إلى الشام ليطلب الدَين، وقد توفي مقتولًا على يد بنو لخم خلال عودته إلى قريش من الشام، وكان ذلك في عام 605 ميلادية.
اسمه الكامل هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، وهو واحد من أبناء بني قريش، وتحديدًا من بني عَدي، ويجتمع مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالنسب، حيث إن الخطاب والد عمر بن الخطاب يكون عم زيد بن عمرو، وزيد بن عمرو بن نفيل هو والد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -رضي الله عنه الصحابي الجليل، والذي يعتبر من أفاضل الصحابة الكرام، وهو من العشرة المبشرين بالجنة.
كان العرب بذلك الزمان يعيشون بظلام الجاهلية، وكانوا غرقى بالشرك والجهل، وكانت الكعبة المشرفة تمتلئ بالأصنام، ولكن قلب زيد أنكر ما كان عليه قومه بفطرته السليمة، فقد وجد أن حالهم غير مقبول للعقل البشري السليم، فكان لا يخالطهم بشركهم ولا جاهليتهم، وعلى الرغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قد بُعث بعد، ولكن زيد بنظره وعقله تمكن من التوصل لجحد الحال الذي كان قومه عليه، وله مواقف في ذلك.
ومن أمثلة ذلك ما حدث بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عندما لقي الرسول في واد بمكة، وكان ذلك قبل نزول الوحي على الحبيب المصطفى، وقدمت قريش الطعام له، ولكن زيد رفض أن يتناول من ذلك الطعام، وقال لهم أنه لا يأكل مما يذبحون أنصابهم عليه، ولا يأكل إلا اللحم الذي ذكر عليه اسم الله، وكان يقول لقريش (إن الشاة خلقها الله، وما تأكله من الكلأ قد خلقه الله، فكيف تذبحونها لغير الله؟).
لم يكتفي زيد بن عمرو فقط إنكار ما كان قريش عليه، ولكنه قرر أن يذهب في رحلة من قريش إلى الشام يطلب الدين، ولقي بالشام عالمًا من من اليهود وسأله عن اليهودية فقال له (إنك لن تكون يهودياً حقاً؛ حتى تنال نصيبك من غضب الله)، وهو ما تعجب زيد له وقال (إنما فررت من غضب الله، فكيف أرضى ذلك)، وعاد زيد ليسأله (هل تدلني على غير هذا الدين؟”، فقال اليهودي: “ما أعلم ديناً يعبد الله على حق؛ إلّا أن تكون حنيفاً على ملة إبراهيم).
ثم لقي فيما بعد عالمًا من النصارى فسأله زيد عن دينه فأجابه (إنك لن تكون نصرانياً؛ حتى تنال نصيبك من لعنة الله)، فقال زيد له (ما هربت إلا من هذا، فهل تدلني على غيره؟)، فقال الأنصاري له: (ما أعلم لك إلا الحنيفية دين إبراهيم)، فخرج زيد رافعاً يديه للسماء، يقول: (اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم).
كان زيد بن عمرو بن نفيل متبعًا لدين ملة إبراهيم الحنفية، إذ لم يكون يوجد غير تلك الديانة آنذاك توحد الله جل وعلا، وتنبذ عبادة الأوثان والأصنام، وذلك هو ما مات عليه، فقد كان زيد رحمة الله عليه تعرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأدركه، كما وجالسه وتناول الطعام معه، ولكنه لم يدرك الوقت الذي نزل به الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا لم يشهد انطلاق الدعوة الإسلامية، حيث قتل في طريق عودته إلى قريش من الشام على يد بني اللحم، حين كان يسأل عن دين يتبعه عير الدين الذين يتبعونه.
وهو ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن زيد بن نفيل، حيث روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لقيتُ زيدَ بنَ عمرِو بنِ نُفَيلٍ بأسفلِ بَلْدَحٍ، وذلك قبل أن ينزلَ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- الوحيُ فقدَّم إليه سفرةً فيها لحمٌ، فأبَى أن يأكلَ وقال إنِّي لا آكلُ ممَّا تذبحون على أنصابِكم، ولا آكلُ إلَّا ممَّا ذُكر اسمُ اللهِ عليه، وكان زيدٌ يصلِّي إلى الكعبةِ وكان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ بعد ذلك فيه يُبعثُ أمَّةً وحدَه يومَ القيامةِ)، إذ يقصد بأمة وحده قيامه مقام جماعة بعبوديته لله تعالى.
يرى علماء وفقهاء طائفة الشيعة أن زيد بن عمرة بن نفيل واحد من المؤمنين الذي كان موحد بالله جل وعلا، فهو من الأشخاص الذين اتبعوا ملة إبراهيم الحنيفية، حيث عاش بعصر الجاهلية، وأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل الوحي عليه، وكان دومًا ما يعيب على قوم قريش في عبادتهم للأوثان والأصنام، ولا يأكل أي شيء مما ذبح من الذبائح لغير الله تعالى، وهو والد سعيد بن زيد أحد الصحابة المبشرين بالجنة، وهو ابن عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ تأثر الشيعة بما كان زيد عليه ومدى عزيمته على رفض الأخطاء، وسعيه نحو فعل العبادات على النحو الصحيح.
رجع زيد إلى مكة المكرمة عقب اعتناقه الحنيفية، ولم يكن قد تعلم من شعائرها شيء، ولكن اجتهد في ذلك بعقله، وابتعد تمامًا عن شرك وكفر قريش، فكان يحيي الموؤدة، ويصلي إلى الكعبة المشرفة، وكان يقول لقوم قريش (إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم).
وكان يرحل من مكان إلى آخر يسأل عن دين نبي الله إبراهيم، وقد لقي راهبًا نصرانيًا بالشام، فسأله زيد عن الحنيفية، فقال الراهب له (ما أعلم أحداً على الأرض على الحنيفية اليوم، ولكنه أظلك زمان نبي)، فخرج في طريقه إلى مكة، وحينها لقيه بعض قوم بني اللخم، فقتلوه، ليموت زيد وهو على دين الحنيفية.
زيد بن عمرو بن نفيل هو واحد من أهم الشعراء بالعصر الجاهلي، وقد ترك العديد من دواوين الشعر، ومن أهمها قصيدة (أربا واحدا أم ألف رب) والتي قالها بفراق دين قومه، وسوف ندرج لكم فيما يلي بعض أبيات هذه القصيدة:
أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ … أَدِينُ إذَا تُقُسِّمَتْ الْأُمُورُ عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى جَمِيعًا … كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلْدُ الصَّبُورُ فَلَا الْعُزَّى أَدِينُ وَلَا ابْنَتَيْهَا … وَلَا صَنَمَيْ بَنِي عَمْرٍو أَزُورُ وَلَا هُبَلًا أَدِينُ وَكَانَ رَبًّا … لَنَا فِي الدَّهْرِ إذْ حِلْمِي يَسِيرُ عَجِبْتُ وَفِي اللَّيَالِي مُعْجَبَاتٌ … وَفِي الْأَيَّامِ يَعْرِفُهَا الْبَصِيرُ