ابحث عن أي موضوع يهمك
من هم العتوب الذين تمكنوا من توطيد حكمهم في العديد من الدول العربية والخليج، وفي مقالنا الذي نقدمه عبر مخزن سوف نوضح لكم من هم العتوب وموطنهم الذي عاشوا به في القدم وأصلهم، في إطار توثيق أصل العوائل الشهيرة بالدول العربية ودول الخليج العربي، وشبه الجزيرة العربية، وهو ما يبحث عنه الكثير من أبناء المجتمع الخليجي والعربي للتعرف على أصل نسبهم الحقيقي وإلى أي عائلة وقبيلة ينتمون.
العتوب هم أبناء بني عتبة، وهي قبيلة مكونة من مجموعة أسر عربية كانت تسكن قديمًا المنطقة الشرقية بشبه الجزيرة العربية، وبالتحديد في منطقة نجد، واستطاعت تلك الأسر من تكوين تحالف قبلي كبير، وقد تكون التحالف من عدة أسر ومنها أسرة آل زيد، وأسرة الجلاهمة، وأسرة آل بن علي، وأسرة آل خليفة، وأسرة الصباح والعديد من الأسر الأخرى العريقة.
وكانت تلك الأسر قد اتفقت على الهجرة من الموطن الأصلي الذي نشأوا به، لينتقلوا إلى قطر ويمكثون فيها فترة من الزمن ومنها انتقلوا إلى الكويت ليستقروا بها، ولكن أسرة آل خليفة انفصلت عن العتوب لكي تتفتح البحرين بالتعاون مع أسرة آل صباح، وقد تمكنوا من توطيد حكمهم بها والسيطرة عليها، وهو ما حدث عام 1738ميلادية.
ولكن الجلاهمة وهم ثالث فرع من الحلف العتيبي لم يستطيعوا تأسيس أيًا من الكيانات السياسية التابعة لهم أو الخاصة بهم، وقد هاجرت الأسر المتحالفة من نجد موطنها الأم لكي تستقر على ضفاف الخليج العربي، وقد نشأت علاقات المصاهرة بينهم، وبالرغم من أن العتوب ضمت الكثير من الأسر والتي يعود أصلهم جميعًا بدايةً إلى قبيلة عنزة.
تعددت الآراء حول السبب الذي يعود إليه تسمية العتوب، وقد ذكرت بعض من المصادر إلى القول أن ذلك الاسم ينتمي لأحد القبائل العريقة التي انضمت للحلف، ومن جانب آخر أوضحت مصادر عدة أن كلمة العتوب تم اشتقاقها من الفعل (عتب) ومعناه ارتحل، وأطلقت هذه التسمية عليهم حين عتوبهم باتجاه الشمال، في حين أن بعض المصادر الأخرى أطلقت مسمى بني عتبة عليهم، ويطلق على الفرد منهم عتيبي أو عُتبي.
كانت أسر العتيبي تسكن في القدم منطقة نجد بشرق شبه الجزيرة العربية، وقد تباينت أراء النسابين فيما يتعلق بأصل أسر بني عتبة القبلي، إذ يذهب البعض أنه أحد الأحزاب القبلية المكونة من العديد من القبائل، وبالرغم من اختلاف نسبهم الأصلي القبلي ولكن ربطت بينهم علاقات النسب والمصاهرة، وهناك من النسابون كذلك من يرى أن اسم عتوب كان يطلق على أسر عدة تنتمي للعتيبين ممن كانوا يسكنون بمنطقة وسط نجد في القدم.
حدث خلاف لدى النسابين فيما يتعلق بنسب العتوب وش يرجع، حيث يرى البعض منهم أن أسر العتيبين تنتمي إلى العديد من شجر الأنساب المختلف وممن ذهب إلى ذلك الرأي المؤرخ (عثمان بن سند)، في حين يجمعهم النسب والمصاهرة ولهم بقبيلة عنزة نسب مع أسد بن ربيعة، وآخرون يرون انتمائهم لأسرة بني رشيد والتي تعتبر من الأسر القديمة باستثناء آل خليفة المنتمين لقبيلة عنزة، والبعض من المؤرخين الآخرين ومنهم (أبو علي زكريا أن العتوب) منتمين إلى أسرة (بني سليم بن منصور بن عكرمة)، وهم من القبائل العدنانية الشهيرة.
كان العتوب يسكنون قديمًا منطقة الهدار بمقاطعة الأفلاج في نجد، وفي أوائل القرن الثامن والعشرين الميلادي غادر العتوب منطقة نجد، ومنها اتجهوا لسواحل الخليج العربي، ولا يوجد دليل ثابت يوضح السبب الحقيقي وراء مغادرة العتوب وارتحالهم من نجد، إذ يرى البعض أن مغادرتهم تعود لمعاناتهم من الجفاف الذي أصاب وسط شبه الجزيرة العربية، وهو نتج عنه تفشي المجاعات، مما اضطرهم وغيرهم العديد من القبائل لمغادرة المنطقة والهجرة منها.
ولكن البعض الآخر ذهبوا إلى عودة السبب في هجرتهم لما نشب من نزاع بينهم وبين أبناء عمومتهم من عنزة من بطن (جميلة)، وعقب أن استطاع العتوب هزيمة خصومهم وإجبارهم على مغادرة البلاد، لجأ الخصوم لقبيلة الدواسر، والتي ساندتهم بنزاعهم حتى يتمكنوا من هزيمة العتوب وإخراجهم من المنطقة، ويرجح المؤرخ (النجدي عثمان بن بشر) أن الفترة التي غادر بها العتوب منطقة نجد تترواح ما بين عامي 1085 /1087هجرية، الموافقة لـ1674 /1676ميلادية، وعقب أن زاد القحط واشتد، انتشرت هجمات الجراد اضطر الكثير من القبائل للهجرة باتجاه شرق الجزيرة العربية.
عقب خروج العتوب من منطقة وسط شبه الجزيرة العربية اتجهوا إلى مناطق عدة على امتداد ضفاف الخليج العربي، ومن المناطق التي استقروا بها الكويت وقطر والإحساء وحتى البصرة، وسوف نحدثكم تفصيلًا عن ذلك الأمر في الفقرات التالية:
عقب هجرة العتوب من هضبة نجد ببداية القرن الثامن عشر ذكرت المصادر التاريخية أنهم استقروا بادئ الأمر بالإحساء، إلى جانب ما أوضحته مصادر تاريخية أخرى أنهم تعاونوا بالسيطرة على القطيف مع (براكَ بن غرير)، وهو ما دفع براكَ بن غرير لمنح واحد من زعمائهم أرض زراعية بمحافظة القطيف.
عقب استقرارهم بالإحساء انتقلوا لقرية الفريحة وهي أحد القرى القريبة من الزبارة بقطر، إذ طلبوا الحصول على المساعدة من أمراء قطر آنذاك وهو آل مسلم، وبالرغم من أن الباحثين أجمعوا على استقرار قبيلة بني عتبة بقطر، ولكم حدث خلاف بينهم حول المدة التي طال بقائهم فيها، حيث ذهب أغلبهم إلى القول بأنهم استقروا لوقت بلغ خمسين عامًا تقريبًا، وخلال تلك الخمسين عام تعلموا ركوب البحر.
ولكن البعض الآخر يرى أن وقت إقامتهم في قطر لم يتعدى الثلاثين عامًا، وقد تأقلموا خلالها على العيش في البيئة البحرية، واكتسبوا مهارة صيد اللؤلؤ والغوص، وشاركوا سكان الخليج بعمليات النقل البحري، والبعض من المصادر التاريخية أوضحت أنهم غادروا قطر لما حدث من مشادة بين أحد الضيوف القادمة إليهم من منطقة نجد وبين واحد من أبناء قطر، وقد وصلت المشادة لعراك ترتب عليه مقتل المواطن القطري.
وقد أثارت تلك المشكلة غضب شديد لحكام قطر وهو ما جعلهم يطالبون بني عتيبة بتسليم القاتل من بينهم أو ترك الأراضي القطرية ومغادرتهم لها، وهو ما دفعهم لركوب السفن واتجاههم عبر البحر نحو الشمال عام 1086هجرية/ الموافق 1676ميلادية.
عقب مغادرة العتوب لقطر تفرقوا بالبلاد، حيث استقر البعض منهم بمناطق فارس، وآخرون سكنوا بندر ديلم وميناء جزيرة قيس، إذ اعتمدوا بمعيشتهم على أعمال ثلاث رئيسية وهي النقل البحري، وصيد الأسماك، وجمع اللؤلؤ.
وصل العتوب في عام 1113هجرية/ الموافق 1701ميلادية وطلبوا من والي البصرة العثماني علي باشا الإذن الإقامة بها، ولكنه طلب منهم التوجه لمكان يبعد عن البصرة، وبعدها تفرق بني عتيبة، حيث استقر بعضهم بعبادان، وآخرون استقروا بصبية، والبعض سكن المخراق قريبًا من مدينة البصرة، في حين أن آل خليفة، وآل الصباح، والجلاهمة، والزايد استقروا بخور عبد الله، وسكنوا ببندر أم القصر قريبًا من شط العرب.
وبعد استقرارهم بدأوا العمل بالرعي والتنقل عبر موانئ الخليج بسفنهم البحرية وعقب حربهم التي نشبت مع الهولة طالبهم الوالي العثماني أن يقوموا بإبعاد الخليفات والعتوب من أم القصر، ومنها اتجهوا إلى الجنوب بالصيبة، إذ التقوا هناك مع إخوانهم حين علمت بوجودهم قبيلة الظفير بالصبية اتجهوا إليهم لقتلهم، وهو ما دفعهم للمغادرة نحو الكويت.
حينما وصل العتوب في عام 1127هجرية الموافق 1715ميلادية إلى الكويت طلبوا الإذن من حكام الإحساء وهم بني خالد للإقامة بها، وقد أذن بني خالد لهم، فأقاموا تحت حماية بني خالد بها، إذ عملوا بصيد اللؤلؤ والغوص، وممارسة التجارة، إلى جانب عملهم من وإلى الهند بالتجارة البحرية، فازداد عددهم بالمدينة وازدهر عملهم.
وبحلول عام 1129هجرية الموافق 1716ميلادية تحالف ثلاث رجال من كبار زعماء القبائل ممن يسكنون بالكويت، وهم (رئيس الجلاهمة جابر بن رحمة العتبي، وخليفة بن محمد، وصباح بن جابر بن سلمان بن أحمد)، واتفقوا فيما بينهم على تولية شؤون العمل بالبحر لجابر، وقسمت كافة الأرباح بالتساوي فيما بينهم، وهو ما تم تحت حكم مباشر من الخالدي.
في حين انفصل عن العتوب آل خليفة وغادروا للزبارة بقطر، إلى جانب تمكنهم لاحقًا من فتح البحرين وهو ما حدث عام 1783ميلادية، وطردوا الجنود التابعين للحاكم بوشهر نصر آل مذكور بالتعاون مع آل صباح حكام الكويت.
وبذلك نكون قد عرضنا لكم في مخزن الإجابة على سؤال من هم العتوب وهم قبيلة بتي عتيبة التي تعود أصولها إلى منطقة نجد بشرق شبه الجزيرة العربية ونمنها انتقلوا إلى العديد من المناطق والدول العربية مما جعل لهم الكثير من الفروع المتفرقة في الوطن العربي والخليجي.