ابحث عن أي موضوع يهمك
عرفت المدينة المنورة بذلك الاسم عقب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها هو وأصحابه الكرام، وكانت تعرف قبل ذلك بيثرب، وكان بها سكان أصليون حينذاك وهم العرب من قبائل الأوس والخزرج، وكان يعيش بها كذلك اليهود من قبائل بني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع، وكانت قبيلتي الأوس والخزرج قد هاجروا إلى يثرب من اليمين في القدم، حربًا مما كان يحدث في قرية سبأ من سيل العرم، وقد رأت قبيلتي الأوس والخزرج أن النخيل والأموال بيد اليهود في يثرب، مما جعلهم يعقدون حلف معهم يقتضي حمايتهم لبعضهم البعض، وبدايةً لم يكن للأوس شوكة ولا قوة لمواجهة اليهود، مما جعلهم يقبلون العيش بأقسر الظروف، وحين قويت شوكتهم واشتدت قوتهم شرعوا بالتخطيط للتغلب على اليهود بالمدينة.
بعدما اشتد ظلم كفار قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في مكة المكرمة، أمره الله تعالى بالهجرة إلى المدينة المنورة مع أصحابه تاركين مكة المكرمة، وعند دخولهم إلى المدينة المنورة تمت إعادة الهيكلة للطوائف بالمدينة من السكان الأصلين، لتصبح على النحو التالي:
كان هناك بعض القبائل التي سكنت يثرب أو المدينة المنورة، وهذه القبائل هي:
الأوس والخزرج قبيلتين كبيرتين كانتا تسكنان يثرب في القدم، وتقع يثرب شمال مكة المكرمة، ويفصل بينهم مسافة خمسمئة كيلو متر تقريبًا، وأطلق عليهم الأنصار، لنصرتهم رسول الله صلى الله عليه وصحابته الكرام، وهم من احتضنوا المهاجرين ونصروهم، وقد فعلوا أسمى معاني الإيثار على أنفسهم حين قاسموا أموالهم مع المهاجرين، فضلًا عن الجهاد في سبيل الله.
أما عن نسبهم فكانوا ابنان لحارثة العنقاء بن عمرو مزيقا بن عامر الكهلان، وقد أطلق عليه لقب العنقاء لمدى طول عنقه، وكانت أمهم هي قيلة بنت الأرقم بن عمرو، وكان دخلوهم إلى الإسلام عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتنم المواسم مثل المناسبات الدينية والأسواق التجارية لكي يعرض الإسلام على الأفراد والقبائل، مركزًا في ذلك على القادمين من خارج مكة، عقب رفض أهل مكة الدخول إلى الإسلام.
وبعد إيذاء الرسول وصحابته الكرام أشد الإيذاء بالأخص عقب وفاة أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وخلال موسم الحج بالعام الحادي عشر من النبوة التقى النبي صلى الله عليه وسلم مع ست رجال من أهل يثرب، فعرض الإسلام عليهم وأسلموا، ويمثل إسلامهم بداية دخول أهل يثرب إلى الإسلام.
ومن الأسباب التي جعلتهم يهتدون إلى الإسلام ويقبلونهم من بعد هدي الله سبحانه لهم، أن اليهود جيرانهم كانوا دائمًا ما يتحدثون أن هناك نبيًا سوف يبعث في آخر الزمان، وأن اليهود سيتبعونه ويقاتلون معه، وقد حسب لهم فضل نصرتهم لنبي الله صلى الله عليه وسلم ومن هاجر معه من مكة، فكانوا يمتازون بلين القلب، ورقة الطبع، والخضوع والخشوع لله تعالى حين ذكره، وقد أثنى الله حل وعلا على ما امتازوا به من صفة السخاء، في قوله تعالى بسورة الحشر الآية 9 (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
إن أول من تولى الإمارة على المدينة المنورة كان الصحابي (مصعب بن عمير) رضي الله عنه، حيث ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمارة على المدينة المنورة، وهو ما تم عقب الهجرة النبوية مباشرةً، إذ أن العديد من الناس يعتقدون أن أول من تولى الإمارة على المدينة كان سهل بن حنيف، ولكنها معلومة خاطئة، ومعروف عنه أنه بني حنش بن عوف، وكان من الأوس، وشهد العديد من الغزوات، والمعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن من تاريخ المدينة المنورة، والسيرة النبوية تبين أن مصعب بن عمير هو أول من تولى إمارة المدينة عقب الهجرة.
تولى إمارة المدينة ما يقرب من خمسمائة أمير على مر العصور والسنوات، وكان أول الأمراء والحكام ممن تولوها هو مصعب بن عمير، في حين أن آخر أمرائها كان الأمير فيصل بن سلمان ابن عبد العزيز آل سعود، وقد تولى إمارتها عام 1434هجرية بعهد الدولة الإسلامية، إذ تتبع المدينة حكم مكة المكرمة، وذلك بكل من الإدارة والسياسة والحكم، وقد يوجد بعض القوانين الخاصة بكل منهما، لاعتبارهم من أكثر مدن المملكة رواجًا لدى الأجانب لما يضمونه من معالم سياحية تتواجد بهم.
الاسم الكامل لمصعب بن عمير هو (مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي)، وكان من شباب مكة المكرمة الوجهاء، فكان دائمًا ما يرتدي أفضل الثياب، ويستخدم أفخم أنواع العطور، ودخل الإسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت الدعوة إلى الإسلام ما زالت سرية، وكان بدار الأرقم، إذ كان يهاب أمه، وهي السيدة أم خناس بنت مالك بن المضروب العامرية.
وقد توفي عام ثلاثة من الهجرة، وذلك عقب مشاركته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالعديد من الغزوات والمعارك، وقد حمل في غزوتي أحد وبدر لواء المهاجرين، وقد استشهد بغزوة أحد، إذ قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى في سورة الأحزاب الآية 23 (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
يوجد العديد من الأمراء قد تولوا إمارة المدينة المنورة بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أشهر هؤلاء الأمراء نذكر ما يلي: