ابحث عن أي موضوع يهمك
نوضح لكم في مقالنا التالي عبر مخزن معنى قدم صدق والواردة في كتاب الله العزيز الحكيم في سورة يونس ولكن الكثير من المسلمين عند قراءتها يكونوا في حاجة إلى التعرف على المقصود منها ومعناها، وهو من أهم الأمور التي يجب على جميع المسلمين السعي نحوها وهي فهم آيات القرآن ومعانيها وتفسيرها لما يترتب عليه من زيادة فهم آيات الله الكريمة والتدبر فيها والعمل بها، وفي فقراتنا التالية وبعد ذكر معنى قدم صدق سوف نتطرق إلى عرض الكثير من المعلومات حول سورة يونس.
ورد ذكر عبارة (قدم صدق) في القرآن الكريم بسورة يونس الآية الثانية التي قال بها الله تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ)، وتعني المكانة الرفيعة، ومنزلة الصدق، والأجر الحسن، حيث إن الله جل وعلا وعد في سورة يونس عباده المتقين بالأجر الصادق الحسن الذي لا ينقص شيء منه، وأن جميع ما يقومون به من عمل صالح أجره عند الله الكريم حاضر وموجود، وأن ذلك الأجر الصادق العظيم والمكانة والمنزلة الرفيعة تعد بمثابة البشرى من الله العزيز الحكيم لعباده المؤمنين الصالحين.
ورد في سورة يونس بالآية الثانية منها (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ)، وتشير تلك الآية الكريمة لمن تعجبون من دعوة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأن الله جل وعلا أرسله للدعوة إلى الإسلام، وكأن أمر الدعوات التي سبقت الدين الإسلامي لم تصل إليهم، كما وتشير الآية الكريمة إلى ما خصصه الله للمؤمنين من أجر ومكانة، بينما من كذب وكفر بالدعوة إلى الإسلام فإنه يقول عن القرآن أنه سحر مبين.
سورة يونس سورة مكية تتمحور معظم آياتها على ترغيب العباد بالدعوة، وإيضاح حال العباد المؤمنين الصالحين، وحال المكذبين، كما وأوضحت حال التائبين العائدين إلى الله جل وعلا، كما واشتملت الآيات على الوعظ والنصح بآيات الله الكريمة، والوعظ بما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي، بالإضافة إلى التأكيد على مدى أهمية عدم الشرك بالله ووجوب التوحيد، وترتيب سورة يونس في القرآن الكريم السورة العاشرة، وعدد آياتها مئة وتسع آية.
قيل في فضل سورة يونس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوتي سبعاً من المثاني الطوال، وذكر أن من أخذ السبع الأول فإنه (حَبر) أي أنه عالم، ومن السبع الطوال سورة يونس، ومن يداوم على قراءة سورة يونس، أو من حفظها ينل من الله الأجر العظيم، وأهل القرآن الكريم هو أهل الله تعالى وخاصته.
وكان ختام سورة التوبة السابقة في الترتيب لسورة يونس بالمصحف الشريف حديث عن صفات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لتأتي سورة يونس والتي في بدايتها أزالت الأوهام والشكوك والغطاء عن إنزال الوحي، وأغلب آيات السورة تحدثت عن موقف المنافقين من القرآن الكريم وصفاتهم، كما وتحدثت عما يجب الإيمان به من صفات رسول الله، وهي التوحيد والإيمان بالبعث يوم القيامة، والرسالات السماوية.
سميت سورة يونس بذلك الاسم لما تتضمنه من ذكر لقصة نبي الله يونس عليه السلام، وقد نزلت بعد نزول سورة الإسراء، وقد سبقت حادثة الإسراء الهجرة النبوية بعام، وهو ما يشير إلى أن سورة يونس هي آخر سورة قرآنية نزلت في مكة، حيث نزلت بين حادثة الإسراء وبين هجرة المسلمين إلى المدينة، ومما قيل عن سبب تسمية سورة يونس بذلك الاسم أنها هي السورة القرآنية التي انفردت بعرض قصة نبي الله يونس وقومه الذين آمنوا بالله بعد توعد نبيهم لهم بالعذاب من الله.
تهدف سورة يونس إلى الحديث عما يحدث من جدل في أمور العقيدة الإسلامية، والتأمل بآيات الله في كونه، لكي يصل العباد إلى حقيقة التوحيد، والاعتبار من سيرة السابقين من الأمم، والنظر بسنن الله تعالى في الكون، بالإضافة إلى ذكر بعض من آيات الخالق جل وعلا بالنفس البشرية، التي تسعى لإيصال المرء إلى حقيقة التوحيد، وقد بدأت سورة يونس بإثبات دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته، وبيان عجز المشركين المنافقين على إتيان مثل ما أتى به القرآن الكريم، وانفراد الله جل وعلا بالألوهية بالاستدلال بتدبيره في الكون وخلقه لجميع المخلوقات.
تم ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام بالعديد من المواضع في كتاب الله العزيز الحكيم، ومن الأنبياء الذين ورد ذكرهم بالقرآن نبي الله يونس عليه السلام، والذي حملت سورة يونس اسمه، والذي أرسله الله تعالى لأرض نينوي الواقعة في الموصل بالعراق شمالًا، وعقب دعوته لقومه إلى توحيد الله تعالى ما وجد منهم سوى التكذيب والإعراض والاستمرار على العناد والكفر.
وعندما طال به الأمر على ذلك الحال خرج من أرضهم، ووعدهم بما سيحل عليهم من عذاب من الله، ولم يصبر إلى أن يأتيه الأذن بالخروج من الله ولم يصبر على قومه، لذا ابتلاه ربه بالضيق الشديد والحبس ببطن الحوت في ظلمات البحر، عقب أن ركب سفينة محملة بالكثير من الركاب، وقد ثقلت الحمولة عليها، وماجت بهم إلا أن أوشكوا على الغرق جميعًا، فقرروا الاقتراع فيما بينهم لاختيار واحد يلقي بنفسه إلى البحر خارج السفينة لتخفيف الحمل عن السفينة.
وفي كل مرة كان الاختيار يقع بأمر من الله على اسم نبي الله يونس عليه السلام، لذا قام بإلقاء نفسه إلى البحر، فالتقمه حوت ضخم، مأمور من الله ألا يهشم عظامه ولا يأكل لحمه، وقضى يونس عليه السلام ببطنه وقت الله وحده يعلم مقداره، ولم ييأس نبي الله من رحمة ربه، ولكن دعاه بدعاء ذي النون (اللهم لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين).
فتاب عليه ربه وأمر الحوت أن يلقيه على أرض خالية من البناء والشجر، وكان يونس عليه السلام ضعيف البدن آنذاك، فأنبت الله له شجرة قرع يستظل بها وينتفع من ثمارها، إلى أن استرد عافيته وقرر العودة إلى قومه، والذين كانت بوادر العذاب بدأت تأتي إليهم من الله فخافوا وتابوا وندموا على ما كانوا عليه من تكذيب، فكشف الله العذاب عنهم، وكان عددهم يبلغ مئة ألف أو يزيد، وهو ما ورد ذكره في سورة يونس الآية 98 (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ).
بعدما ذكرنا لكم في الفقرة السابقة مقتطفات من سورة يونس نعرض لكم في هذه الفقرة الدروس المستفادة من قصة نبي الله يونس والتي من أهمها أن العباد عند توبتهم الصادقة إلى الله تعالى بالوقت الذي يقبل به الله توبة العباد فإنه يكون من الفالحين في الدنيا والآخرة، وأن الذكر وتسبيح الله من أهم أسباب إزالة الهموم وتفريج الكروب، وهو الوسيلة التي نجا بها سيدنا يونس عليه السلام من بطن الحوت.
ويستدل من القصة أن للدعاء فضل عظيم، فهو عبادة وعد الله سبحانه وتعالى عباده بالإجابة عند الدعاء، وهو ما ورد في سورة غافر الآية 60 (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، ولذا على العباد المواظبة على الدعاء في مختلف المواقف والظروف والأوقات سواء في الشدة أو الرخاء، وقد بشر الله جل وعلا عباده الداعين أنه لا يتركهم فيما يجدونه من هم أو غم.
حينما كان نبي الله يونس عليه السلام ببطن الحوت دعا الله جل وعلا بدعاء المكروب، وذلك الدعاء كان هو السبب في إنقاذه مما كان عليه من كرب، إذ ورد ذكر الدعاء في القرآن الكريم في سورة الأنبياء الآيات 87: 88 (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)
ومنذ كان ذلك الدعاء هو السبب في نجاة النبي يونس عليه السلام من بطن الحوت واعتبر دعاء تفريج الهموم والكروب، وهو ما قال به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ كَرِبٌ، أَوْ بَلَاءٌ مِنْ بَلَايَا الدُّنْيَا دَعَا بِهِ يُفَرَّجُ عَنْهُ؟ فَقِيلَ لَهُ: بَلَى، فقال: دُعَاءُ ذِي النُّونِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
قدمنا لكم أعزاءنا القراء معنى قدم صدق في مقالنا عبر مخزن والذي تعرفنا من خلالها على الكثير من المحطات في حياة نبي الله يونس وقصته مع قومه والحوت الذي ابتلعه في ظلمات البحر، كما وعرضنا دعاء الهم والكرب الذي كان السبب في نجاة يونس وعودته إلى قومه ليجدهم قد آمنوا به وبالله.