ابحث عن أي موضوع يهمك
وردت الكثير من الأحاديث النبوية المطهرة الدالة عن فضل صوم يوم عاشوراء، من بينها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (صيامُ يومِ عاشوراءَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه)، وهو ما يدل على أن صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب عام مضى، كما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَه على غيرِه إلا هذا اليومَ، يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرَ، يعني شهرَ رمضانَ).
ويوم عاشوراء يقع بالشهر الذي يسن الصوم به، وهو شهر محرم، ويستدل على ذلك مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (وأفضلُ الصيامِ، بعد شهرِ رمضانَ، صيامُ شهرِ اللهِ المُحرَّمِ)، ولمدى ما لصوم عاشوراء من أجر كبير وفضل عظيم كان الصحابة الأجلاء رضوان الله عليهم يحرصون على تعويد أبنائهم على صومه، كما وحافظ بعض السلف على صوم عاشوراء بالسفر، ومن بينهم (الزهري، أبي إسحاق السبيعي، وابن عباس)، وفي صوم عاشوراء يقول الزهري (رمضان له عدّةٌ من أيامٍ أخر، وعاشوراء يفوت).
صوم يوم عاشوراء من السنة، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم (لئن بقِيتُ إلى قابلٍ لأصومَنَّ التاسعَ)، وهناك ثلاث مراتب لصوم عاشوراء بينها ابن القيم بكتابه زاد المعاد، حيث إن المرتبة الأولى والأفضل والأكمل تكون بصوم اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر من شهر محرم، والمرتبة الثانية تكون بصوم اليوم التاسع والعاشر وهو ما ورد بالأحاديث النبوية، في حين تكون المرتبة الثالثة بصوم يوم عاشوراء وحده دون صوم يوم قبله أو يوم تالي له، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بالاختيارات أن صوم عاشوراء وحده غير مكروه.
يوافق يوم عاشوراء اليوم العاشر من شهر محرم، وهو السبب في تسميته بعاشوراء، وأطلق كذلك على يوم التاسع من محرم عاشوراء، وفي تحديد عاشوراء تعددت أقوال العلماء، ولكن يرجح أنه هو العاشر من محرم، وهو ما قال به جمهور العلماء، كما قال في ذلك الإمام النووي رحمة الله عليه (عاشوراء وتاسوعاء اسمان ممدودان، هذا هو المشهور في كتب اللغة قال أصحابنا: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو التاسع منه هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء، وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة).
ويوم عاشوراء هو اليوم الذي نجى الله تعالى به نبيه موسى عليه السلام وجميع من آمن معه من ظلم وبطش فرعون الذي قال لقومه (أنا ربكم الأعلى)، فكان فرعون قاهرًا ظالمًا لبني إسرائيل، وحين حذره كهنته أن هناك صبي سيولد يأخذ الحكم منه أمر بقتل جميع الذكور التي تولد بالمدينة، ولكنهم لم يقاتلوه، بل صبروا عليه، وتوكلوا على الله تعالى بالصلاة والدعاء.
وكان لهم مقابل ذلك من الله خير الجزاء، وهو الوارد في قول الله تعالى في سورة الأعراف الآية 11 (وَأَورَثنَا القَومَ الَّذينَ كانوا يُستَضعَفونَ مَشارِقَ الأَرضِ وَمَغارِبَهَا الَّتي بارَكنا فيها وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسنى عَلى بَني إِسرائيلَ بِما صَبَروا وَدَمَّرنا ما كانَ يَصنَعُ فِرعَونُ وَقَومُهُ وَما كانوا يَعرِشونَ)، وفي الآية السابقة يقول الحسن البصري (الله، لو أنَّ الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يُرفع عنهم، وذلك أنّهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، ووالله ما جاؤوا بيوم خيرٍ قط).
وقع بيوم عاشوراء صلاح وخير كبير، حيث نجى الله تعالى نبيه موسى عليه السلام ومن آمن معه من بني إسرائيل من فرعون عدوه وأتباعه، وأغرقهم بالبحر، فصام موسى عليه السلام شكر لله جل وعلا، وحين هاجر رسول الله صلى الله عليه سلم إلى المدينة المنورة من مكة المكرمة، وجد أن في ذلك اليوم يصوم اليهود، فسألهم عن سبب صومهم فأجابوا (إنّه يومٌ صالحٌ نجَّى الله فيه بني إسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى -عليه السلام).
وحين علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أخبر المسلمين أنه أحق بنبي الله موسى منهم، فصامه، كما وحث الصحابة الكرام على صومه، وفي ذلك ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال (قَدِمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عاشُوراءَ، فَقالَ: ما هذا؟ قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ؛ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قالَ: فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ).
تاسوعاء هو اليوم السابق ليوم عاشوراء، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام بصومه قبل صوم عاشوراء، كما ونوى الحبيب المصطفى صومه، ولكنه توفي قبل تنفيذ نيته، ومن أهم الأسباب التي دعت رسول الله صلى عليه وسلم يحث صحابته على صوم تاسوعاء مخالفة اليهود بصومهم، حيث كانوا يصومون يوم عاشوراء منفردًا، لذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بمخالفتهم، وفي السنة يكون إفراد الصوم مكروهًا، والمقصود بصوم تاسوعاء ربط صوم عاشوراء بيوم آخر لمي لا يتم صومه منفردًا، والاحتياط بصوم عاشوراء خشيةً من عدم المقدرة على رؤية الهلال، وأن يقع خطأ بالحسابات الفلكية، فيكون تاسوعاء الموافق التاسع من محرم هو اليوم العاشر من محرم، ولكن السبب الأبرز هو مخالفة اليهود والنصارى بصومهم.
يوم عاشوراء من الأيام المباركة بالإسلام، لذلك من المستحب أن يتم الإكثار فيه من الأعمال الصالحة، وأهم عمل على المسلم القيام به في عاشوراء هو الصوم، حيث حث النبي صلى الله عليه وسلم على صومه، كما وصامه كذلك، وقد ورد في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (قَدِمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عاشُوراءَ، فَقالَ: ما هذا؟ قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ؛ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قالَ: فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ).
وكل العمل الصالح في يوم عاشوراء مبارك، وعلى المسلم الإكثار من الذكر والعبادة والصلاة، والقول الحسن، والبعد عن المعاصي والآثام، وصوم عاشوراء هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الدعاء في يوم عاشوراء من الأعمال المباركة المستحبة لمدى أهمية ذلك اليوم وعظيم أجره، ولما ورد بحقه في صحيح السنة النبوية من أحاديث مشرفة، وقد قال أبو قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ، وصِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ)، وصيام ذلك اليوم يكفِّر لمن يصومه من المسلمين ذنوب العام السابق له، وفيما يتعلَّق بالدعاء في يوم عاشوراء على وجه التحديد فلا يوجد بالمصادر الشرعية أدعية أو أذكار خاصَّة بيوم عاشوراء، ولكن على المسلم أن يدعو بما تيسر له.