ابحث عن أي موضوع يهمك
كيف يُمكن التخلص من إدمان تعاطي الكوكايين ؟ ، فهناك اعتقاد سائد بأن مشكلة إدمان المواد المخدرة تكمن في المادة المخدرة ذاتها، وهو اعتقاد خاطئ بشكل كبير حيثُ ثبت طبياً وجود فائدة لبعض المواد المخدرة، فمنها ما يُستخدم كمخدر قبل إجراء العمليات الجراحية، ومنها ما هو مسكن لآلام ما بعد إجراء العمليات الجراحية، وبعضها مسكن لآلام الأمراض المستعصية التي يعاني مرضاها من آلام مبرحة،فليست المعضلة في المادة المخدرة وإنما في كيفية استخدامها، فالاستخدام الخاطئ يجعل منها أمراً مضراً محذوراً دينياً وطبياً وقانونياً على مستوى العالم.
يُعد الكوكايين أحد المواد المخدرة التي يتم استخلاصها من نبات الكوكا من خلال طحن أوراقه، وينمو نبات الكوكا بصفة رئيسية في أمريكا الجنوبية مُنذ ما يزيد عن ألف عام حيثُ كانت تُعد من الأشياء الثمينة للغاية لدى قبائل الأنكا، وفي بداية الأمر اقتصر استخدامها على رجال الدين والنبلاء من خلال مضغ هذه الأوراق بالفم لمذاقها الحلو، إلا أنه بعد فترة قد تم ملاحظة تأثيرها المنشط حال استخدامها، ليبدأ الجنود في استخدامها قبل الحروب وكذلك حاملي الرسائل ممن يسيرون لمسافات طويلة لتوصيل الرسائل.
انتقل الكوكايين إلى أوربا في منتصف القرن التاسع عشر، وقد تمكن أحد العلماء والذي يدعى (نيمان) من عزّل العنصر الفعال في نبات الكوكا وأطلق عليه (الكوكايين)، وقد توالت العديد من التجارب عليه لاستغلاله في المجالات الطبية، حيثُ وصفه الأطباء كعلاج لمرضاهم في الكثير من الأمراض، وفي خلال عام 1884م أعلن العالم كارل كول فائدة التخدير الموضعي للكوكايين وإمكانية استخدامه خلال إجراء الجراحات الدقيقة بالعيون.
ومن السابق يتضح لنا أن استخدام الكوكايين كمخدر في بادئ الأمر لم يكن الغرض الأساسي منه، بل تم استخدامه في المجالات الطبية والعلاجية، وهو الأمر الذي استمر على نطاق محدود حتى تم إعلان الكوكايين مادة مخدرة محظور إدمانها في عام 1914 حينما أتجه البعض لاستخدامه كمادة مخدرة بصورة إدمانية.
في الوقت الحالي يتم تعاطي الكوكايين من خلال استنشاق مسحوق الكوكايين من خلال الأنف، كما يتم تعاطي الكوكايين من خلال الحقن في الوريد أو تحت الجلد أو في العضل، وذلك بعد القيام بإذابته بالماء وملح الليمون أو عصارة الليمون الطبيعي، وهنا يجب الإشارة إلى وجود علاقة قوية ما بين الكوكايين والهيروين، فتعاطي الهيروين بعد الكوكايين يؤدي إلى تخفيف حدة الاهتياج الناتج عن التنشيط القوي الناتج من الكوكايين، ليكون الهيروين بمثابة المادة المُثبطة للكوكايين وهو المادة العلوية المنشطة.
ينتج عن إدمان تعاطي الكوكايين العديد من الاضطرابات والأعراض الانسحابية والآثار السمية على الجسم، كما يُسبب الهذيان والهواجس والهلاوس والاضطرابات المزاجية والنفسية، ويؤثر سلباً على الوظيفة الجنسية خاصةً للرجال كما يُسبب اضطرابات النوم والضغط الحاد، ومن أبرز أضرار الكوكايين:
يعمل مسحوق الكوكايين على زيادة معدلات هرمون الدوبامين في الدم الواصل إلى المخ، وذلك من خلال غلق ناقلات الدوبامين في المخ مما يزيد من مستوياتها بداخله، حيثُ يعد الدوامين أحد أهم الناقلات العصبية المسؤولة عن شعور الإنسان بالسعادة والنشوة.
يمنح زيادة مستويات الدوبامين بالجسم شعور قوي بالسعادة والنشوة، وهو الأمر الذي يجعل الكثيرين يقبلون على إدمان الكوكايين، وذلك لما يمنحه لهم من شعور بالسعادة الغامرة والحيوية، كما يمنح الكوكايين شعور مزيف بالقدرة على التركيز والحيوية والنشاط، ليشعر المدمنين بأنهم أصحاب رؤية وقدرة أفضل على إصدار الأحكام الصائبة على الأمور.
يبدأ تأثير تعاطي الكوكايين في الظهور على الجسم سريعاً للغاية، إلا أنه يستمر لفترة قصيرة ليظهر تأثيره في خلال دقائق أو حتى ثوان، إلا أنه يستمر لفترة تتراوح ما بين خمسة دقائق إلى ساعة على الأكثر.
ويبقى الكوكايين في الجسم لفترة طويلة نسبياً، وتختلف تلك المدة وفقاً لمعدل الأيض بالجسم، الجنس، الجرعة، فترة الإدمان، وقد يبقى الكوكايين في الدم واللعاب لفترة تصل إلى 48 ساعة، إلا أن الكوكايين يبقى واضحاً في البول لفترة تتراوح من يومين لتصل إلى أسبوعين في حالات الإدمان الشره والمستمر من فترة طويلة، وقد أوضحت الدراسات أن الكوكايين قد يبقى في الشعر لفترة تصل إلى عدة شهور أو عدة سنوات.
يُسبب تعاطي الكوكايين ضرراً شديداً على المخ حتى في حالة الاستخدام لمرات قليلة أو بمعدل متقطع وغير مستمر، ليظهر تأثيره على هيئة اضطرابات عقلية وتغيرات مزاجية حادة وذلك لتأثيره المباشر على مستوى الدوبامين في الجسم، وتتمثل أهم هذه الاضطرابات في الاكتئاب الحاد بالإضافة إلى العديد من الاضطرابات التي تتضمن:
يظهر لتأثير السلبي لإدمان الكوكايين على الجهاز العصبي من خلال حدوث تلف واضح بالناقلات العصبية بالمخ، فيشعر المريض بالسعادة والقوة وهو في قمة الضعف والوهن، ثم يبدأ التأثير السلبي في الظهور عليه في هيئة هلوسة شديدة، صداع وأرق، دوخة، اكتئاب، مشكلات في القدرة على الحركة، اكتئاب حاد، قلق واضطراب.
مع الاستخدام المتكرر للكوكايين يبدأ الجسم في التعود على الجرعة التي يتم وصولها للدم بانتظام، وحينما يختفي تأثير هذه الجرعة من الجسم يحتاج المريض لأخذ الجرعة التالية في الحال، ومن هنا يكون قد بدأ الجسم في الاعتياد على الكوكايين وإدمانه، وعقب تناول الجرعة مباشرةً تبدأ بعض الأعراض في الظهور على المريض مثل الاكتئاب، الجوع، التعب، الارتباك والرغبة الشديدة في الحصول على المزيد من الجرعات، وحال الاستخدام المتكرر تظهر بعض الأعراض الجانبية والتي تتمثل في:
يمكن الاستدلال على تعاطي أي شخص لمادة الكوكايين من خلال ملاحظة الأعراض الآتية:
يتم علاج المدمنين على تناول الكوكايين في عيادات طبية خارجية، وفي بعض الأحيان يتم علاجهم من خلال منحهم عقاقير أقل تأثيراً من الكوكايين لتسهيل الأعراض الانسحابية عليهم، لذا دوماً ما ينصح المدمنين بدخول المصحات العلاجية للإدمان وذلك لأن الأعراض الانسحابية للكوكايين لا تقتصر على الأعراض الجسدية فقط، بل تتضمن الأعراض النفسية وهي أكثر تأثيراً وأشد ظهوراً، لذا يجب المتابعة الطبية والرعاية النفسية الدقيقة لعلاج المدمن.
وعقب الانتهاء من مرحلة العلاج الجسدي والنفسي يتم الانتقال إلى مرحلة العلاج السلوكي، والتي يتم من خلالها وضع خطة علاجية شاملة للمريض لإعادة تأهيله ودمجه في المجتمع مرة أخرى.
أشارت بعض الإحصائيات إلى أن المصريين يعملون على إنفاق ما يعادل 140 مليار جنيه على مواد المخدرات لا سيما من هم في سن العشرين أو أقل، حيث إنهم يتناولون الكوكايين ليس بغرض الإدمان بل لرغبتهم في التخلص من ضغوطات الحياة والاكتئاب والمشكلات التي يعانون منها، ولكنهم من المؤسف أنهم لا يعلمون أن المشكلة الحقيقة بدايتها وأصلها يكون في تعاطي الكوكايين.
وفقًا للإحصائيات في المملكة العربية السعودية فإن نسبة الإدمان ارتفعت إلى نسب غير مسبوقة من قبل، وبين الفئة العمرية التي تتراوح من 15 إلى 20 سنة، حيث إن السعودية احتلت المركز التاسع في قائمة أكثر الدول العربية التي تعاني من التعاطي والإدمان وذلك بنسبة تبلغ 0.3% من سكانها.
ينبغي على أسرة مدمن الكوكايين أن يلتزموا بالنصائح الآتية للتمكن من التعامل معه بكل سهولة وعدم جعله ينفر منهم ولا يقبل العلاج:
حدوث الإدمان بعد تناول الكوكايين لأول مرة يعتمد على الجرعة التي تم تعاطيها، ولكن هذا لا ينفي حقيقة أن الكوكايين من المواد شديدة الإدمان فمن الممكن أن تتسبب في الإدمان من أول مرة تناولها.
شكل الكوكايين الأصلى يكون عبارة عن مسحوق بلوري لونه أبيض، أما الكوكايين المغشوش فإن شكله يختلف باختلاف المادة المضافة إليه.
قد يؤدي الكوكايين إلى الإصابة بالعقم لتسببه في الإصابة بالضعف الجنسي وانخفاض عدد وجودة الحيوانات المنوية.