ابحث عن أي موضوع يهمك
الصبر في اللغة يناقض الجزع، ويعني حبس النفس وكفها عن السخط والجزع، في حين يعرف الصبر في الشرع بأنه الامتناع عن إتيان ما حرم الله تعالى، وأداء ما أوجبه جل وعلا من فرائض، والامتناع عن الشكوى عما قدره الله جل وعلا من خلال الرضا بمقدوره سبحانه، مع ضرورة حسن التأدب وقت المحن والبلاء.
أما في الاصطلاح الشرعي فيقصد بالصبر أنه الثبات عما ورد بالقرآن الكريم، وبالسنة النبوية المطهرة، والحكمة الإلهية مما يمر العبد به من ابتلاءات في حياته تظهر في العديد من الأمور، إذ يميز الخالق جل وعلا بها صدق عباده، فيظهر كاذبه من صادقه، وهو ما ورد فيه قول الله تعالى في سورة آل عمران الآية 179 (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
والمحن والابتلاءات تعد تربية لنفس العباد بميدان الثبات على الحق، وهو ما ورد به قول الله تعالى في سورة آل عمران الآية 141 (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)، وفي صبر المؤمن على الابتلاء سبب لرفع مقامه ودرجاته بالآخرة.
الصبر شطر من الإيمان، فهو يتضمن الصبر على الطاعة، أو الصبر على المصيبة، والصبر عن المعصية، وهو ما يشمل جميع ما قد يقع العبد به في حياته، وفيما يلي نوضح أنواع الصبر في الإسلام:
وهو الصبر على أداء ما فرضه الله تعالى على عباده من طاعات، حيث تستثقل النفس البشرية بطبيعتها أداء الواجبات، إلى جانب أهواء الشيطان ووساوسه التي تزيد من ذلك الثقل، كما تميل النفس للخمول والراحة، ومن الطاعة التي قد يمتنع العبد عنها بسبب الكسل أداء الصلاة، أما ما يمتنع عنه نتيجة للبخل هو الزكاة، وهو ما قال فيه الله تعالى في سورة مريم الآية 65 (رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا).
وهو الصبر عن إتيان ما نهى الله عنه من ذنوب ومعاصي، ومنع النفس أن تنساق خلف أهوائها وشهواتها، وهو ما حدثنا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم عن جهاد النفس، حيث قال المجاهِدُ من جاهَدَ نَفسَه في اللَّهِ)، وقال تعالى في سورة النازعات الآية 40 (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ).
حيث يجب على المسلم أن يمتنع عن الجزع حين وقوع ما قدره الله عليه، حيث إن الله تعالى قد يبتليه بمرض أو فقر، أو أيًا من الابتلاءات التي قد يكون عاجزًا أن يدفعها عن نفسه، وعليه حينها تعويد نفسه على الرضا والصبر، والابتعاد عن إتيان أيًا من مظاهر السخط مثل الصراخ أو اللطم، وما إلى نحو ذلك.
فالصبر واجب التمسك به على كل مسلم، والرضا بما قسمه الله يقع بمرتبة أعلى من الصبر، والفرق بينهما أن الراضي بقضاء الله لا يجد ألمًا أو ضيقًا بنفسه مما حدث له، والشكر أعلى من كليهما، لأن شكر المؤمن خالقه على ما أصابه به من بلاء واعتباره نعمة يرفع من شأن العبد عن الله تعالى في الدنيا والآخرة.
هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي دلت على عِظم أجر الصبر، ومن بينها ما يلي:
يترتب الثواب والأجر من الله تعالى على من فقد حبيب له وصبر، ويكون جزاءه الجنة، وهو ما قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم في روايته عن الخالق جل وعلا (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: ما لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِندِي جَزاءٌ، إذا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِن أهْلِ الدُّنْيا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إلَّا الجَنَّةُ).
أمر الله جل وعلا عباده المسلمين أن يستعينوا على الظلم بالصبر، وجعل الصبر سببًا للنصر والعون، وقد نصر الله سبحانه بني إسرائيل على فرعون نتيجة لصبرهم على مُصابهم، وهو ما قال فيه الله تعالى في سورة الأعراف الآية 137 (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ).
ورد الكثير من الآيات القرآنية الدالة على فوائد الصبر وفضله، ومنها: