ابحث عن أي موضوع يهمك
ما معنى جوامع الكلم هو ما نجيبكم عنه في مقالنا التالي عبر مخزن بشكل تفصيلي، وهي عبارة دوماً ما كانت ذات صلة بالدين الإسلامي والتي وردت في الكثير من الأحاديث النبوية المشرفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنعم الله تعالى عليه بالفصاحة والبلاغة في الكلام والحديث، والذي كان من دلائل نبوته وعظمته لسانه المبين وكلمته الصادقة، وحكمته البالغة وهو ما سيتضح من خلال ما سنذكره في فقراتنا التالية، فتابعونا.
اجتمع في رسول الله صلى الله عليه وسلم صفات لم تجتمع في غيره من الخلائق حيث كان أعذب الناس لفظاً وأكثرهم فصاحةً، وكان حديثه يأسر الروح ويجمع القلوب، فلم يكن سريعاً من الصعب حفظه، ولا منقطع لا يقدر السامع على إدراكه، وهو ما شهد له به جميع من سمعه، ومن أجمل صفاته أنه أوتي جوامع الكلم حيث كان يذكر من الحديث القليل وفي مضمونه المعنى الكثير.
وفي قول ابن حجر أن جوامع الكلم يقصد بها القرآن الكريم، وذلك لما يتضمنه من معاني كثيرة بالقليل من الألفاظ، وفي ذلك ذكر المناوي بكتابه فيض القدير “أعطيت جوامع الكلم أي ملكة أقتدر بها على إيجاز اللفظ مع سعة المعنى بنظم لطيف لا تعقيد فيه يعثر الفكر في طلبه ولا التواء يحار الذهن في فهمه، وقيل: أراد القرآن. وقيل: أراد أن الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الأمور المتقدمة جمعت له في الأمر الواحد والأمرين”.
ورد معنى جوامع الكلم في معجم المعاني بأنها ما يكون لفظه قليلاً ومعناه جزيلاً، وذلك كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما قالت فيه السيدة عائشة رضي الله عنها (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل، يحفظه من جلس إليه).
وقد جعلت تلك الخاصية التي اتصف الرسول بها الفقهاء في حالة من الحيرة حول البعض من الأحاديث التي وردت عن النبي الكريم، والتي وصفها البعض بأنها تعبر عن الدين الإسلامي بشكل كامل إن أضيف بعضها إلى بعض، ومن أمثلة تلك الأحاديث ما ورد عن عمر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “إنما الأعمال بالنيات”، وحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الرسول الكريم قال “من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس فيه، فَهُوَ رَد”، وقوله صلى الله عليه وسلم “الحلال بَيِّنٌ والحرام بين”.
وفي ذلك قال العز بن عبد السلام “ومن خصائصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه بعث بجوامع الكلم، واختصر له الحديث اختصاراً، وفاق العرب في فصاحته وبلاغته”، وما ذكر في صحيح البخاري “بلغني في جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله..”.
إن جوامع الكلم تعد من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم والتي بعثه الله بها، وفي ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي”، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه “وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها”.
وللعلماء قولان في معنى جوامع الكلم حيث قال الزهري بها أنها من صفات رسول الله لأنه كان قليل اللفظ يتحدث بإيجاز ولكن في حديثه ذاك المعاني الكثيرة، وفي قول آخر للعلماء أن جوامع الكلم هي القرآن وهو ما استدلوا عليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم (بعثت)، حيث بعث النبي الكريم بالقرآن وهو الغاية باتساع المعاني بألفاظ موجزة.
ومعنى مفاتيح الكلم وجوامعه أن من يؤتى مثله يكون ذو مقدرة على إيجاز الألفاظ دون إخلال بالمعنى، حيث يأتي الكلام بنظم بسيط خالٍ من التعقيد لا يحتاج من يستمع إليه إلى التفكير الكثير، ولا يصاب بحيرة الذهن والتشتت، هو ما يكون غاية الفصاحة والبلاغة التي تمتع بها الرسول الحبيب.
وقد تم تشبيه جوامع الكلم والحديث الموجز القليل ذو المعنى المفهوم الواضح بأنه مثل مفاتيح الخزائن والتي تعد بمثابة الآلة للوصول إلى جميع المخزونات، وفي ذلك قول أبو موسى الأشعري حين وصف كلام الرسول صلى الله عليه وسلم (وكان قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه).
كما وذكر أبو عثمان عمرو بن بحرالجاحظ أن جوامع الكلم يمثل فن كان يتمتع به الرسول صلى الله عليه وسلم والذي يتمثل في الكلام قليل الأحرف ذو المعاني الكثيرة، المنزه عن التكلف والصنعة، وما كان رسول الله من المتكلفين أبداً، ومن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم التي تعد مثالاً على جوامع الكلم:
- “إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ؟ قَالَ: «الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي الْمَنْبَتِ السُّوءِ”.
- “مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ…”، وهو ما يمثل أوجز الكنايات وأحسنعا وأكثرها دلالة على المعنى الذي لا يوجد بينه وبين لفظه صلة، ويقصد بذلك الحديث الشريف أن من خاف النار يجتهد في العمل، ومن أجتهد في العمل بلغ دخول الجنة وفاز بها، حيث جعل الرسول الحبيب من يخشى النار كالمسافر الخائف من أن يضيع منزله فيرحل سيراً بأول الليل.
- “إن المنبتَّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى” ومعنى قول الرسول ذاك أن العجول في أمره يكون في حالة من التعب والمشقة له ولغيره، مثله مثل الراكب الذي يقوم بقصم ظهر بعيره أو دابته، دون أن يبلغ غايته.
- قول الرسول صلى الله عليه وسلم “الحمو الموت”، وهو ما يقصد به الحبيب المصطفى انه مثل الموت فيما يمثله من خطوة حين دخوله، وما قد ينتج عن ذلك من محاذير ومفاتن.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم:”الدال على الخير كفاعله”، وقوله “الظلم ظلمات”، وقول الحبيب المصطفى “الدين النصيحة”.
- “حمي الوطيس” والتي قال عنها جابر رضي الله عنه (: والله إنها كلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبله).
ذكرت جوامع الكلم في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، وغيرها في أقوال العلماء، ومن بين تلك الأحاديث:
- ورد بحديث أبي موسى الأشعري عند مسلم أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذاً إلى اليمن فقال: “وادعوَا الناس، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا”، قال: فقلت: يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن: البتع، وهو من العسل ينبذ حتى يشتد، والمِزْر، وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه، فقال: “أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة”، حيث وصف أبي موسى الأشعري في ذلك الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلك بجوامع الكلم.
- في صحيح مسلم ما ورد عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” فُضِّلتُ على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم”، وفي صحيح البخاري: “أعطيت مفاتيح الكلم…”.
إلى هنا عزيزي القارئ نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا في مخزن والذي عرضنا به الإجابة على سؤال ما معنى جوامع الكلم والتي تعد من أجل صفات النبي الكريم وأعظمها التي منحه الله تعالى إياها وفضله بها عن غيره من الخلائق، والتي ساعدته كثيراً في طريق دعوته إلى الإسلام حيث كان الكلام الذي يجري على لسانه فصيحاً سهلاً مفهوماً ومسترسلاً، وللاطلاع على المزيد من المعلومات يمكنكم زيارة مقالاتنا التالية: