ابحث عن أي موضوع يهمك
يوافق يوم الغدير الثامن عشر من شهر ذي الحجة من كل عام هجري، وهو من الأيام المشهورة لدى أهل الشيعة، ويرجع بداية وأصل ذلك اليوم لمنطقة معروفة (بغدير خم) وهي منطقة واقعة ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، قريبًا من منطقة الجحفة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل بها عقب رجوعه من حجة الوداع، وهي الحجة التي خطب بها خطبة عظيمة تحدث بها عن الكثير من الأمور، منها فضل الصحابي الجليل علي أبن أبي طالب رضي الله عنه.
وذلك مثلما ورد بالحديث المشهور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال به (ألستُ أَوْلى بالمؤمنينَ مِن أنفُسِهم؟ قالوا: بلى، قال: مَن كنتُ مَولاه، فعلِيٌّ مَولاه، قال مَيمونٌ: فحَدَّثَني بعضُ القَومِ، عن زَيدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: اللَّهُمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه)، ومعنى ذلك الحديث الشريف عدم وجود أي خلاف لدى أهل السنة حول مكانة وفضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
حيث يأتي الصحابي الجليل علي ابن أبي طالب بالفضل بعد أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان، وفيما يتعلق بما يزعمه أهل الأهواء والبدع أن الله جل وعلا أنزل بيوم الغدير الآية الثالثة من سورة المائدة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وأن الصوم به مستحب فهي لا تتعدى كونها افتراءات لا يوجد أي دليل عليها، حيث نزلت هذه الآية الكريمة قبل ذلك، في يوم عرفة بحجة الوداع.
يوم الغدير لدى الشيعة هو ذلك اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن أبي طالب وصيًا من بعده وفق اعتقادهم، وهو اليوم الموافق للثامن عشر من شهر ذي الحجة من العام العاشر للهجرة، وهو عندهم من أعظم الأيام، وأعظم الأعياد، وصوم يوم الغدير حكمه أنه مستحب ولكنه ليس واجب، ولا محرم صومه، وهو يوم مقدس لدى الشيعة، يعظمونه إلى الحد الذي يكون صومه لديهم مستحب، لأن به تنصيب للإمام علي ابن علي طالب رضي الله عنه وليًا على المسلمين وفق اعتقادهم بحديث الغدير الثابت والمشهور، وهو من الأحاديث الهامة والمصيرية لديهم، لإثباته ولاية علي رضي الله عنه، لذا فإن صومه مستحب لديهم.
أجمع علماء الدين الإسلامي وأهل السنة أن عيد غدير خم ليس مشروعًا، واعتبروه من الأعياد المبتدعة، ووفقًا لذلك لا يجوز الاحتفال بعيد الغدير لدى أهل السنة، وذلك العيد موجود ومعترف به لدى الرافضة من أهل الشيعة، إذ يحتفلون به في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من كل عام هجري، حيث يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عين به الإمام علي ابن أبي طالب خليفة من بعده على المسلمين، وذلك بخطبته التي قالها بغدير خم.
لا يوجد أحاديث صحيحة وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحث على صوم يوم الغدير، ولكن الأحاديث التي وردت في ذلك الصدد ما هي إلا أحاديث باطلة وموضوعة، ومن بينها الحديث التالي (عن أبي هريرةَ قال لما أخذ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيد عليٍّ قال من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي قال أبو هريرة وهو يومُ غديرِ خُمَّ من صام يومَ ثمانِ عشرةَ من ذي الحجةِ كُتِبَ له صيامُ سِتِّين شهرًا)، وذلك من الأحاديث المنكرة التي لا يصح تداوله أو نقله، حيث لم يرد أي حديث صحيح بصوم يوم الغدير.
أتى متن حديث غدير خم بالحديث الذي أخرجه مسلم بصحيحه الوارد عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه إذ قال (… قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ، فيه الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به، فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي…).
لم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعيين علي ابن أبي طالب خليفة على المسلمين بغدير خم، ولكن ذلك لا يتعدى مجرد كونه زعم من أهل الشيعة، وهو زعم باطل، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لو رغب بتعيين علي ابن أبي طالب خليفة على المسلمين لقام بذلك في يوم عرفة، أو بعيد الأضحى حين اجتماع المسلمين، لكي يشهد باقي المسلمين على ذلك في حالة اعتراض أهل المدينة، والله أعلم.