ابحث عن أي موضوع يهمك
لماذا نتوضأ بعد اكل لحم الجمل وما حُكم الوضوء لمن أكل لحم الجمل ، فمن رحمة الله ـ عز وجل ـ بنا أن أباح لنا جميع الطيبات في الدنيا وحرّم علينا ما هو خبيث ضار ، ومن ضمن الطيبات التي يُمكن للمسلم تناولها دون ضرر لحم الإبل ، إلا أنه هناك أمر بالوضوء بعد تناوله ، وذلك لوجود عدد من الأسباب الداعية إلى الضوء بعد تناول لحم الإبل من بينها أن لحم الإبل ذو قدرة على أن يجعل الإنسان يغضب سريعاً من أقل شيء، لذا يأتي الوضوء ليُبرد الأعصاب ويُطفئ من نار الغضب ويهدئ نفس الإنسان، ويعود السبب وراء هذا الأمر إلى أن الجمل من الحيوانات الأنانية التي تعمل على تخزين طعامها في سنامها.
وقد أرجع بعض العلماء هذا الأمر إلى أن ضرورة الوضوء بعد تناول لحم الإبل يعود إلى الطبيعة الشيطانية الموجودة بها، فمن يأكل لحومها تنتقل إليه هذه الطبيعة، وذلك استناداً على قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لا تصَلُّوا في مبارِكِ الإبِلِ؛ فإنَّها من الشياطينِ)، والمياه ذات قدرة على تهدئة هذه الطاقة وإطفائها، وذلك لقول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنَّ الغضبَ منَ الشيطانِ، وإنَّ الشيطانَ خُلِقَ منَ النارِ، وإنما تُطْفَأُ النارُ بالماءِ، فإذا غَضِبَ أحدُكُم فلْيَتَوَضَأْ)، فيكون بذلك الوضوء لازماً لإزالة أثر أكل لحم الإبل عن الإنسان.
لذا يتوجب على المسلم الوضوء لذهاب هذا الأمر عنه، كما قيّل أن هذا الأمر يعود إلى كوّن لحم الإبل من اللحوم شديدة التأثير على الأعصاب والتي تعمل على تهييجها، ومن المؤكد أن الوضوء يُهدئ النفس والجسم لذا فقد أُمرنا بالوضوء بعد تناول لحم الإبل.
ويُعد موقع إسلام ويب أحد أبرز المواقع الدينية ثقةً في أخذ الأحكام الدينية المختلفة لدى المسلمين في مختلف دول العالم العربي، وذلك لاستناده على الدلائل الدينية من القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة، وحينما ورد إليه سؤال أحد المتابعين حول التفسير العلمي والديني لكوّن لحم الإبل من نواقض الوضوء، فقد جاء الرد على النحو الأتي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على كل مسلم أن يسلم لما قضاه الله عز وجل وحكم به، ولو لم يهتد إلى الحكمة من شرعيته، قال الله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [القصص:68]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36].
ولكن تلمس الحكمة من شرعية أحكام الله عز وجل لا حرج فيه، لأنه يزيد في الإيمان، وقد تلمس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الحكمة في كون أكل لحم الإبل ينقض الوضوء، وغيره من اللحوم لا ينقض، فقال: ثم إن الإمام أحمد وغيره من علماء الحديث زادوا في متابعة السنة على غيرهم، بأن أمروا بما أمر الله به ورسوله، مما يزيل ضرر بعض المباحات، مثل لحوم الإبل، فإنها حلال بالكتاب، والسنة، والإجماع، ولكن فيها من القوة الشيطانية ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إنها جن خلقت من جن. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود: الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. فأمر بالتوضؤ من الأمر العارض من الشيطان، فأكل لحمها يورث قوة شيطانية، تزول بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحمها، كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه، فمن توضأ من لحمها اندفع عنه ما يصيب المدمنين لأكلها من غير وضوء كالأعراب، من الحقد، وقسوة القلب، التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: إن الغلظة وقسوة القلوب في الفدادين، أصحاب الإبل، والسكينة في أهل الغنم. اهـ. ، والله أعلم.
أشار الإمام ابن باز ـ رحمه الله ـ أن تناول لحم الإبل ولبنّه لا يُبطل وضوء الإنسان، وإنما ما يُبطل وضوء المرء المسلم هو تناول لحم الإبل بشكل خاص عن غيره، وقد جاء قوله هذا استناداً على الحديث النبوي الشريف الوارد برواية البراء بن عذاب عندما قال: (سُئِلَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- عنِ الوُضوءِ من لحومِ الإبلِ، فقالَ: تَوضَّئوا مِنها وسئلَ عن لحومِ الغنمِ ، فقالَ: لا توضَّئوا منها، وسئلَ عنِ الصَّلاةِ في مَبارِكِ الإبلِ ، فقالَ: لا تصلُّوا في مبارِكِ الإبلِ ، فإنَّها منَ الشَّياطين وسُئِلَ عنِ الصَّلاةِ في مرابضِ الغنمِ ، فقالَ: صلُّوا فيها فإنَّها برَكَةٌ).
وفيما يتعلق بسبب نقض وضوء المسلم بعد تناول لحم الإبل، فقد قال ابن الباز ـ رحمه الله ـ أنه قد ثبت عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمره للمسلمين بالوضوء بعد تناول لحم الإبل، إلا أنه لم يتم بيان الحكمة من هذا الأمر، ولكن اليقين هو أن الله ـ سبحانه ـ لم يأمر المسلمين بشيء أو يناهم عنه شيء آخر إلا لوجود نفع وخير لهم في الدنيا والآخرة، ولم يتم منع شيء سوى لضرره على الإنسان، لذا يكون من الواجب على المسلم تقبل كافة أوامر الله ـ عز وجل ـ واجتناب كافة ما نهانا عنه رب العالمين دون سؤال عن السبب أو معرفة الحكمة، لأننا عباد الله ـ جل شأنه ـ المأمورين بطاعته وعبادته واتباع سُنة نبيه الأمين محمد بن عبد الله، لذا علينا الامتنثال لأوامر رب العالمين والتسليم لأمره مع الإيمان بحكمه وعلمه في كل شيء به خير للإنسان.
اختلفت أراء العلماء حول حكم الوضوء بعد تناول لحم الإبل، وذلك على النحو الآتي:
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : فإن قيل: ما الحكمة من وجوب الوُضُوء من أكل لحم الإبل؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن الحكمة أمرُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وكل ما أتى به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم من الأحكام فهو حكمة….. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] .
وقالت عائشة لما سُئلت: ما بال الحائضِ تقضي الصَّوم، ولا تقضي الصَّلاة؟ قالت: «كان يُصيبُنا ذلك على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنؤمر بقضاء الصَّوم، ولا نؤمر بقضاء الصَّلاة.
ولأننا نؤمن ـ ولله الحمد ـ أن الله لا يأمر بشيء إِلا والحكمة تقتضي فعلَه، ولا ينهى عن شيء إلا والحكمة تقتضي تركَه.
الثاني: أن بعض العلماء التمس حكمةً فقال: إِن لحم الإِبل شديدُ التَّأثير على الأعصاب، فيُهَيِّجها ؛ ولهذا كان الطبُّ الحديث ينهى الإِنسان العصبي من الإِكثار من لحم الإِبل، والوُضُوء يسكِّن الأعصاب ويبرِّدها، كما أمر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالوُضُوء عند الغضب؛ لأجل تسكينه. وسواء كانت هذه هي الحكمة أم لا؛ فإِن الحكمة هي أمر النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، لكن إِن علمنا الحكمة فهذا فَضْلٌ من الله وزيادة علم، وإن لم نعلم فعلينا التَّسليم والانقياد