ابحث عن أي موضوع يهمك
لماذا سميت سورة لقمان بهذا الاسم هو ما يدور حوله مقالنا والذي نعرضه لكم في مخزن، وهي من السور المكية التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، وقد بلغت عدد آيات السورة الكريمة أربع وثلاثين آية، وسوف نوضح لكم في الفقرات التالية سبب تسمية سورة لقمان، وأسباب نزولها وغيرها الكثير من التفاصيل حول سورة لقمان.
إن السبب في تسمية سورة لقمان بذلك الاسم يرجع إلى ما تضمنته من ذكر لوصايا لقمان الحكيم لابنه، إلى جانب ما تردد ذكره كثيراً بها لاسم لقمان وذلك لأنها تتضمن ذكر قصته ووصاياه، في حين لم يرد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو نقل شيء عنه حول سبب آخر لتسميتها على وجه التحديد.
ولم يرد لها أي اسم آخر بكتب التفسير، وهي السورة الواحد والثلاثون من حيث الترتيب بالمصحف العثماني، وفيما يتعلق بترتيب النزول فقد سبقت في النزول لسورة النبأ، وأتت بعد سورة الصافات، مما يجعل ترتيبها وفق النزول السورة السابعة والخمسون.
ورد العديد من الأسباب التي نزلت سورة لقمان لأجلها، وسوف نعرض لكم إيضاحاً ليعض من تلك الأسباب فيما يلي:
- أخرج جُويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما حول السبب الذي نزلت سورة لقمان لأجله في قول الله سبحانه بسورة لقمان الآية 6 (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)، أن تلك الآية قد نزلت في النضر بن الحارث، في حين لم يذكر اسمه بغيرها من الروايات، والذي كان يأخذ بالقوم إلى مُغنيّةٍ لكي يصدهم عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كان النضر بن الحارث من أكثر الناس عداءً للمسلمين والدعوة للإسلام، ولأنه كان من بين أسياد قريش استغل ذلك في إبعاد الناس عن الرسول الكريم وعن دعوته للإسلام.
- وفي سبب نزول سورة لقمان أخرج ابن جرير عن عكرمة أن الله تعالى قال في الآية الـ27 (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، أن هذه الآية قد نزلت بأهل الكتاب عقب قول الله جل وعلا في سورة الإسراء الآية 85 (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)، والتي نزلت بعد سؤال النبي الكريم عن الروح، لذا أراد الله تعالى أن يبين أمرها لهم.
- أخرج أبي حاتم وابن جرير عن مجاهد حول سبب نزول سورة لقمان ما قاله الله تعالى في الآية 34 من سورة لقمان (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، أن نزولها كان في أحد أهل البادية حينما توجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بسؤاله حول بعض من الأمور الغيبية التي لا علم بها إلا عند الله.
إن لقمان الحكيم هو أحد الرجال الصالحين ولكنه ليس نبياً، وقد ذكر أن الله جل وعلا قد خيره فيما بين أن يكون نبياً أو حكيماً ولكنه اختار الحكمة، وحين أتى جبريل عليه السلام إليه خلال نومه وأنزل الحكمة عليه صار ينطق بها، وقد وجه إليه سؤال حول السبب الذي جعله يختار الحكمة بالرغم من أن الله سبحانه خيره بينها وبين النبوة، فكان جوابه “إنّه لو أرسل إلي بالنبوة عزمة، لرجوت فيه الفوز منه، ولكنت أرجو أن أقوم بها، ولكن خيرني فخفت أن أضعف عن النبوة فكانت الحكمة أحب إلي”.
وهو لقمان بن ياعور ابن أخت أيوب عليه السلام وفي قول آخر ذكر أنه ابن خالة النبي أيوب عليه السلام، وهو من مدينة أسوان في مصر، وفي قول آخر أنه كان من أسوان، ثم هاجر إلى فلسطين، وقد اختلفت الأقاويل حول مهنته حيث قيل أنه كان نجاراً، وقيل راعياً أو خياطاً، ولكن القول الراجح أنه كان نجاراً، وكان في بادئ الأمر عبداً ولكن تم عتقه، وكان كثير النصح والوصايا الدنيوية والدينية.
كان لقمان عبداً له مالك ولكن لشدة ما وجده القوم به من حكمة ووقار قاموا بعتقه ومنحه حريته، لأنه من الغير المنطقي لمثل ذلك الشخص المتمتع بهذه الحكمة أن يبقى عبداً، ولكن لم يرضى سيده بذلك إلى بعد أن يخضعه لاختبار، حيث طلب منه أن يقوم بذبح شاه ويأتي إليه منها بأطيب قطعة منها.
قام لقمان الحكيم بذبح الشاه وأتى لسيده منها بلسانها وقلبها، عقب مرور وقت من الزمن طيب سيده له أن يذبح شاه ويأتي منها له بأخبث جزء منها فذبحها لقمان واتى منها إليه بلسانها وقلبها أيضاً، مما إنهما إن طابا فقد طاب كل شيء في الحيوان، وإن خبثا فقد خبث كل شيء في الحيوان، هذه هي الحكمةأثار تعجب سيده وطلب منه أن يخبره بتفسير ذلك الفعل فكان جوابه “، فما كان من سيده إلا وعتقه على الفور.
شملت وصايا لقمان الحكيم لابنه الكثي من الأمور التربوية والدينية، والتي وردت جميعها في آيات سورة لقمان، تلك الوصايا هي:
- عدم الشرك بالله: تلك هي الوصية الأولى التي أتى بها لقمان لحكيم لابنه، والتي أمره من خلالها بالامتناع التام عن الشرك بالله سبحانه، وهو ما ورد في قول الله تعالى بسورة لقمان الآية 13 (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
- بر الوالدين: هي الوصية الثانية من لقمان الحكيم لابنه، وهي الإحسان إلى الوادين وبرهما وحسن معاملتهما، حيث أوضح في وصيته مدى ما تعانيه الأم في تربية أبنائها من مشقة وتعب، وهو ما أتى في قول الله تعالى في الآية 14 (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
- خشية الله وحفظ حدوده: حيث وصف بوصاياه لابنه أن المرء لا بد وأن يخاف الله جي وعلا في أبسط الأمور وأصغرها، وعليه أن يستشعر مراقبة الله له دوماً وأن يقيم حدوده، وهو ما ورد في قول الله جل وعلا في سورة لقمان الآية 16 (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).
- إقامة الصلاة: وذلك أنها أشمل وأهم العبادات، وهو ما ورد في وصية لقمان الواردة في قول الله تعالى الآية 17 (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ).
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حيث يساعد اتباع ذلك على الحد من المنكرات ونشر الوعي بين الجميع، كما تبين تلك الوصية دور الجميع تجاه الوطن وما يساهم ذلك به من تغييره له إلى الأفضل، وهو ما ورد في قول الله تعالى في سورة لقمان الآية 17 (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
- الاعتدال بمعاملة الناس: على المرء أن يتعرف على الطريق التي يمكنه من خلالها التعامل مع الناس، لكي لا يكون متكبراً، ولا مغروراً أو ذليلاً، وهو ما أتى في قول الله تعالى بسورة لقمان الآية 18 (لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا).
- عدم التكبر والغرور: حيث إنهما صفتان لا يحبهما الله سبحانه، حيث أوصى لقمان ابنه أن يمشي متواضعاً بين الناس، وألا يكون متعجرفاً أو متكبراً، وهو ما أتى في قول الله تعالى في سورة لقمان الآية 18 (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).
- الاتصاف بالتواضع: أوصى الحكيم لقمان ابنه أن يتواضع فيما معاملته مع الناس، وذلك لأن الغرور من الأمور التي تزيد من الحقد والكراهية والعداوة بين الناس، وهو ما ورد في قول الله تعالى في سورة لقمان الآية 19 (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ).
- الاعتدال بالصوت: إذ يشير ذلك إلى اعتدال الإنسان في شخصيته، حيث يدل الصوت المرتفع على ضعف شخص الإنسان، حيث أكد لقمان أن الصوت المرتفع هو صوت منكر، وهو ما ذكره الله تعالى في الآية 19 (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).
كانت تلك الإجابة على سؤال لماذا سميت سورة لقمان بهذا الاسم عرضناها لكم في مخزن، كما وذكرنا لكم التعريف بلقمان الحكيم، وما ورد في سورة لقمان من وصاياه لابنه.